الرئيسيةمختاراتمقالاتفي العام 2021 قلق العالم.. والقلق الفلسطيني

في العام 2021 قلق العالم.. والقلق الفلسطيني

بقلم: باسم برهوم

القلق هو شعور طبيعي يصاحب الانسان، وهو شيء إيجابي إذا لم يتحول إلى حالة مرضية، فعندما نقلق تكون هناك أسباب لذلك، وفي الوقت نفسه القلق يجعلنا نفكر بالمستقبل بهدف التخلص من المخاطر. في العام 2020 باغتنا فيروس كورونا وقلب حياة البشرية رأسًا على عقب، فساد الخوف والقلق، وساد مايشبه حالة الحصار، حيث طبق الإغلاق في معظم بقاع الأرض. وبالنسبة للفلسطيني على وجه الخصوص، كان قبل كورونا يعيش قلقه السياسي الناجم عن الهجوم المنظم الذي كانت إدارة ترامب تشنه عليه، وعلى قضيته الوطنية، فأصبح القلق مضاعفًا، وكان مرهقًا بل موجعًا.

وبعد أن دخلت البشرية العام الجديد. عام 2021, فان القلق لم يتبدد مع البدء باستخدام اللقاح ضد كورونا، من دون شك أنه منحنا الأمل بالقضاء على هذا الفيروس اللعين، ولكن القلق لم يكن محصورا بالوباء وحده، فهناك أسباب لا تقل خطورة، هناك تآكل للقيم الأخلاقية في السياسة الدولية، وهناك قبول وتعايش اكثر مع فساد السياسيين وفي اوساط النخب. وبشكل خاص هناك تآكل في قيم النظام الديمقراطي، في ظل صعود للقوة اليمينية المتطرفة والفاشية، وتراجع للقوى الاجتماعية والثقافية التي كانت تؤنسن المجتمع أكثر وتفرض نوع من التوازن لمصلحة التضامن والتعاون.

أما العامل الذي يسهم في هذه التحولات السلبية، هو عدم قدرة العقل الفردي في هضم وتحليل هذا السيل الهائل من المعلومات الني تصل إليه، والكثير منها، إن لم يكن معظمها لا مصداقية له، الأمر الذي جعل الفرد والمجتمع يعيشان حالة من الفوضى وعدم القدرة على التركيز مما يسهل على المتحكم بهذا العالم الافتراضي أن يفرض سيطرته.

إن القلق ناجم من هذا الشعور الغريب بالعجز في مواجهة هذه الفوضى، فالعقل الإنساني لم يكن مهيأ لمثل هذا التطور السريع والدراماتيكي في وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات وهيمنة الشبكة العنكبوتية على الحياة في كل تفاصيلها. فالقلق يتضاعف ويزداد في المراحل الانتقالية، ودون شك أن البشرية تنتقل اليوم من عصر إلى آخر تمامًا، كما مرت عند اكتشاف النار والعجلة ولاحقًا الكهرباء…الخ.

ونعود لنا نحن الشعب الفلسطيني، فنحن جزء من هذه البشرية وقلقها ولكن ظروفنا أكثر تعقيدًا ومدعاة للقلق بشكل مضاعف، وأساس ذلك أننا شعب تحت الاحتلال، مسلوب الحرية والسيادة بسبب هذا الاحتلال، قلقون نعم ولكن علينا ألا نحول القلق إلى حالة مرضية وعجز ويأس، فأهمية القلق هو في البحث عن حلول ومخارج. قد تكون الوصفات التقليدية لم تعد تكفي وحدها، فالمطلوب منا جهد اكبر للتسلح بالمعرفة، لأنها وفي كل المراحل من دروب الحل. هناك أكثر من سبب يجعلنا نركز أكثر على التعليم، أن يكون هدف العملية التعليمية، هو إنتاج الانسان صاحب العقل الحر المعرفي، قد يحتاج ذلك إلى وقت طويل للوصول إلى هذا الهدف، ولكن لمن ينظر للأمور بعمق سيكتشف أن علينا اليوم والآن أن نطور أساليب التعليم ومناهجه، وفي المقابل يواصل السياسي عمله لتغيير قواعد اللعبة التي فرضت علينا، وتستهدف إصابتنا بالاحباط، الكل الفلسطيني مسؤول اليوم لجعل قلقنا، قلق المبدع الذي يتحدى الصعاب ويجترح المستحيل.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا