الرئيسيةمختاراتمقالاتلسنا سكان مناطق.. نحن شعب نعشق الحرية

لسنا سكان مناطق.. نحن شعب نعشق الحرية

بقلم: باسم برهوم

حتى اندلاع الانتفاضة الشعبية الكبرى في نهاية عام 1987, كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعتقد انها نجحت في تحويل جماهير شعبنا الى مجرد مجموعات سكانية لا هم لها سوى تأمين لقمة العيش.
الانتفاضة وجهت صفعة قوية لسياسة احتلالية كانت تنفذ في الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية ضمن منهج يقود الى تغيير البنى الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الفلسطيني وتحويله من حالة الشعب الرافض للاحتلال والساعي لحريته واستقلاله وان يعيش بكرامة الى حالة متعايشة مع الاحتلال وتقبل بممارسته وقمعه مقابل لقمة العيش.
هذه النظرة للشعب الفلسطيني بأنه مجرد سكان مناطق كما كانت تصفه السلطات الإسرائيلية، لم تأت مع احتلال عام 1967, بل هي جزء أصيل للفكر الصهيوني الاستعماري الذي ينفي وجود شعب فلسطيني، لأنه لو اعترف بوجودنا كشعب لكان عليه ان يعترف بحقوقنا السياسية والتاريخية في فلسطين.
واذا كانت المقولة الصهيونية الشهيرة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” هي أسطع برهان فإن وعد بلفور كرس هذه المقولة عندما تعامل مع الشعب الفلسطيني كمجموعة طوائف لها حقوق مدنية ودينية فقط، في الوقت الذي جعل من يهود العالم شعبا وقال ان وطن هذا الشعب فلسطين.
وإذا نظرنا بعمق لـ “صفقة القرن” للاحظنا انها لا تصادر حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة والمعترف بها دوليا فقط، بل هي عمليا تنزع عنه صفة الشعب وتحاول اعادته الى مفهوم سكان مناطق لهم نوع من الحكم الذاتي. فالصفقة، وبعد ان تمنح اسرائيل معظم الاراضي الفلسطينية، تحصر السكان في كانتونات معزولة عن بعضها البعض، وهذه الكانتونات تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية ولا حدود لها مع الخارج سوى عبر دولة الاحتلال، وقد تدخل هذه الكانتونات في صراعات وانقسامات فيما بينها وفي داخلها. وأذكر ان سيطرت حماس على غزة وما تبعه من انقسام هو عمليا خلق أول كانتون فلسطيني منشق، وقد نصبح بثلاثة كانتونات او اربعة تصارع بعضها بعضا وفي تلك اللحظة ستعلن الصهيونية والاستعمار العالمي النصر النهائي.
هذا السيناريو لن يحدث اذا بقينا موحدين نتصرف كشعب له كرامة وطنية ومتمسك بهدف الحرية والاستقلال. هؤلاء الأعداء اعتقدوا عام 1948,عام النكبة، انهم تخلصوا من الشعب الفلسطيني، احتلوا معظم أرضه التاريخية، شردوه وتركوا مهمة استيعابه كلاجئين وتحويله الى مجرد سكان الى الدول العربية. لكن الشعب الفلسطيني فاجأهم في ثورته عام 1965 واستطاع ان ينهض من جديد ويستعيد وحدته وهويته الوطنية كشعب.
الانتفاضة الشعبية، المشار اليها، كانت رد جماهير الأرض المحتلة على المخطط الإسرائيلي لتحويلهم الى مجرد سكان المناطق، واكدوا بانتفاضتهم المجيدة بأنهم شعب له كرامة ويعشق الحرية والاستقلال.
ونذكر هنا ايضا بيوم الأرض المجيد عام 1976, الذي مثل علامة فارقة في تاريخ جماهير الشعب الفلسطيني داخل أراضي الـ 1948، ففي هذا اليوم اسقطت هذه الجماهير المخطط الاسرائيلي لتمزيقهم الى طوائف واقليات وتحولهم الى تجمعات سكانية بلا هوية وطنية. يوم الارض لم يسقط المخطط المشار اليه وحسب، بل اظهر الشعب الفلسطيني بأنه شعب واحد اينما وجد.
اليوم يخوض الشعب الفلسطيني معركة مصير، واذا كنا نريد ان ننتصر بهذه المعركة، ويجب ان ننتصر، لأن الهزيمة فيها ستكون نكبة عام 1948 الى جانبها رحمة. اذا اردنا ان ننتصر، فلا نصر من دون الوحدة الوطنية ومنع سلطة الاحتلال من التسلل لشق صفوفنا، وإشعال الفتن، وخلق حالة من الفلتان الأمني توصل الإنسان الفلسطيني الى حالة من اليأس والاحباط وتمرر مؤامرة تصفيته كشعب وتصفية قضيته الوطنية.
ان من يعتقد انه قد يستفيد من احداث حالة الفوضى فهو واهم، وإذا لم يكن واهما فهو خائن، وصفة الخيانة له كفرد ولهم كجماعة، ان كانوا مجموعة او فئة او تنظيما.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا