الرئيسيةمختاراتمقالاتانتخابات للشعب وليس للفصائل

انتخابات للشعب وليس للفصائل

بقلم: غسان زقطان

لا أدري ما هو عدد المرات التي استدعي فيها د. حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية في فلسطين لمناقشة موضوع الانتخابات الفلسطينية، وتحديد تواريخ إعلان المراسيم الرئاسية وطريقة تنظيمها، بالتوازي أو التوالي، حسب اتفاق الفصائل ومزاجها السياسي، ولكنها بالتأكيد، الاستدعاء والنقاش، تكررت أكثر من مرة.
مهمة صعبة ومعقدة هي مسؤولية حنا ناصر، إذ عليه أن يصغي إلى أكثر من جهة تتعامل مع نفسها ومشروعها بصفته الجهة الشرعية الوحيدة المؤتمنة على الديمقراطية الفلسطينية، ونظامها السياسي ومشروعها الوطني، بينما تشكل موافقتها على مجرد إجراء انتخابات، مؤجلة منذ حوالى عقد ونصف العقد، نوعاً من التسامح الوطني والحرص على الوحدة والتضحية من أجلها، وتحسبه في «ميزان حسناتها» التي تقدمها للشعب.
عليه، ناصر، أن يسعى بدأب بين رام الله وغزة، وأن يصغي إلى خطابين وروايتين حول كل شيء تقريباً، وأن يمشي على رؤوس أصابعه عندما يدخل ردهات التفاوض، وأن يبحث عن أكثر الصيغ قدرة على ترتيب وتحقيق وتهدئة مطالب الجميع ومخاوفهم، وأن يقدر شكوكهم ويتفهم ذلك قبل أن يقترح، كبداية، تاريخاً للمرسوم الصادر من رام الله، والذي يحمل بدوره الاتفاق على الفكرة، وتواريخ إجراء الانتخابات، وأن يحرص على الترتيب المتفق عليه بالتوالي حسب الدور، الانتخابات التشريعية تليها الرئاسية، هذا يتعلق بالسلطة الوطنية، ثم انتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير.
وأن يحمل في نفس الوقت، وفي هذه الممرات القاسية مصالح الناس وحاجاتهم وأحلامهم. هذه مهمة صعبة فعلاً.
ثمة فهم تشكل خلال تكرار مطلب «الانتخابات» جعل من الانتخابات كياناً منفصلاً عن كل شيء، كياناً قائماً بذاته ويمتلك لمسة السحر التي تجعل من كل شيء ممكناً، «المصالحة»، إنهاء الانقسام، تفكيك الحصار، تحقيق العدالة والمساواة، محاربة الفساد وتعزيز الرقابة.
تبدو «الانتخابات» غاية مستقلة، منفصلة عن النظام ومنطقة لإظهار حسن النوايا وتسجيل النقاط المجانية غير المكلفة، وتذهب أبعد من ذلك عندما تنشأ عن اتفاق فصائلي معزول عن القاعدة الشعبية.
اتفاق ينشأ من حاجة الفصائل والأحزاب إلى تجديد شرعيتها وليس من حاجة الناس إلى التغيير وإصلاح النظام السياسي الذي تهلهل خلال العقدين الأخيرين وتسبب في أضرار عميقة للمشروع الوطني، وأضعف الحضور السياسي والثقافي للشأن الفلسطيني.
ما نحتاجه في فلسطين أمام سلسلة الخسارات التي تسبب بها الانقسام، الانقسام الذي تسببت به هذه الفصائل نفسها، الفصائل التي حولت الانقسام إلى ثقافة، ما تحتاجه هذه البلاد هو التغيير وبناء نظام سياسي تشكل وثيقة الاستقلال مرجعيته وثقافته. الانتخابات ينبغي أن تخدم هذه الحاجة وأن تحقق هذه المصلحة.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا