ننقسم كي نتوحد

بقلم: محمد علي طه

نحن عرب أقحاح ودمنا نقي على الرغم من حملات التتار والمغول والفرنجة، فنساء يعرب وقحطان لرجال يعرب وقحطان، نساء شريفات طاهرات: وإذا ابتسمت إحداهن لغير زوجها أو أخيها قتلناها حفاظا على شرف القبيلة.

ونحن قبائل وحمائل وبطون وأفخاذ وحتى أنامل، ومن شدة اعتزازنا بنسبنا نظمنا قصائد الفخر، وأنسنا سيوفنا وحنطناها ورثيناها.

نعتز بثوابتنا وبتقاليدنا مثلا نأخذ بالثأر ولو بعد أربعين عاما ونصلي الصلوات الخمس ونلعن الشيطان.

رضعنا الحرية من أثداء أمهاتنا ومن شعر خيامنا، ولا نؤمن بوحدة خارجة عن حمولتنا، فأنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب، والغريب ليس بالضرورة أجنبيا بل قد يكون جارنا أو قريبنا أو بلدياتنا أو صهرنا.

رافقتنا الفتنة منذ فجر الإسلام فقتلنا الخلفاء الراشدين باسم بالدين، وبكينا على ذي النورين، وانتحبنا على من كرم الله وجهه، ولعنا الوسواس الخناس وانشطرنا الى قيسية ويمنية.

وحدنا معاوية الأموي في عام الجماعة ودفعنا مهر الوحدة ثمنا غاليا أسميناه التوريث، فما كان من أبناء عمنا العباس إلا أن ذبحوا هذه الوحدة مثل أضحية العيد مستعينين بأحفاد فيروز أبي لؤلؤة.. ولم تكن دعوة الأجنبي لنصرتنا جديدة في تاريخنا فقد ابتدعها الذي ضيعه أبوه صغيرا وحمله دمه كبيرا وسجل بدعوة الروم إلى جزيرة العرب سابقة تاريخية، تفوق معلقة “قفا نبك” فسار على نهجه ابن العلقمي وذرية سلاطين سايكس بيكو.

وحدنا صلاح الدين فسجلنا النصر الكبير في حطين واستعدنا القدس وطهرناها من الدنس فما أن مات القائد حتى عدنا نبحث عن داحس والغبراء… وناقتنا الحبيبة.

اكتشف الغرب عزوفنا عن الوحدة فقسمنا المستعمران العنصريان سايكس وبيكو إلى دويلات وإمارات ومشيخات وصنع من عجيننا وطيننا ملوكا وأمراء وشيوخا وسلاطين ثم عصرنها برؤساء جنرالات.

كم كنت طيب القلب ونقي السريرة، يا أبا خالد، عندما وحدت النيل مع بردى وطمحت بدجلة الخير ولم تتوقع أن يطعنك بظهرك تجار الشام وأيتام الفرس والرومان.

يا لسذاجتنا نحن العرب الباقين في هذا الوطن الصغير الجميل.. لا ترى عيوننا الانقسامات والحروب الأهلية في الشام والعراق والسودان واليمن وليبيا و…و كأننا لم نسمع عن الانقسام الفاقع في شعبنا الفلسطيني، فتح وحماس، ووحدة وحدة ما يغلبها غلاب. وحدة أحباب. كيف نتحدث عن الوحدة لو لم ننقسم؟

نحن عرب أقحاح نحب حرية البادية ونحن أقلية صغيرة لا يعجبنا العجب، ونسبح عكس التيار، ونشكل قائمة مشتركة فيها الاسلامي والشيوعي، والقومي والأممي والسني والشيعي وفيها العربي واليهودي، ونتحدى الثعالب والأقنان!!

على رسلنا!! لماذا وجع الرأس؟ ولماذا نرتدي بذلة أكبر من مقاس الجسد؟

نحن أبناء قيس ويمن. نحن عرب ولا نخجل وكل منا يغني على ليلاه وننقسم على اثنين، على ثلاثة…على…

ونتهم القوى الأجنبية ثم نسعى الى الوحدة.

ما أذكانا..!! ما أذكانا..!!

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا