المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

وزراء وأعضاء كنيست في “مؤتمر الاستيطان”: سنعود إلى أرض أبينا إبراهيم بأسلوب يهوشع بن نون و”أنا أريد”

انتشرت الطاولات في القاعة الرئيسية بمباني الأمة في القدس، وعليها لافتات تدعو آلاف المشاركين في لقاء “عائدون إلى غزة” إلى التسجيل في البؤر الاستيطانية. المهتمون يختارون بين “حيسد لالفيم”، وهي بؤرة استيطانية حريدية تخطط لإقامة مستوطنة قرب رفح، وبين “كيلات عزة هحداشه” التي تخطط لإقامة مدينة خضراء ومتنوعة في القطاع. “أمامك فرصة مرة واحدة في الحياة للمشاركة في إعادة المدينة العبرية-غزة، كمدينة تكنولوجيا خضراء مفتوحة أمام الجميع وتوحد كل أجزاء المجتمع الإسرائيلي”، كتب في الإعلان.

حسب قول أحد المنظمين، عشرات العائلات سجلت في البؤر الاستيطانية الست. وعلقت على الحائط خارطة كبيرة لقطاع غزة، وعليها أسماء مستوطنات “غوش قطيف” التي تم إخلاؤها في عملية الانفصال، إضافة إلى المستوطنات المستقبلية المتخيلة.

رئيس المجلس الإقليمي “شومرون” يوسي دغان، أراد إثارة انفعال الجمهور عندما قال: “كرروا ورائي: اتفاق أوسلو مات وشعب إسرائيل حي”، صرخ من فوق المنصة. كرر الجمهور هذا الشعار المثير للانفعال ثلاث مرات. وقد كان بين المشاركين وزراء كبار وأعضاء كنيست من الائتلاف، من بينهم سموتريتش وأوريت ستروك (الصهيونية الدينية)، وبن غفير، وعميحاي إلياهو، وإسحق فاسرلاوف (قوة يهودية)، وحاييم كاتس وعميحاي شكلي وشلومو قرعي (الليكود) والكثيرون غيرهم.

“هناك شيء ما في الصحة الطبيعية هنا، في هذه القوة، في هذه الفرحة، وفي التمسك بأرض إسرائيل، ذات الإمكانية الكامنة كي تعطي قوة عظيمة”، قال سموتريتش. الحديث يدور عن لقاء استثنائي، الجمهور الذي ضم الآلاف غنى ورقص بسرور وانفعال لا يُرى مثله في إسرائيل هذه الأيام. الأكثر حماسة أثارتها أفلام لجنود من غزة يدعون للعودة إليها، ويصرخون بأنه لا أبرياء، أو يلتقطون صوراً مع لافتات لـ “غوش قطيف”. ورد عليهم الجمهور بصرخات وتصفير يصم الآذان.

المشاركون استقبلوا بن غفير كنجم روك. بعد أن رقص بحماسة مع الجمهور، صعد للمنصة على صوت صراخ وتصفير وشعارات مثل “الموت للمخربين”. وقال في هذا اللقاء: “باتوا يدركون أن الهرب يجلب الحرب. وإذا أردنا ألا يتكرر 7 أكتوبر، فيجب العودة والسيطرة على المنطقة، وكذلك طرح منطق أخلاقي توراتي – تشجيع الهجرة ووضع قانون لإعدام المخربين، وإعدام نخبة تلو نخبة، ومخرب تلو مخرب”. بعد ذلك، توجه لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقال: “من المؤسف انتظار 19 سنة أخرى لنفهم بأن علينا إعادة “غوش قطيف” وشمال “السامرة”. لقد حان الوقت للعودة إلى البيت، العودة إلى أرض إسرائيل، وتشجيع الهجرة وفرض قانون الموت للمخربين”.

“أنا أريد”

كان يمكن إيجاد إجابات في الكراسة التي وزعها منظمو اللقاء، وهي تجيب عن أسئلة مستقبلية لـ 2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع. كتب المحامي افيعاد فيسيلو في الكراسة بأن “نكبة 2″، أي الطرد الجماعي للعرب من غزة، فيها مبرر كامل في قوانين الحرب”. الحاخام عوزي شارباف، الأب الروحي لحركة الاستيطان في غزة، شرح في الكراسة بأن وصية وراثة أرض إسرائيل تعني “احتلال أرض إسرائيل حسب الحدود التي قيلت لأبينا إبراهيم، وأيضاً تدمير وطرد كل من يعارض حكم شعب إسرائيل في أرض إسرائيل، بالضبط كما فعل يهوشع بن نون”. الياهو ليبمان، الذي ابنه اليكيم مخطوف في غزة، شرح استناداً لمصادر يهودية بأن “الذين لا يمكن قتلهم يجب طردهم ووراثتهم، لا أبرياء”.

أما الوزير قرعي فأوضح أن الترانسفير “هو الطريقة الوحيدة الحقيقية لجباية ثمن باهظ من نازيي حماس وضمان الأمن، والهجرة الطوعية”. وحسب قوله، فقد عرف مفهوم الهجرة الطوعية كما يلي: “حتى لو حولت الحرب وضع الهجرة الطوعية إلى وضع يتم فرضه إلى درجة القول: أنا أريد”.

الشعار الذي رفع في اللقاء هو “الاستيطان”، لكن ما كان يقف في أساسه هو الترانسفير، الأمر الذي قيل بصراحة من فوق المنصة، بعدة أشكال. مثلاً، دانييلا فايس، وهي من منظمي اللقاء، لم تترك مجالاً للشك فيما يتعلق بحلمها في هذا الأمر. “هناك احتمالان يقفان على الأجندة، إما أن تصبح غزة يهودية ومزدهرة، أو تعود لتكون عربية وقاتلة”، قالت. “الملايين من لاجئي الحرب يتنقلون من دولة إلى أخرى في العالم كله. هل يجب أن يكون هؤلاء الوحوش مرتبطين بأرضهم؟ هل يجب أن يبقوا هم بالذات في نفس المنطقة التي جعلوها جهنم؟ 7 أكتوبر غير التاريخ، وغزة، وستفتح البوابة الجنوبية على مصراعيها، وسينتقل الغزيون إلى كل أرجاء العالم، وسيستوطن شعب إسرائيل في غزة”.

ربما تُذكر هذه الأمسية كنقطة فارقة أخرى: انجرار يهودي حريدي في إسرائيل نحو اليمين. إضافة إلى الوزراء وأعضاء الكنيست الكهانيين من “الصهيونية الدينية” و”قوة يهودية” و”الليكود”، وقف وزير الإسكان إسحق غولدكنوفف من “يهدوت هتوراة”، وقال من فوق المنصة على أصوات الهتافات والتصفيق: “سـأؤيد إصلاح الظلم والعودة إلى غوش قطيف والقطاع”. “استيطان غوش قطيف سيكوي وعي العدو ويزيد أمن شعب إسرائيل… إذا اتخذت حكومة إسرائيل هذا القرار، فسأعمل بصفتي وزير البناء والإسكان، على تطبيق قرار الحكومة وإعادة بحرنا كما كان في السابق”، وعد.

من بين المشاركين في اللقاء كان آفي فرحان، وهو من رموز الاستيطان السابق في القطاع. أُخلي فرحان (77 سنة) من مدينة “يميت” في شبه جزيرة سيناء، وانتقل إلى العيش في “ايلي شيناي” في شمال قطاع غزة. قبل اللقاء أمس، أعاد من جديد طباعة الصفحة التي وزعها في 2005 قبل الانفصال، والتي طلب فيها من الحكومة عدم الانسحاب من المستوطنات الثلاث التي كانت في شمال القطاع. “يجب حفر أساسات البيوت وطحن الباطون من لإعادة استخدامه في البناء. هذا أسرع وأفضل للبيئة”، أوضح.

أدان الحاخام شارباف من فوق المنصة تساهل فرحان وغيره، الذين يدعون إلى البدء في جزء من القطاع. “عندما يتحدثون عن القطاع، فإنهم لا يتحدثون عن شماله أو وسطه أو الجنوب، نتحدث عن الكل، ماذا يعني منطقة “أ” و”ب” و”ج”؟ ماذا يعني شمال القطاع الذي ربما سنبدأ به؟ كل أرض هذه البلاد هي منطقة جغرافية واحدة”، قال.

قبل انتهاء الأمسية، صعد ممثلو البؤر الاستيطانية المستقبلية في غزة، “معوز” و”حيسد لالفيم” و”شعاري حيف عزة” وغيرها، ورقص عشرات الأطفال والبالغين حاملين الأعلام واللافتات فوق المنصة. المغني اهارون رزئيل، أثار انفعال الجمهور: “عائدون إلى غوش قطيف. بعون الله سنغني بعد قليل في غزة”. وانضم للرقص عشرات الشباب في القاعة. “منذ نزول التوراة لم تكن لي لحظة أكثر سعادة من هذه اللحظة”، قال رزئيل.

نير حسون

هآرتس 29/1/2024

Exit mobile version