الرئيسيةأخبارالرئيسيةالخليل القديمة.. تهويد على خطى "المذبحة"

الخليل القديمة.. تهويد على خطى “المذبحة”

على خطى “المذبحة” التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين قبل 27 عاما في المسجد الابراهيمي (فجر الجمعة 25/شباط 1994)، والتي راح ضحيتها 29 مُصليا في الحرم الشريف، تواصل سلطات الاحتلال، ودونما توقف، “مذبحة” من نوع مختلف تستهدف تاريخ الخليل وإرثها الحضاري الذي يعود الى ما قبل خمسة آلاف عام.

“مذبحة” تجري على مهل برسم التهويد والنهب والاستيطان في سبيل تحقيق الأهداف والغايات العنصرية والتوسعية بإقامة ما يسمى “الخليل اليهودية”.

على مدار الوقت، هناك في البلدة القديمة من المدينة، وتحديدا في شارع الشهداء المغلق منذ عقود أمام حركة المواطنين والمركبات، تعمل آليات ثقيلة وأخرى خفيفة تابعة لسلطات الاحتلال ولجمعيات استيطانية متطرفة، على تدمير الإرث التاريخي الفلسطيني للمكان بمحطة الحافلات المركزية (الكراج القديم) بحجة تنفيذ مشاريع بنيه تحتية من اجل تعزيز معسكر جيش الاحتلال الجاثم على أراضي وممتلكات فلسطينية.

“كل ذ لك يندرج في إطار تزوير التاريخ الفلسطيني” بحسب مدير عام لجنة إعمار الخليل عماد حمدان، الذي قال: “هذه الحفريات والاعتداءات كارثة حقيقيه تزيد الأمر تعقيدا في البلدة القديمة التي ينهشها الاستيطان تدريجيا”.

وأضاف، معسكر جيش الاحتلال بمحطة الحافلات القديمة، ملاصق لمنازل ومباني مأهولة بالسكان، وهذه الحفريات تندرج في إطار تبادل الأدوار بين الحكومة الإسرائيلية ومستوطنيها المدججين بالسلاح الذين يمارسون كافة أصناف الإرهاب على المواطنين العزل في البلدة القديمة التي أبرز معالمها الحرم الابراهيمي وشارع الشهداء وحي تل الرميدة. وأوضح “حكومة الاحتلال أقرت عام 2018 بناء 31 وحدة استيطانية جديدة، وثلاث رياض أطفال في البلدة القديمة، عقب قرارها الذي اتخذته عام 2017 بإنشاء سلطة محلية في البلدة، وحصلت لجنة اعمار الخليل من خلال التماس لمحكمة الاحتلال العليا قدمته ضد قرار البناء، في 10-2-2020 على أمر احترازي بمنع أي أعمال على ارض الكراجات، أو البدء بأعمال الرخصة”.

ودعا حمدان الى الوقف “الفوري لكافة هذه الممارسات العنصرية والخطيرة والتي تهدد الاستقرار وتهدف إلى التصعيد، مطالبا المجتمع الدولي بالتدخل الفوري للضغط على حكومة الاحتلال لوقف كافة هذه الإجراءات غير قانونية”.

واعتبر خبير الخرائط والاستيطان في محافظة الخليل، عبد الهادي حنتش، أن الحفريات التي تقوم بها حكومة الاحتلال في الخليل القديمة، إمعان في ضرب كافة المعاهدات والاتفاقيات والقرارات الدولية بعرض الحائط، والتي من اهمها قرار اليونسكو بإدراج البلدة القديمة في مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي على قائمة التراث العالمي للمحافظة عليها كموروث ثقافي وانساني خلال جلسة “اليونسكو” في مدينة كراكوف في بولندا عام 2017، ومن ثم اعتماد لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، خلال اجتماعها الـ42 المنعقد في العاصمة البحرينية المنامة عام 2018، قرار متعلق بحالة الحفاظ على بلدة القدس القديمة وأسوارها، والثاني يخص حالة الحفاظ على بلدة الخليل القديمة التي تبقى بسبب الانتهاكات الإسرائيلية على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر.

وتابع حنتش، تنفيذ الاحتلال حفريات في محيط محطة الحافلات القديمة، الواقعة في شارع الشهداء بما نُعرفه نحن الفلسطينيين بـ “الكراج” الملاصق لمدرسة أسامة بن المنقذ والتي حولها الاحتلال الى معهد ديني لتخريج الحاخامات، يؤكد ان حكومة الاحتلال التي جلبت عدة عائلات من مستوطنيها واسكنتهم في ذات الموقع بعد قرارها بناء 31 وحدة استيطانية، وهي أداة من أجل تبييض خروج مستوطنيها عن القانون الذي سنّته هي، لأنها أصدرت قرارا في الثمانينيات من القرن الماضي يقضي بإعادة محطة الباصات التي حولتها سلطات الاحتلال قبل عدة عقود معسكرا لجيشها الى أصحابها.

وقال حنتش، إن سلطات الاحتلال ذاتها أصدرت لاحقا قرار يقضي بفتح شارع الشهداء أمام الفلسطينيين، لكن الشارع ما زال مغلقا، كما أصدرت امرا احترازيا عام 2020 بمنع أي أعمال على ارض “الكراجات”، أو البدء بأعمال الرخصة، وهي التي تخالف قرارات محاكمها وتنفذ عمليات حفر وتدمير بقوة السلاح.

وبين حنتش، ان الاحتلال يهدف بحفرياته وتهويده للخليل القديمة، ربط أربع بؤر استيطانية في البلدة وهي: “ابراهام أفينو”، و”بيت هداسا”، و”بيت رومانو”، و”رامات يشاي” مع غيرها من المستوطنات المقامة على أطراف البلدة والبؤر والمعسكرات الإسرائيلية ببعضها البعض، لتكون بمجملها ما يسمونه “الحي اليهودي” مما يعزز سيطرة المستوطنين على قلب الخليل.

من جانبه، حذر مساعد محافظ الخليل رفيق الجعبري، من خطورة حفريات الاحتلال في شارع الشهداء الذي يذخر بالتاريخ الفلسطيني والحضارة الإنسانية العريقة، واعتبر في حديث مع “وفا”، الحفريات الإسرائيلية في قلب الخليل، تعدياً وانتهاكاً صارخاً لكافة القوانين والأعراف الدولية التي تجرِّم الاحتلال والاستيطان، وخطوة جديدة نحو تهويد المدينة وفتح باب الاستيطان على مصراعيه فيها.

ونوه الجعبري الى ضرورة وقوف منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، والتي أعلنت قبل عدة أعوام الخليل القديمة مدينة تراثية إسلامية، عند مسؤولياتها للجم سلطات الاحتلال التي تزور التاريخ في الخليل القديمة بهدمها ممتلكات المواطنين.

وأكد نائب رئيس بلدية الخليل يوسف الجعبري لــ”وفا”، أنّ البلدية لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الحفريات والانتهاكات الخطيرة، وستعمل جاهدةً على منعها، داعياً كل الجهات الحقوقية والدولية للتصدي لهذه الحفريات والضغط على حكومة الاحتلال لوقف انتهاكاتها واعتداءاتها بحق ممتلكات المواطنين والمؤسسات.

ودعا أصدقاء دولة فلسطين في العالم إلى التحرك على كافة الصعد لوقف هذه الاعتداءات الإسرائيلية بشكل عاجل وحماية الوجود الفلسطيني في قلب الخليل.

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد سعيد التميمي، قال من جانبه إن يمارس أبشع أشكال الفصل العنصري في الخليل، كما باقي الأراضي الفلسطينية.. تصعيد وإرهاب منظم يمارسه الاحتلال ومستوطنوه على ممتلكات المواطنين في كافة أنحاء الخليل التي تحتل مكانة تاريخية ودينية بعد القدس، خاصة أن الحرم الابراهيمي الشريف هو رابع مكان مقدس للمسلمين في العالم.

وحمّل التميمي، حكومة الاحتلال المسؤولية عن تداعيات هذه الحفريات قائلا “حكومة الاحتلال التي يرأسها نتنياهو تعمل وفق خطة منظمة من اجل تزوير التاريخ الفلسطيني وسرقة المزيد من الأراضي والممتلكات الفلسطينية لصالح توسيع الاستيطان على أراضينا التي احتلت عام 1967م.

ويستوطن في محافظة الخليل ما يقارب 17 ألف، جُلهم من المتطرفين، موزعين على 27 مستوطنة وعدد من البؤر الاستيطانية الملحقة بالمستوطنات. ففي شمال الخليل تقع مستوطنات ‘كرمي تسور، وتيلم، ومجدال عوز، وادورة. وفي جنوبها تقع كرمئيل، وماعون، وسوسيا، ومتسادوت يهودا، وشامي لفنه، وشمعة، والمنطقة الصناعية ‘ميتوريم’ وطنا عماريم، وسنسانا A وسنسانةB، وعتنئيل وحجاي. والى الغرب من الخليل تقع مستوطنات ‘اشكليوت، ونحال نجهوت، فيما يقع الى الشرق من الخليل ‘جفعات خارصينا، ومتساد شمعون، ومتساد اصفر، وبني حيفر، وكريات أربع. كما تحيط بمحافظة الخليل اضافة الى هذه المستوطنات العديد من البؤر الاستيطانية التي يجهد الاحتلال في توسيعها.

وتغلق سلطات الاحتلال بأوامر عسكرية، أكثر من 500 محل تجاري وسط مدينة الخليل، فيما تجبر وبالتعاون مع المستوطنين، أصحاب أكثر من ألف محل تجاري آخر على إغلاقها بالبلدة القديمة التي قَطعت أوصالها بنحو 100 حاجز وبوابة عسكرية من أنواع مختلفة، في وقت يتمتع فيه المستوطنون بحرية الحركة في الشوارعِ المغلقة ويحظون بحماية قوات الاحتلال.

وفا- جويد التميمي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا