كتب: د. يونس عمرو
كثر من كتبوا عن اسباط اسرائيل الاثني عشر وهم أبناء يعقوب ، كما تحدث رواة سفر التكوين من اسفار موسى الخمسة ، ورغم اختلاط الروايات بين واقع وخيال، ونقد وتفنيد ذكر حول هذه الروايات ، ظهرت دعاية صارخة لدى كتاب الصهيونية ، يعلنون بأن الاسباط الاثني عشر لهم تابع ضائع، عثر عليه ليعرف بالسبط الثالث عشر.
وعند تتبع سيرة هذا السبط لدى الباحثين، ثبت بأنه في الأصل لا يمت لليهود ولا لليهودية بصلة ، بل انهم لاساميون اريون من شعوب اسيا الهندية الاوروبية ، وكانوا ينتمون إلى مملكة الخزر ، بلادهم على شواطئ بحر قزوين الذي سمي في الماضي ببحر الخزر ، وكانت مملكة وثنية اعتنق ملكهم اليهودية ، جراء لعبة قام بها حاخام يهودي كان مقربا من هذا الملك ، وكان ذلك حسب التكهنات في القرن الثامن الميلادي ، واول من أشار إليهم ولحكايتهم في التاريخ ، عالم يهودي عربي اندلسي ، اسمه موسى اللاوي ، الذي كتب كتابا باللغة العربيةالعبرية(اللغة العربية كتبت بالحروف العبرية وهو نهج علماء الاندلس اليهود العرب)، وموسى اللاوي هذا، عاش في الاندلس في القرن الثاني عشر الميلادي ، وكتب كتابه هذا بعنوان :
“الحجة والدليل في نصرة الدين الذليل”. يقصد بالدين الذليل ، الدين اليهودي ، الذي اعتنقه هؤلاء القوم وهم ليسوا من اهله اصلا ، اعتنقوه عنوة رغم انه دين ليس تبشيريا، ويطول شرح هذه المسالة، مما لا يتسع له المجال ، المهم ان هذا الكاتب تحدث مدافعا عن الدين اليهودي ومن اعتنقه من هؤلاء، الذين ليسوا يهودا لا في النسب ولا في العقيدة ، إلى أن ترجم الكتاب إلى اللغة العبرية ، ليخرج بعنوان عبري: “سيفر هاكوزاري”
ومعناه بالعربية:”كتاب الخزري”. بقي هؤلاء في مملكتهم إلى أن تعرضوا لهجمات المغول والتركمان ومن بعد الروس، فانهارت مملكتهم وهاجروا إلى اقاليم أوروبا الشرقية ، ثم تغلغلوا في دول أوروبا الغربية، ليعرفوا باليهو (الاشكناز) ، بهذا الاسم عرفوا نسبة لاشكناز حفيد يافث ابن نوح ، جد الأمم الارية الاسيوية ، فاستنادا لرواية كاتب سفر التكوين الاصحاح العاشر ، لنوح أبناء ثلاثة هم ؛
سام جد العرب والقبائل والبطون السامية المختلفة ، كالاراميين والاشوريين والبابليين والاثيوبيين والعبريين ، وعرفوا بالساميين ، ثم حام وهو جد الحاميين من شعوب أفريقيا من المصريين القدماء ، والكوشيين سكان الحبشة الاصليين واللوبيين ممن عرفوا باقوام البحر ، والابن الثالث لنوح وهو يافث، جدالشعوب الارية الهندية الاوروبية الاسيوية المختلفة، وهو من ينتمي اليه الخزر الذين يرجع إليهم اليهود الاشكناز ، نسبة إلى حفيده اشكناز هذا ، ويتحدثون لغة خاصة عرفت بالييدش وهي خليط بين العبرية والالمانية . لقد ظهرت منافسة بين هولاء الاشكناز ، الذين عرفواباليهود الغربيين ، والذين يقف لقاءهم اليهود الشرقيون الذين عرفوا باسم سفاراديم نسبة للاسم سفارد ، وهو اسم الاندلس بالعبرية ، وهم في صراع مع الاشكناز قديما وحديثا ، ومحتدم اليوم في المجتمع الاسرائيلي . ان نمطية الرواية اليهودية قديما وحديثا تصدر عن راوية مأزوم ومتوتر ، يقف دائما في موقف الاستعلاء والاستعداء لسائر شعوب الارض ، فحلت عليهم لعنة الاستكباروالعنصرية على انهم شعب الله المختار ، بل أبناء الله، في حين ليس لله لا ولد ولا زوج ولاصاحبة ،حتى يكون له شعب كامل من الأبناء، ولهذا أرى أن نقض الرواية الصهيونية جهد عظيم بحاجة إلى باحثين ومختصين خبراء ، يعملون في منظومة مؤسسية تضع بين ايديهم أدوات البحث والدرس ،وتنشر بحوثهم في منشورات مختلفة وتترجم الى لغات اخرى ، وتناقش في محافل علمية وثقافية وعبر وسائل الإعلام.