الرئيسيةمختاراتمقالاتحرب إسرائيل على التعليم في القدس.. صراع الرواية

حرب إسرائيل على التعليم في القدس.. صراع الرواية

كتب: باسم برهوم

القدس محور الصراع، فمنها تبدأ كل الادعاءات والروايات الحقيقية والاسطورية، وفي القدس يتم تحويل الاسطورة الى تاريخ، كل ذلك كان من الممكن ان يبدو طبيعيا لو لم تأت الصهيونية وأعوانها لتحاول احتكار المكان لنفسها. لقد تعايشت الروايات في القدس معظم الوقت، وكانت متعايشة قبل ان يحضر الاستعمار الأوروبي ومعه المشروع الصهيوني. وحاليا هناك حرب تخوضها إسرائيل على المناهج الفلسطينية في مدارس القدس الشرقية المحتلة، انها جزء من صراع الروايات، على التاريخ بهدف تبرير السيادة.

صحيح ان الصراع في القدس يدور على كل شيء، ربما على كل حجر، وكل رمزية، وبالأساس على الأرض، إلا ان الصراع على التعليم ومناهجه، هو الصراع على الرواية، وهو محاولة للهيمنة الإسرائيلية على التاريخ بهدف السيطرة على الحاضر والمستقبل. التهمة جاهزة ان المناهج الفلسطينية “تحرض”، ولكن بالمقابل المناهج الإسرائيلية عنصرية، قامت بسرقة التاريخ الفلسطيني وكأنه غير موجود، أو انه هامشي جدا، وبالتالي الحق بالسيادة على الارض وتقرير المصير هو حق حصري لليهود، وهذا ما يعنيه قانون القومية او يهودية الدولة، القانون الذي اقره الكينست الإسرائيلي عام 2018.

لذلك، فان معركة التعليم تتعلق بجوهر الصراع، وهي تشكل بعده الفكري، وهناك حاجة دائمة للتذكير، والتكرار، ان الصهيونية وقبل ان تسيطر على فلسطين سرقت تاريخها، وحربها على المنهاج الفلسطيني في القدس، المقصود منه منع وجود رواية اخرى للتاريخ غير روايتها. ولأن هذه الحرب بهذه الخطورة والأهمية، على الشعب الفلسطيني ان يتوحد ويصمد بها ويخوضها بذكاء، وان يشكل جبهة عالمية تسانده، وعلينا من البداية ان ندرك اننا منفردون قد نخسر المعركة، من هنا تأتي أهمية دعم الرأي العام الدولي لنا.

والحرب على التعليم هي حرب على السيادة والقدس العاصمة، فبالنسبة لإسرائيل لن يتحقق ذلك ما دامت هناك سيادة للسلطة الفلسطينية على المدارس والتعليم في المدينة، وهذا ما يجعل من كل مدرسة بالنسبة لنا قلعة يجب الدفاع عنها باستماتة وعدم تسليمها. إسرائيل في نظر القانون الدولي والعالم هي قوة احتلال بالرغم من اعتراف الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب بان القدس “عاصمة الشعب اليهودي”، فالقانون الدولي لا يفصل على مقاس رئيس شعبوي، وعلى مقاس دولة الاحتلال الإسرائيلي، هناك اسلحة بين ايدينا وما علينا الا ان نحسن استخدامها، والأهم ان نحصن انفسنا من الداخل وألا نخوض المعركة بعشوائية، دون ان تكون لدينا خطة موحدين حولها.

ومن ضمن التحصين الضروري، هو ان نمكن التعليم، بمعنى ان نمتلك تعليما عصريا، مناهج تدمج بين العلم وتعزز الهوية الوطنية التعددية المنسجمة مع تاريخ فلسطين التعددي. الصهيونية تحتكر التاريخ والحاضر عبر الغاء الآخر، اما نحن فلا نلغي احدا انسجاما مع تاريخنا وحاضرنا، قد لا يكون من المناسب قي هذا المقال الدخول بالتفاصيل، ولكن المعركة تحتاج العقل والذكاء قبل أي شيء آخر.

كما نخوض معركة المقدسات، وبنفس الاهمية علينا ان نخوض معركة التعليم والرواية ولا فصل بينهما، فالقدس في القانون الدولي ارض فلسطينية محتلة، ومن حقنا ان تكون عاصمة دولتنا، نحن أحرار بشأن ما نقرره بخصوص اية بقعة ارض هي لنا، والقدس هي عاصمة الشعب الفلسطيني، ولكي تكون كذلك علينا ان نخوض معركتها موحدين متضامنين بعيدا عن الفصائلية والفئوية، وعلى أشقائنا العرب، الذين يشاركوننا الموقف بشأن القدس، وأهمية القدس الرمزية والواقعية ان يتوحدوا مع الموقف الفلسطيني.

الجانب الفلسطيني ليس عدميا ولا حاقدا ولا يسعى لاحتكار التاريخ، فالقدس كما كانت عبر تاريخها ستبقى مدينة مفتوحة لكافة اصحاب الديانات ولكل البشر، فهي موطن الأساطير والأديان وفيها قدر كبير من التاريخ الذي يهم كافة البشر. المعادلة الفلسطينية ان القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، لكنها مدينة للتسامح والحوار وحرية العبادة والتنقل هي مدينة للسلام لا للصراع والحرب.

معركة التعليم فرضتها إسرائيل علينا وهي قوة احتلال سنقوم بالتصدي لها ومنعها من مصادرة حق اطفالنا بتعليم ينسجم وتطلعاتهم وأمانيهم ويعبر عن هويتهم دون تطرف وكراهية. إسرائيل من بادر للعدوان وما نقوم نحن به اننا نقاوم العدوان وسنقاومه بقوة ولن نرضخ للمخططات والسياسات العنصرية. انه عدوان عنصري.. عدوان ينتهك القانون الدولي لنواجهه موحدين، ولا نصر لنا الا بالوحدة.

وفي القدس اليوم، وفي معركة التعليم، هناك ابطال يخوضون المعركة قي الميدان بصلابة، لأنهم يدركون طبيعة هذا الصراع واهميته، ويدركون خطورة خسارة المعركة. هؤلاء يحتاجون الى دعم الجميع كي يواصلوا ويصمدوا، فلا مجال الا الدفاع عن روايتنا وهي حية وواقعية وملموسة في القدس على عكس روايتهم.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

- Advertisment -
Google search engine

أخبار هامة

إخترنا لكم

شتات

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا