المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

11 عاما على الانقلاب.. وشعبنا ما يزال يئن

أحد عشر عاما مرت، على انقلاب حركة “حماس” وسيطرتها بالقوة العسكرية على قطاع غزة في الرابع عشر من حزيران2007، جلبت لأهالي القطاع كوارث على مختلف الأصعدة، وما يزالون يئنون من صنوف القهر، والعذاب، وضيق الحال.
المشهد على مدار الـ11 عاما الماضية يكاد يشابه سابقاته، من حصار إسرائيلي مشدد، برا، وبحرا على كافة الأصعدة، ترك آثارا مدمرة للبنى التحتية، وللقطاعات الحيوية، والخدماتية، والصحة، والبيئة، والمياه والكهرباء، إضافة إلى تدمير القطاع الصناعي، والتضييق على القطاع الخاص لصالح فئات متنفذة في حماس سيطرت بالقوة على مقدرات شعبنا من أراض حكومية، وممتلكات عامة، وأراضٍ زراعية كانت أخلتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال انسحابها من القطاع عام2005، وحولتها حماس لمشاريع استثمارية، تدر عليها المال لذاتها، ولقياداتها، ومسؤوليها على حساب أبناء شعبنا المحاصر في القطاع، الذين يتضورون جوعا ليل نهار.
“حماس” حولت قطاع غزة بفعل سياساتها إلى جحيم لا يطاق، أزمات متفاقمة، ومعاناة متواصلة بسيطرتها على المعابر، ونهب الأموال من المواطنين العاديين، والبسطاء ثمنا للكهرباء، كما أن البلديات التي تسيطر عليها “حماس” في غزة، أرهقت المواطنين بالضرائب، التي تقدر بملايين الدولارات شهرياً، إضافة إلى معاناة القطاع الخاص، وقطاع المقاولات، والتجارة، والصناعة، بفعل هذه الضرائب.
مساعٍ حثيثة بذلتها القيادة الفلسطينية لطي صفحة الانقسام بشكل نهائي، الا أن “حماس” كانت وما تزال تماطل وتسعى إلى فرض أجندتها دون أي اعتبار لمصلحة الوطن والمواطن، الذي لطالما كان بعيدا عن حساباتها.
أول المبادرات للمصالحة أطلقتها قيادات الأسرى الفلسطينيين في أيار 2006، والتي عرفت بوثيقة المصالحة، وسميت لاحقا “بوثيقة الأسرى التي لاقت ترحيبا من جميع الأطراف، وعلى أثرها عُقد مؤتمر الحوار الوطني يوم 25 أيار 2006، ومع ذلك ظل الانقسام قائما، ولم تتوقف الاشتباكات المسلحة، وفشلت وساطات عديدة بينها الوساطة القطرية في تشرين الأول 2006، لتهدئة الأوضاع.
ومع استمرار أجواء التوتر في العام 2007، بادر العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى دعوة حركتي فتح وحماس إلى التحاور في مكة، على مدار ثلاثة أيام، ووقعت الحركتان على ما بات يعرف بـ”اتفاق مكة” في شباط 2007، وكلف الرئيس محمود عباس إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة الحادية عشرة “حكومة الوحدة الوطنية”، إلا أن الاتفاق فشل بعد عدة أشهر رغم الأجواء الإيجابية التي رافقت الاعلان عنه، وانتهت الاشتباكات بسيطرة حماس على قطاع غزة في 14 حزيران 2007.
وتجددت الوساطة أوائل 2009 بين الفصائل، لتكون هذه المرة مصرية، حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها، فيما باتت تعرف بـ”الورقة المصرية”، وطرحتها في أيلول 2009.
وسارعت حركة فتح للتوقيع عليها، فيما طلبت حماس وقتا لدراستها، قبل أن تطلب إدخال تعديلات عليها، لكن السلطات المصرية رفضت، وهو ما أدى إلى تجميد الأمور من جديد لشهور طويلة.
وعاد الحراك مجددا إلى ملف المصالحة بعد لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان أواسط 2010، عقد على أثره لقاء بين فتح وحماس بالعاصمة السورية دمشق في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2010.ورغم الإعلان عن جلسة جديدة أواخر ديسمبر 2010، فإن اللقاء لم يعقد.
وفي 4/5/2011 وقعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة على الورقة المصرية (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني)، وأقيم احتفال موسع بحضور الرئيس محمود عباس، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزير خارجية مصر نبيل العربي، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، الا ان الجهود فشلت أيضا لإنهاء الانقسام.
وفي 23 نيسان 2014، أعلن في غزة عن اجتماعات بين حركتي فتح وحماس، وخلال يومين أفضت إلى اتفاق المصالحة بين الطرفين، والالتزام باتفاق القاهرة، وإعلان الدوحة، والعمل على إنشاء حكومة توافق وطني تعلن خلال 5 اسابيع، وإجراء انتخابات بعد 6 أشهر على الأقل من تشكيل حكومة رئاسية، وتشريعية، والمجلس الوطني الفلسطيني.
أدت حكومة الوفاق الوطني اليمين القانونية في الثاني من حزيران 2014، حيث ضمت في عضويتها وزراء من الضفة الغربية، وقطاع غزة، على أمل وضع حد للانقسام المستمر منذ العام 2007.
آمال المواطنين الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة كانت معلقة على هذه الحكومة، حيث طالبوها بالعمل على رفع الحصار، وتحسين الأوضاع المعيشية الصعبة، وحل المشاكل المختلفة والقضايا العالقة، نتيجة الحصار المفروض منذ عام 2007.
ومع مرور الوقت، لم يلحظ المواطنون الفلسطينيون أي تغير، وأكدت الحكومة أن عدم تمكنها القيام بمهامها باستمرار سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وأنها ما زالت هي الحاكم الفعلي لقطاع غزة، الأمر الذي يمنع الحكومة من تنفيذ مهامها بالشكل المطلوب.
واستمرارا للجهود المصرية لإتمام المصالحة، كان الوفد الحكومي برئاسة رامي الحمد الله وصل الى قطاع غزة في 2 تشرين الأول، وتحديدا في 12 من الشهر ذاته، تم التوقيع رسميا بين حركتي فتح وحماس على اتفاق المصالحة، بحضور وزير المخابرات المصرية خالد فوزي، الذي ينص على ان تعود السلطة الفلسطينية الى ممارسة عملها مجددا في قطاع غزة، وتمكين حكومة الوفاق الوطني برئاسة الحمد الله في موعد أقصاه 1 كانون الأول من العام الجاري، وحل قضية الموظفين، والأمن، والمعابر.
وفي الثالث عشر من آذار للعام 2018 نجا رئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد الله، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، من “محاولة اغتيال بتفجير استهدف موكبهما في منطقة بيت حانون شمال قطاع غزة”، والرئاسة الفلسطينية حملت “حماس” المسؤولية عن “الاستهداف الجبان” للموكب.
وجرح غزة ما زال ينزف.. والسؤال المطروح يبقى: هل ستصادف هذه الذكرى الدامية المؤلمة خلال الاعوام المقبلة والوضع كما هو دون أي تغيير أو تغليب لمصلحة أبناء شعبنا على المصالح الفئوية الضيقة؟؟.

Exit mobile version