الرئيسيةمختاراتمقالاتترامب .. الرئيس الأميركي الأسوأ

ترامب .. الرئيس الأميركي الأسوأ

بقلم: د. رمزي عودة*

لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية يواجه رئيس أميركي إجراءات العزل القانوني مرتين في تاريخ ولايته، وهي مسألة ستكون بمثابة وصمة عار على هذا الرئيس الذي طالما تباهى في شعبويته وتطرفه، وأغرق الولايات المتحدة بسلسلة من السياسات الداخلية والخارجية المتطرفة تحت شعار “أميركا أولا”.

وبالمحصلة أسفرت هذه السياسات الداخلية عن فشل ذريع في إدارة ملف كورونا في البلاد، وعن تصاعد حالات التطرف والعنصرية، وعن تباطؤ حاد في الاقتصاد. كما أدت السياسات الخارجية الترامبية الى إغضاب حلفاء الولايات المتحدة التقليديين مثل دول الاتحاد الأوروبي الذين انزعجوا من طريقة إدارة القيادة الأميركية المنفردة للنظام الدولي. إضافة الى اشتعال الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وارتفاع وتيرة التوتر والتسلح في إدارة العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. زيادة على ذلك، فان صفقة القرن والسماح لإسرائيل بالتوسع الاستيطاني ونقل السفارة الى القدس؛ كلها سياسات أدت الى إحراج الولايات المتحدة عربيا ودوليا، باعتبارها سياسات انتهكت قواعد القانون الدولي، ولم تؤدِ الى تحقيق السلام في المنطقة كما كان يروج لها ترامب. بالنتيجة، فإن ترامب يستحق بجدارة لقب “الرئيس الأميركي الأسوأ” في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي جعله يواجه إجراءات العزل مرتين في تاريخ ولايته.

بأغلبية 232 صوتا مقابل 191، نجح جميع النواب الديمقراطيين و10 نواب جمهوريين، مساء الأربعاء الماضي في مجلس النواب بالموافقة على إجراءات عزل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، وأقر لائحة اتهامه في إطار “التحريض ضد التمرد”. ويحتاج قرار عزل ترامب موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ (نحو 37 سيناتورا).

من جانبه، أكد ماكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، أنه لن يدعو مجلس الشيوخ للالتئام قبل الموعد المقرر لاستئناف جلساته في 19 يناير الحالي، مبررا قراره هذا بأنه “حتى لو بدأت إجراءات (المحاكمة) في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع وسارت بسرعة، فلن يتم التوصل إلى حُكم نهائي إلا بعد أن يكون الرئيس ترامب قد غادر منصبه”. وقد أعرب بايدن في بيانه استعدادا لحفل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة عن أمله في “أن تجد قيادة مجلس الشيوخ طريقة تمكنها من أن تتعامل في آن واحد مع مسؤولياتها الدستورية بشأن إجراء العزل، ومع الشؤون العاجلة الأخرى لهذه الأمة”.

في الواقع، من غير المتوقع، أن يتم التصديق على عزل الرئيس الأميركي من قبل مجلس الشيوخ، حيث ان قرار العزل يحتاج الى أغلبية الثلثين؛ وهي أغلبية مستحيلة تحققها لا سيما في قرار مهم مثل قرار عزل الرئيس. ومع هذا، فان إصرار الديمقراطيين الذين يعَوْن هذه الصعوبة جيدا على محاكمة الرئيس، يمكن فهمها من خلال أربعة أهداف رئيسية؛ وهي:

– الهدف الأول: تكريس الممارسة العملية للقيم الديمقراطية الأميركية العليا المتعلقة باحترام حقوق الإنسان ومبادئ الدستور الأميركي من قبل الرئيس الأميركي باعتباره حاميا لهذه المبادئ. وبالضرورة، فإن محاكمة ترامب لاختراقه هذه المبادئ ستكون رادعا لأي رئيس أميركي قادم يمكن أن يفكر في انتهاكها كما فعل ترامب.

– الهدف الثاني: منع ترامب من العمل السياسي لاحقا، حيث ان الدستور الأميركي ينص على عدم جواز قيام الرئيس المعزول بالترشح للانتخابات أو لتقلد أي منصب سياسي.

– الهدف الثالث: محاكمة ترامب جنائيا، حيث يؤكد خبراء الدستور في الولايات المتحدة أنه يمكن أن تتم محاكمة ترامب جنائيا لارتكابه أعمالا ترقى لمستوى الجرائم أثناء ولايته؛ مثل تحريض مؤيديه على اقتحام مبنى الكابتول، وارتكابه جرائم مالية، وانتهاكات لقانون تمويل الحملات الانتخابية، وعرقلة سير العدالة، والفساد، وذلك وفقا لما أوردته شبكة سكاي نيوز العربية نقلا عن صحيفة نيويورك تايمز قبل عدة أيام.

– الهدف الرابع: إطالة فترة محاكمة ترامب من قبل مجلس الشيوخ، حيث ان إجراءات المحاكمة والتحقيق في مجلس الشيوخ تستمر في العادة لفترة طويلة، ويجوز حسب الدستور الأميركي أن تستمر محاكمة الرئيس من قبل مجلس الشيوخ حتى بعد انتهاء ولايته. وبالضرورة، فإن إجراءات التحقيق والمحاكمة ستعزز من حظوة الديمقراطيين في الشارع الأميركي، ويمكن استثمارها لاحقا في تعزيز صعود الديمقراطيين في أي انتخابات قادمة تشريعية أو رئاسية أو محلية.

وفي المحصلة، فإن عهد ترامب لن ينتهي فقط في العشرين من الشهر الجاري، وإنما سيستغل الديمقراطيون بذكاء انتهاكاته وشعبويته بهدف إنهاء “الترامبية” في المجتمع الأميركي. وسيعمدون بالضرورة الى استصدار تشريعات وسياسات من شأنها أن تمنع تيار الترامبية من الصعود مجددا في العمل السياسي في الولايات المتحدة.

وسيتحتم على الجمهوريين لمواجهة هذه الضغوط التي ستستمر طول فترة إدارة بايدن إعادة بناء حزبهم، واستئصال تيار الترامبية المتفشي بين صفوفهم، إذا ما أرادوا أن ينافسوا بقوة في الانتخابات العامة القادمة في الولايات المتحدة.

———-

* مدير وحدة الأبحاث في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي

المادة السابقة
المقالة القادمة
أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا