الرئيسيةمختاراتمقالاتفنزويلا الصامدة وترامب الآفل

فنزويلا الصامدة وترامب الآفل

بفلم: السفير منجد صالح

تعتبر فنزويلا اليوم “جزيرة” الصمود في أمريكا اللاتينية في خضمّ بحر مُتلاطم من الدول المؤيدة او التابعة للولايات المتحدة أو الدول التي أستطاع العم سام أن يُعيدها إلى “حظيرة حديقته الخلفية”، بعد سنوات من “الاستقلال” والبعد عن السياسة التوسعية العدوانية الأمريكية، وأهمها وعلى رأسها البرازيل.

ففي آخر الإشارات والدلائل الواردة والمتواترة عن “أجواء” بحر الكاريبي، “المحشو” بجزر جميلة خلابة، الذي يفصل شواطئ شمال فنزويلا عن شواطئ جنوب الولايات المتحدة في ميامي وبالم بيتش، بأن إدارة الطاووس الأشقر ترامب قد وضعت “ملف فنزولا على الرف”، تحسّبا للإنتخابات الأمريكية السائرة حثيثا والتي سترسو في مرفأها بعد شهر ونصف من الآن، وتحسبّا من جني مزيد من الفشل في التعامل مع جمهورية فنزويلا البوليفارية، الذي سينعكس بالضرورة في صناديق إنتخابات الشعب الأمريكي.

لقد جنّد ترامب “شياطين الأرض”، شياطينه المُقرّبين وعلى رأسهم المُتطرّف “جزن بولتون”، مستشاره حينذاك، من أجل الإيقاع بجمهورية فنزويلا البوليفارية، وسحبها من موقعها المناهض ل”وحش الشمال المُتربّص”، وجعلها إحدى “جمهوريات الموز” التي يحكمها فعليّا السفير الأمريكي وليس رئيس “دولتها”.

ملف فنزويلا التي فشلت فيه الإدارة الأمريكية وأذرعها التجسّسية فشلا ذريعا مُدوّيا. فشلت في “تنصيب” عميلها، فنزويلي المولد أمريكي اللسان والإنتماء، خوان غوايدو، ولم تنجح في “إزاحة” الرئيس التقدّمي اليساري نيكولاس مادورو، وريث تركة الرئيس المرحوم هوغو تشافيز، “المتروسة” وطنية وأممية وتأييدا لنضالات الشعوب وثوراتها، والمناهضة لأمريكا وسياساتها وأعوانها وأدواتها ووكلائها في القارّات الخمس.

لقد صمدت فنزويلا في وجه “رياح الشمال العاتية”، وحصّنت نفسها وذاتها، بالرغم من الحصار المفروض عليها وبالرغم من الصعوبات الإقتصادية والإجتماعية.

وقد إستطاعت ان تُحدث ثغرات في جدار الحصار الأمريكي المضروب حولها، وإتّخذت من كوبا الأبية مثلا يُحتذى لها ونبراسا يُنير الطريق امام صمودها ومقاومتها.

فجمهورية كوبا تخضع للحصار الأمريكي الظالم منذ عام 1959، حين إنتصرت ثورتها المظفرة بقيادة فيدل كاسترو والتشي غيفارا على النظام الدكتاتوري المدعوم من الولايات المتحدة.

وحوّلت كوبا من جزيرة منتجع للأمريكان إلى قلعة من قلاع الثورة والصمود على مستوى العالم.

وكان للدعم الروسي والصيني لنظام الرئيس مادورو التقدمي الأثر البالغ في صمود الشعب الفنزويلي والقيادة الفنزولية، حيث شكلّت روسيا والصين مظلة حماية لفنزويلا ومنعت أية مغامرة رعناء من قبل ترامب وقوّاته الجاهزة دائما للتدخل والعدوان.

وقد دخل عامل جديد على “منصّة” صمود فنزويلا ومنعتها وثباتها ألا وهو العامل الإيراني، حيث وقفت جمهورية إيران الإسلامية بكل مبدئية ووفاء إلى جانب فنزويلا المحاصرة وزوّدتها، تحت نظر وبصر ومراقبة مارينز الولايات المتحدة، بسلسلة من ناقلات النفط العملاقة التي جابت البحار والمحيطات ورست في الموانئ الفنزولية، وزوّدت الدولة الصديقة بحاجاتها من النفط ومشتقاته.

قبل عدة سنوات عندما كان الرئيس هوغو تشافيز يُلقي خطابا موزونا ثوريا تعبويا وطنيا لاتينيا كان صدى خطابه يتردد في جنبات أمريكا اللاتينية ودولها وحكامها التقدميين، أبناء حركات التحرر الوطني من أيام السبعينيات والثمانينيات.

كان يتردد صداه تضمانا وإنسجاما وسيرا في نفس الدرب، في البرازيل إغناسيو لولا دا سيلفا، ومن بعده الرئيسة التقدمية ديلما روسيف.

في الأرجنتين كريستينا كيرشنر الرئيسة التقدمية التي سارت بالأرجنتين الحرة الأبية على وقع ذكرى التشي غيفارا، الأرجنتيني المولد الكوبي الإنتماء الأممي النضال والثورة.

في البيرو الرئيس اليساري التقدمي أويانتا أومالا الذي نهض بالبيرو والذي إفتخر بحصوله على بطاقة عضوية النادي الفلسطيني في ليما يوم تنصيبه رئيسا للجمهورية.

في الإكوادور الرئيس رفائيل كوريا الذي سيّج بلاده ومنع التدخلات الأمريكية وتحالف مع الرؤساء التقدميين السالف ذكرهم.

وفي نيكاراغوا ما يزال الصدي يتردد فيجيب القائد دانييل أورتيغا الذي حرر ماناغوا بيتا بيتا وإنتصرت ثورة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني بقيادته عام 1978، وما زالت نيكاراغوا تحت قيادته واحدة من القلاع التقدمية الباقية.

وفي هافانا القائد فيدل كاسترو ومن بعده شقيقه القائد راؤول كاسترو، قلعة الثوار والحصن المنيع والخندق المُتقدّم والشوكة التي تُزعج العم سام.

هذا مع العلم بأن الولايات المتحدة “تبلطجت” على الحكومة الكوبية والشعب الكوبي ورفضت، بالقوة المسلحة الغاشمة، إرجاع الأراضي المبني عليها قاعدة غوانتانمو، سيئة السمعة والصيت، حيث كان توجّب إعادتها لكوبا عام 2000 حسب عقد تأجيرها لمدة 99 عاما منذ عام 1901.

ميزان القوى بين كوبا والولايات المتحدة مُختلّ دون شك لصالح ألإمبريالية الأمريكية، لهذا فإن كوبا الثورة لم تستطع من إستعادة أراضيها من مقاطعة غوانتانمو الجنوبية كما إستعادت الصين هونغ كونغ من الحكم البريطاني.

كوبا وفنزويلا رايتان خفّاقتان في سماء أمريكا اللاتينية تُشعّان كنجمتين ينبثق منهما العز والفخار والأنفة والمقاومة.

نجوم الشعوب المكافحة سيبقى نورها خفّاقا أبد الدهر، أما ليل الإستعمار والظلم والإحتلال فحتما إلى أفول وزوال.

كاتب ودبلوماسي فلسطيني

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا