الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقات"كورونا" يرفع ضغط شبكات الانترنت

“كورونا” يرفع ضغط شبكات الانترنت

جعفر صدقة

منذ أيام، بادرت شركة “يوتيوب” إلى خفض مستوى وضوح الفيديوهات لديها في مسعى لتخفيف الضغط على شبكات الانترنت حول العالم، حيث يعيش أكثر من ثلاثة مليارات إنسان في الحجر المنزلي، وتشكل الشبكة العنكبوتية مصدرهم الأساسي لمعرفة ما يجري خارج منازلهم، وفي فلسطين، حيث بدأت إجراءات الحجر وتقييد الحركة مبكرا مقارنة مع باقي دول العالم، فقد ارتفعت معدلات الضغط على الشبكة بما لا يقل عن 30%.
في اليوم الأول لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، في الخامس من آذار الماضي، بدأ مزودو خدمات الانترنت يلاحظون ارتفاعا متسارعا في أعداد مستخدمي الشبكة في نفس الوقت، وكان هذا تحديا لهم جميعا، وتحديدا صغار المزودين الذين يستخدمون أجهزة وخوادم لم تأخذ بعين الاعتبار هذا الارتفاع المفاجئ بسبب فيروس “كورونا”، الذي هاجم العالم دون سابق إنذار.
“في الأيام الأولى لحالة الطوارئ وبدء إجراءات العزل المنزلي والتدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس، حصل ارتفاع كبير ومضطرد في أعداد المستخدمين، خصوصا في ساعات النهار حيث تكون الشبكة شبه فارغة في الأيام العادية، إضافة إلى الارتفاع في ساعات الذروة في الليل”، قال رامي قطينة مدير عام شركة “حضارة”، كبرى الشركات المزودة لخدمات الانترنت للاستخدام المنزلي في فلسطين.
وأوضح، في الأيام العادية، فإن حجم الاستخدام في ساعات النهار متدن جدا، بينما في ساعات الليل يصل إلى 60%، أما الآن فإن حجم الاستخدام في ساعات النهار يصل إلى 80%، بينما يرتفع في ساعات الليل إلى 90%”.
الارتفاع المفاجئ، والكبير، في أعداد مستخدمي شبكة الانترنت أربك المزودين الفلسطينيين، كغيرهم من المزودين في مختلف أنحاء العالم.
وتابع، “في الايام الاولى واجهنا بعض المشاكل، لكننا تمكنا من استيعاب هذه الزيادة والآن الأمور مستقرة، سواء من حيث استمرار الخدمة دون انقطاعات، او من حيث عدد الشكاوى”.
وفيما يتعلق بالسرعة، تواجه دولة فلسطين بطئا في خدمات الانترنت، كما في باقي دول العالم، “ولكن في كل الاحوال، فان المشكلة في فلسطين اقل حدة من اسرائيل، حيث حصل ارباك كبير في الشبكة الاسرائيلية في الاسبوع الاول، والآن بدأت تتحسن بعدما بادرت يوتيوب الى خفض نسبة الوضوح في فيديوهاتها، وهذا ايضا بدأ تطبيقه في فلسطين ما سيؤثر ايجابا على الشبكة من حيث السرعة”.
“حضارة”، التي تقف خلفها مجموعة الاتصالات الفلسطينية صاحبة الامكانات الكبيرة، تعد خططها على اساس متوسط او بعيد المدى، ففي منتصف 2018 نفذت خطة توسعة وتحديث لثلاث سنوات، خلافا للشركات الصغيرة التي عادة تعد خططا للتوسعة لا تزيد عن عام واحد، “لهذا تمكنا بسهولة من استيعاب الارتفاع المفاجئ والكبير في حجم الاستخدام، وما زال لدينا 10-15% من القدرة غير مستغلة”، قال قطينة.
المشكلة الاساسية التي تواجه المزودين تتمثل في تحصيل الفواتير، حيث التزمت الشركات المزودة بعدم قطع الخدمة عن مشتركيها لتخلفهم عن السداد بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وقال قطينة “لا مشكلة لدينا في استيعاب المزيد من الضغط على الشبكة، لكن مشكلتنا الاساسية في تحصيل الفواتير. التحصيل انخفض بنسبة 95% لعدم قدرة الناس على الخروج من منازلهم، ونحن نتفهم ذلك ولا نقوم بأية عمليات قطع للخدمة، لكن مع تراكم التزامات الشركة، لن يكون بإمكاننا التحمل لفترة طويلة”.
في فلسطين حوالي 400 الف اشتراك منزلي موزعين على 14 مزودا عبر خطوط نفاذ توفرها شركة الاتصالات الفلسطينية، واكثر من 10 آلاف اشتراك لمؤسسات وشركات تزود بالانترنت من قبل شركة الاتصالات مباشرة.
“المشكلة في سعة شبكات بعض مزودي الخدمة، وقد يواجه مشتركيها مشاكل هذه الأيام في ساعات الذروة”، قال معن ملحم مدير عام شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل”.
“الاتصالات”، المصدر الرئيسي للإنترنت عبر البوابات الدولية والمسؤولة عن البنية التحتية لقطاع الاتصالات، دخلت ازمة “كورونا” بهامش سعة كبير مقارنة مع شركات في دول اخرى، اذ، ولحسن الحظ، تمكنت “الاتصالات” وقبل خمسة أشهر فقط من ازمة “كورونا” من ادخال 70% من معداتها المحتجزة منذ 5 سنوات لدى الاحتلال، ما اعطاها فرصة لتركيب هذه المعدات الى جانب احتياطات أخرى اخذتها الشركة بالحسبان، “وبالتالي تمكنا من استقبال ازمة كورونا بشكل مريح”، قال ملحم.
وأشار إلى أن شبكة الاتصالات الممتدة لاكثر من 48 الف كيلو مترا من الالياف الضوئية والنحاسية من الشمال للجنوب، “مجهزة بطريقة تتيح تحمل الضغط الكبير وغير العادي، وعادة يكون لدينا أكثر من 7 ملايين جهاز متصل بالإنترنت في نفس اللحظة موزعة على اكثر من 1600 مقسم رئيسي و2300 مقسم طرفي”.
إلا ان هذه الازمة الناتجة عن “كورونا” ضاعفت استخدام الانترنت بطريقة غير مسبوقة، خاصة مع وجود جميع افراد العائلة في المنزل في ظل منع الحركة؛ ومن هنا كان الاستثمار الجدي في الشبكة والبنية التحتية الذي يأخذ عنصر المخاطر وتغير الظروف بالحسبان سببا أساسيا في عدم التسبب بمشاكل حدثت لشبكات الانترنت في أوروبا، لان شبكة الاتصالات الفلسطينية تعمل في ظروف مخاطرة مرتفعة بصورة دائمة؛ فبالتزامن مع تركيب المعدات الجديدة والتوقع حسب المعطيات بتفشي الوباء عالميا، قامت “الاتصالات” بالتعاقد مع شركات تزويد عالمية لرفع سعة المسارات الدولية بنسبة 70% عن الموجود حاليا، كما عملت على توسعة مسارات الشبكة الداخلية المنتشرة في مختلف المحافظات لتتناسب مع الزيادة التي تمت في المسارات الدولية.
وتابع، مع دخول الازمة وحتى اللحظة زاد حجم تدفق البيانات في الشبكة بنسبة 34%، وبرغم تلك الزيادة قامت الاتصالات برفع السرعات لمشتركيها مجانا ورفع السرعة لدى أساتذة الجامعات الى 30 ميغا مجانا معتمدة على قدرة شبكتها على تحمل الزيادة الناتجة عن ذلك.
وتصل خدمة الانترنت الى فلسطين مباشرة عبر الكوابل البحرية التي تتشارك “الاتصالات” بها مع شركات عالمية متخصصة في مجال الكوابل البحرية، لتمكنها من الحصول على الانترنت عبر تلك الخطوط بأعلى جودة.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا