المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الجنسية المزدوجة والتشبث بالهوية الوطنية

كتب: حيمري البشير

أعجبني كثيرا جواب جاد المالح على صحفية فرنسية، عندما حاولت توريطه في الصراع الفرنسي المغربي الذي بلغ مداه في عهد القاصر إيمانويل ماكرون.
قالت الصحفية لجاد المالح، كيف تنظر للعلاقات المغربية الفرنسية والتوتر الذي بلغ مداه في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد رفض المغرب للمساعدات الفرنسية كمواطن يحمل جنسيتين مغربية وفرنسية. فأجابها، أنا لست فرنسيا أنا مهاجر مغربي وأحب فرنسا كما يحبها جميع المهاجرين ولست لا دبلوماسيا ولا سياسيا لأجيبك عن هذا السؤال. كان جوابا ذكيا، استطاع به جاد المالح أن يكمم فم الصحفية ويحرجها ويخرج من الباب الواسع بأسلوب الدعابة التي يملكها. جاد المالح يحمل الجنسية الكندية وكان بإمكانه أن يحمل أكثر من جنسية وبالخصوص الأمريكية كفنان يتقن الإنجليزية. لكنه دائما يفتخر بمغربيته أينما حل وارتحل، موقفه لم يتغير عن تمغربيت.
حضوره كفنان ملفت في القنوات العالمية وبالخصوص الفرنسية والامريكية والكندية جاد المالح يتقن الفرنسية والإنجليزية والدارجة المغربية ويفتخر بتمغربيت ويتكلم تشلحيت، التي تعلمها من جده. الملفت في شخصية جاد المالح هو ارتباطه بالمغرب وافتخاره بانتمائه للمغرب. تشبثه بالهوية المغربية. جعله في نظري نموذج يحتدى به لكل مغربي يحمل الجنسية المزدوجة. والتشبث بالهوية المغربية، هو عنوان الوفاء لوطن اسمه المغرب، وعندما يحتاجك هذا الوطن، تهب بكل جوارحك لنصرته والدفاع عنه بكل ماتملك.
فتصبح سياسيا ودبلوماسيا وحقوقيا وصحفيا وإعلاميا، تنبري لكل واحد يريد المساس به. حب هذا الوطن الذي اسمه المغرب الواقع في أقصى شمال إفريقيا المتميز بتنوعه الثقافي والديني، المعروف بتسامحه وتعايشه وتماسك مكوناته وتنوعه الثقافي وحضارته العريقة التي تجاوزت أربعة عشر قرنا. قد أختلف مع جاد المالح الذي يستعمل ذكاءه لكي يبتعد عن النقاش السياسي كفنان حتى يحافظ على العلاقة التي تربطه مع جمهوره وعشاقه من كل الجنسيات ولو أن له مواقف وثقافة سياسية. لكنه متمسك بمغربتيه، ويدافع بشراسة عن وطن اسمه المغرب. كناشط إعلامي وكاتب صحفي وسياسي له مواقف سياسية، متمسك بهويتي المغربية ولواني أحمل جنسية البلد الذي اختر العيش فيه وأدافع عنه كما أدافع عن بلدٍ الانتماء، لن أتوانى للدفاع عن الهوية المغربية، عندما يمس هذا الوطن العريق بسوء.
والتعبير بالقلم والكلمة دفاعا عن الهوية أسلوب راقي يندرج في إطار الحوار الحضاري، وهذا في حد ذاته ليس عيب، بل يبقى نقاش يمهد للتقارب وتذويب الاختلافات الممكنة. ويبقى ذكاء الإنسان هو الذي يخلق الفارق، وهو الذي يبتسم لمجتمع يسود فيه التعايش والتسامح والحب والألفة بين الشعوب. ويبقى ما يميز الفنان والصحفي والسياسي الذي يحمل الجنسية المزدوجة هو أن السياسي والصحفي يمارس السياسة لإقناع من يحيط به ويدافع بشراسة عن هويته ويساهم بثقافته السياسية فيما يسمى بالتقارب الحضاري أو التقارب بين الشعوب والفنان يسعى لإقناع محبيه وعشاقه بإخفاء حبه لوطن الانتماء حفاظا على محبة عشاقه ومتابعيه فجاد المالح فنان ذكي يسعى للحفاظ على عشاقه من مختلف الجنسيات والديانات وفي نفس الوقت لا يخفي حبه وولعه بوطن اسمه المغرب.
والصحفي والسياسي يسعى بدوره لإقناع متابعيه بمواقفه وآرائه في قضايا عدة ولا يخشى من الاختلاف مع الغير، بل يسلك أسلوب النقاش، الذي يقود للإقناع واستقطاب المزيد من الأتباع المولعين بخطابه السياسي.

حيمري البشير صحفي من المغرب يقيم في كوبنهاجن / الدنمارك

Exit mobile version