سلسلة كتاب رياض الصالحين للإمام النووي
قراءة الأستاذ حمد الدريهم
نبذة عن كتاب رياض الصالحين
لم ينل كتاب القبول بعد الكتب الستة التي تروي أحاديث رسول الله بين المسلمين كما ناله كتاب “رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين”، فقد جمع مؤلفه الإمام يحيى بن شرف النووي الدمشقي أحاديث الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة، ورتّبها في أبواب وفصولٍ، وجاء عدد صفحات الكتاب 700 صفحة، وبلغ عدد الأحاديث التي في الكتاب 1903 حديثا، جاءت مرويّة عن طريق الصحابة -رضوان الله عليهم- في أفعال النبي وأقواله في العبادات والمعاملات والشؤون الحياتية وفي العقيدة، وقد عزم المؤلف في كتابه رياض الصالحين على أن لا يذكر إلا الأحاديث الصحيحة، وقد شرح أحاديثه الإمام النووي بطريقة جزلة وسهلة، نقل في قليل من المواضع بعض أقوال الصحابة وأفعالهم، للدلالة على تأسّيهم وتمسكهم بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعل الأحاديث مبوّبة في 372 بابا، ليسهل على القارئ والمتعلم قراءتها وفهمها والرجوع إليها، فما من بيت مسلم إلا وعنده كتاب رياض الصالحين، ومن النادر أن يخلو من بيت مسلم، وإن خلا فما خلا ذكره، توفي الإمام النووي سنة ست وسبعين وسِتِّمائة من الهجرة عن خمس وأربعين سنة -رحمه الله تعالى.
مؤلف كتاب رياض الصالحين
هو أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، نسبته لبلدة نوى، تقع في ريف دمشق في سورية، فهو أحد أبرز الشيوخ الشافعية، ومن العلماء من لقّبه بشيخ الشافعية، ولد النووي في عام 1233م، في قرية نوى السورية، وقد بدأ بحفظ كتاب الله في سن العاشرة من عمره، أخذ الأمام النووي الفقه من كبار علماء الشافعية، وبفترة وجيزة حفظ الفقه وأتقنه، وكان النووي مع كثرة علمه وعلومه وقوة حجته، لا يحب الجدال، وكان يعرض عنه، وقال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء: “كان من سعة علمه عديم النظير، لا يرى الجدال، ولا تعجبه المبالغة في البحث، ويتأذى ممن يجادل ويعرض عنه”، وقال في موضع آخر: “كان لا يتعانى لغط الفقهاء وعياطَهم أو “عياظَهم” في البحث بل يتكلم بتؤدة ووقار”، ويقول تلميذه ابن العطار عنه: “كان حافظاً للمذهب الشافعي وقواعده وأصوله وفروعه، ومذاهب الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم وإجماعهم، وما اشتهر من ذلك جميعه وما هُجر، سالكاً في كلها طريقة السلف”، وقد وافته المنية في عام 1277، رحمه الله.
خصائص كتاب رياض الصالحين
لكتاب رياض الصالحين سمات وميزات كثيرة، فمن هذه السمات أن النووي اختار أصحّ الأحاديث، وكان يسير على خطى البخاري في ذكر الآيات أولا، ثم الأحاديث النبوية، وقد أثنى على الكتاب أكثر العلماء، ويحفظه قديما وحديثا أكثر طلّاب العلم، حتى صار اسم الكتاب واسم مؤلفه على ألسنة أكثر المسلمين، فهو سهل المنال والحفظ، وتخريجاته مختصرة، ويفهمه جميع الناس، فللطالب أن يقسم أبوابه على مدار العام، لأن أبوابه مقاربة جدا لعدد أيام السنة، فهي 372 بابا، وقد اعتمد على كتب الحديث الستة اعتمادا كليا، وبالأخص كتاب البخاري ومسلم، وقد أعانت سهولة أبوابه طالب العلم على فهمه وحفظه دون معاناة، فجُلُّ الأحاديث التي ذكرها يحتاجها المسلم في حياته اليومية، وإن الكتاب يُدرس في أكثر المساجد والمعاهد وفي بعض الجامعات، فالكتاب حمل بين طياته خلاصة الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الفضائل والأخلاق وعن الطاعات والمنهيات، وهو من أكثر الكتب التي طُبعت بعد كتاب الله -عز وجل-.
