الرئيسيةمختاراتمقالاتأمريكا والصين وحتمية التاريخ

أمريكا والصين وحتمية التاريخ

بقلم: الأسير أسامة الأشقر

لا يكاد يمر يوماً إلا وتظهر بعض التحليلات التي تتنبأ ببدء انحسار وأفول القرن الأمريكي والذي أقر العالم أجمع بسيادة أمريكا له فدخول أمريكا الحرب العالمية الثانية وتحقيق النصر الساحق جعل منها قوة مسيطرة خصوصاً بعدما قامت بالوقوف بجانب أوروبا من خلال خطة مارشال الاقتصادية التي كان لها الأثر البالغ في إعادة القارة العجوز لسكة التنمية والتطور هذا الأمر الذي كان له بالغ الأثر في تثبيت أقدام أمريكا كحضارة قادمة وبقوة واستمرت هذه الدولة باستغلال مكاسبها الاستراتجية منذ خمسينيات القرن الماضي حتى الآن وما زاد من تفرد أمريكا بالتدخل بقضايا العالم المختلفة سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه الأمر الذي فتح الباب على مصرعيه لتصبح هذه الدولة اللاعب الأوحد على الصعيد الدولي، وهذا بالضبط ما تحاول الآن المحافظة عليه، فالتصريحات المتتالية لمسئولين حاليين وسابقين في الإدارات الأمريكية المختلفة تؤكد بما لا يدعوا مجالاً للشك بأن مؤسسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تستشعر خطراً حقيقياً قادماً من الشرق هذه المرة فالصين تلك الدولة التي تمتلك ثاني اقتصاد في العالم والتي يقارب عدد سكاها المليار والنصف نسمة بدأت تتحول شيئاً فشيئاً من حالة الركود والتلقي لحالة النشاط والمبادرة فما تقوم به على كافة الأصعدة الثقافية والاقتصادية والسياسية يؤكد قدرة هذا البلد على لعب دور أكبر من الدور الحالي والذي لا يناسب قدراتها المتعاظمة فما قامت وتقوم به الصين من توقيع لاتفاقيات بينية ذات أبعاد استراتيجية حقيقية مع كل من روسيا وإيران ودول مهمة في قارة إفريقيا يجعل منها حصاناً رابحاً يمكن التعويل عليه في قادم الأيام، من هنا يصبح للتخوفات الأمريكية ما يبررها فأمريكا اعتادت على أن تكون الدولة المتحكمة بمصائر دول وشعوب لا يجمعها معها أي فضاءات جغرافية أو سياسية هذا الأمر الذي بدأت تفقده لصالح القوى الصاعدة التي تبحث عن حصة تناسب تطلعاتها فالانجازات التي تراكمها الصين خاصة بعد جائحة كورونا ونجاحها في الخروج منها بأقل الخسائر يفتح شهيتها لمزيد من المكاسب الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي وهذا وإن حصل وهو متوقع أن يحصل فلن يكون خارج السياق التاريخي الحتمي الذي لا يعترف بأحقية حصرية لعرق معين بسيادة العالم وإنما هي مكامن القوة التي تحدد المكانة التي ستتبوؤها هذه القوة أو تلك.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا