بقلم : عكرمة ثابت
منذ خمسة شهور وما يزيد ، يواجه شعبنا الفلسطيني بكل شرائحة وقطاعاته الجائحة الوبائية ( فيروس كورونا كوفيد ١٩ ) وهي بكل المعطيات والمشاهد اليومية جائحة عالمية متفشية حصدت مئات الالاف من الارواح البشرية وأصابت الملايين منها .
فيروس كورونا ، الخفي المستشري القاتل ، لم يجد اية صعوبات أو معوقات تقف أمام سرعة إنتشاره وإختراقه العابر للقارات والحدود انطلق وإنتشر كلمح البصر ليضرب معاقل الحصانة الطبية والوقاية المتطورة ، وإمتد كشبح خفي ليقلب النظم الاقتصادية والموازين المالية لدول عظمى ومتقدمة ، ثم توسع نطاق تأثيراته وتفاقمت التداعيات المترتبة عليه لتطال المكونات الاجتماعية والثقافية والنفسية والتربوية في معظم المجتمعات.
فلسطينيا ، لم تكن جائحة كورونا هي الأزمة الوحيدة ، ازمات متراكمة سياسية وأمنية وإجتماعية وإقتصادية تزامن وجودها مع وجود هذا الفيروس اللعين ، وتقاطعت معه في زيادة الاثقال والهموم ومضاعفة المعاناة جنبا الى جنب مع تردي وتراجع الاوضاع الاقتصادية ، الحدود مغلقة والتنقل ممنوع والحركة التجارية مشلولة العائدات المالية على خزينة الدولة ( لله يا محسنين ) والرواتب والمستحقات وموازنات التشغيل والتطوير ودعم الخطط البنيويه كلها على فيض الرحمن ، الامن والطواقم الطبية العاملة في خندق المواجهة مع كورونا الخطير تزحف على بطونها ليل نهار بكل صبر وعزيمة وثبات ، الشعب وقيادته وحكومته يقفون بصدورهم العارية لمواجهة مجموعة من التهديدات التي رافقت تفشي كوفيد١٩ .
خطر كوفيد١٩ لا يقل ولا يختلف عن خطر م ١٦ ، فيروس م ١٦ أشد فتكا وسريع جدا في خطف الارواح وحصد الاجساد والارواح !!!!!
فيروس م١٦ ليس خفي ككورونا ، على العكس مكشوف ومرئي ويتحرك بيننا ويتنقل بالشوارع والحارات ، نسمع صوته الهادر في الليل والنهار ، ويوميا نعيش ونقرأ ونشاهد ونسمع عن آثاره ونتبادل الأحزان والآهات على ضحاياه !!!!
فيروس م ١٦ المستشري ، وللاسف ، في كل مدننا وقرانا ومخيماتنا محصور بمجتمعنا ومسار هجومه لا يتعدى صدورنا ، أمره جدا غريب وعجيب هذا الفيروس !!!! استفحل فينا وسلمت منه الحواجز العسكرية والمستوطنات الاحتلالية ؟؟؟؟!!!!!! كيف تمكن في ظل تفشي فيروس منافس له ( كوفيد ١٩ ) من التسلل الى بيوتنا ومبادئنا وأخلاقنا الوطنية ليفتح نيران حقده على محرمات لطالما فديناها بإرواحنا ودافعنا عن حرمة الدم بكل روح ثورية ووطنية .
فيروس م ١٦ القاتل ، أدار ظهره لكل حملات التوعية ولكل نداءات الحرص والمسؤولية ، وضع كاتم السمع على أذنيه واطلق العنان لرصاصات كاتم الصوت ليشعل فتيل الفوضى والقتل والفلتان بشكل مرعب وخطير ، فيروس م١٦ تجاوز كل القوانين والأنظمة وإنتهك حرمة الدم والدين ،وأصبح الشبح المقلق لكل مواطن حر أمين !!!! فيروس م ١٦ بخطورته وإتساع إنتشاره أصبح أعظم تهديد وتحدي في مجتمعنا الفلسطيني وهو المجرم المنفلت الذي يهدد نسيجنا الاجتماعي وسلمنا الأهلي ويؤثر على حياة وسلامة كل فرد فينا .
لا مجال في هذه الظروف للسكوت عن تفشي هذا الفيروس ( م١٦) في مجتمعنا …لا مجال للإستهتار بآثار إنتشاره التدميرية على مجتمعنا وقضيتنا وعلى مبادئنا الوطنية وأخلاقنا الدينية !!!! لنقف جميعا بحزم ومسؤولية في وجه سلاح الفلتان والفوضى ، وليأخذ القانون مجراه لتطبيق النظام والعدالة وحماية السلم المجتمعي …حمى الله فلسطين وشعبها من شر الوباء ( فيروس كوفيد١٩ ) ومن شر البلاء ( فيروس م ١٦ ) .. وأخيرا لا بد من ضبط فلتان السلاح وكل من يطلق رصاصة يجب ملاحقته ومحاسبته قضائيا وعشائريا .