الرئيسيةمختاراتمقالاتشعب فلسطين هو الضمانة

شعب فلسطين هو الضمانة

بقلم: إلياس سحاب

شعب فلسطين بوجوده، وحتى من قبل أن يتحرك، هو الضمانة الكبرى لقضية فلسطين كلها، وليس في الضفة الغربية وحدها.
في اجتماع أمني استراتيجي عقد في السنوات الأخيرة في دولة الاحتلال لمناقشة مركز الخطر الوجودي الذي يحمل تهديداً وجودياً لهذه الدولة، تشعبت حتى التناقض الآراء التي طرحها علية القوم، من أركان السياسة والأمن في «إسرائيل»، حتى برز أحد القادة السابقين للموساد، وقال بصوت عالٍ: «يا سادة ليس الخطر الوجودي الأول الذي يهدد دولتنا هو احتمال امتلاك إيران للقنبلة الذرية، حتى لو تحقق هذا الاحتمال، ولم يبق احتمالاً، كما هو اليوم. إن الخطر الوجودي الأكبر الذي يهدد وجود دولة «إسرائيل» وبقاء هذا الوجود، هو استمرار بقاء وجود شعب فلسطين، هذا الوجود وحده هو الخطر الذي يهدد دولتنا بالزوال أكثر من الأخطار الأخرى التي تبحثونها».
نستذكر هذه الكلمة التي ألقيت في اجتماع أمني استراتيجي «إسرائيلي»، فيما تستعد «إسرائيل» لاستكمال ضم جزء كبير من أراضي الضفة الغربية المحتلة، إضافة إلى منطقة الأغوار.
ها نحن نقترب من نهاية يوليو/تموز الذي كان مطلعه موعداً نهائياً للضم، ليس فقط دون أن يحدث الضم؛ بل تتراجع الأصوات الزاعقة التي كانت تهدد به إلى درجة الخفوت. فما الذي حدث، ومن الذي تدخل ليبدل الوضع من حال إلى حال؟.
يمكننا استعراض أسباب كثيرة تقف وراء ذلك، منها مثلاً تراجع الموقف الأمريكي من حتمية الضم وفرض سرعة تنفيذه. لم يخفت فقط صوت الرئيس ترامب في هذا الموضوع؛ بل أهمله تماماً لينتقل كلياً إلى مشاكل العلاقة مع الصين، وهموم حملته الانتخابية التي اقترب موعدها قبل نهاية هذا العام، إضافة إلى هموم وباء كورونا.
فقد ارتفع رأي مخالف لسرعة الضم (وأحياناً للضم نفسه) في المجالس السياسية الأمريكية العليا، التي انعقدت لبحث هذا الموضوع، وكان الهم الأكبر في كل هذه الدوائر، هو التخوف من ردود فعل غير متوقعة، وغير محمودة العواقب، لما يمكن أن يقوم به الشعب الفلسطيني من ردات فعل غير محسوبة، ابتداء بفلسطينيي الضفة الغربية أولاً، وانتقالاً إلى بقية أماكن تَوزّع هذا الشعب في أراضي 1948، وفي غزة وفي الشتات العربي، وسائر مواقع الشتات الدولي.
هذه المخاطر وحدها كانت وراء تردد الدوائر الأمريكية في تأييد سرعة الضم، حتى وصل الأمر إلى انقسام في الموقف بين سفير أمريكا في الكيان (المؤيد لسرعة الضم)، والمستشار الأول للرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، الداعي إلى التمهل في هذه المسألة الحساسة.
تسارع بعد ذلك صعود أصوات دول أوروبية كبرى، من حلفاء الولايات المتحدة الموثوقين مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وحتى بريطانيا، تنادي بالتمهل والتروي إلى درجة النصح بصرف النظر نهائياً عن الضم.
ومن المواقع التي تحسب حساباً دقيقاً لردود فعل شعب فلسطين، والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه، مواقع كبيرة في المجتمع «الإسرائيلي» نفسه، تتوزع على عدة أحزاب، وتقف صراحة ضد الضم خوفاً من ردود فعل شعب فلسطين في كل مكان.
يلفت النظر والاهتمام في هذا المجال، أثر قرار الضم على الداخل الفلسطيني للمنظمات السياسية الفلسطينية، بين غزة والضفة الغربية، حيث ظهرت للمرة الأولى بوادر على درجة غير قليلة من الجدية، على التقارب بين حركتي فتح وحماس، بشكل رئيسي.
إلى هذه الدرجة من الأهمية أدركت «إسرائيل» وأمريكا وأوروبا والدول العربية، أهمية ردود فعل شعب فلسطين على عملية الضم إذا حدثت. كل هذا قبل أن يحدث الضم، وتنطلق ردود فعل شعب فلسطين في كل مكان، انطلاقاً من القدس والخليل ونابلس، وسائر أرجاء الضفة الغربية.
إذن، شعب فلسطين بوجوده، وحتى من قبل أن يتحرك، هو الضمانة الكبرى لقضية فلسطين كلها، وليس في الضفة الغربية وحدها.

عن الخليج الإماراتية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا