الرئيسيةمختاراتمقالاتبدء الانحدار الأمني و المعنوي الإسرائيلي محليا و عالميا - هبة القدس...

بدء الانحدار الأمني و المعنوي الإسرائيلي محليا و عالميا – هبة القدس نموذجا

بقلم: د. وائل الريماوي

يتعمد قادة الحركة الصهيونية تجاهل حقيقة أساسية، وهي أن إسرائيل نتاج مشروع استعماري استيطاني، صمّم أساسا لاحتلال فلسطين و لتفتيت العالم العربي، تبنّته القوى المهيمنة على النظام العالمي في مراحل تطوره المختلفة. وبالتالي، الفضل فيما استطاعت إسرائيل تحقيقه من إنجازات على الأرض يجب أن يُنسب، أولا وأخيرا، إلى رعاة هذا المشروع، وتحديدا إلى بريطانيا، باعتبارها القوة المهيمنة على النظام العالمي في مرحلة ما بين الحربين، والولايات المتحدة الأميركية، باعتبارها القوة المهيمنة على هذا النظام منذ الحرب العالمية الثانية، والتي ما تزال تمد إسرائيل بكل أسباب الوجود ومقوّماته. ومع ذلك، يبدو أن الغرور المتأصل في تلافيف العقل الصهيوني، والذي تنامى بسرعة مذهلة عقب حرب 1967، راح يصوّر لقادة إسرائيل أن العبقرية اليهودية وراء كل ما تحقق من إنجازات، وإليها وحدها يجب أن ينسب الفضل المستحق. بل وصل هذا الغرور بحكام إسرائيل المعاصرين إلى الحد الذي دفع نتنياهو إلى تحدّي رئيس الولايات المتحدة نفسه في داره، حين ألقى خطابا في الكونغرس هاجم فيه أوباما، وحذّره من مغبة الإقدام على إبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. ولم يكن لهذا التصرّف الغريب سوى معنى واحد، أن الإدراك الإسرائيلي للمدى الذي وصلت إليه قدراتها بات يؤهلها للتضحية بكل شيء آخر، بما في ذلك القيم الأخلاقية والأعراف الدبلوماسية.

حدثان وقعا خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية يؤكّدان أن الهالة الأسطورية التي كانت تحيط بإسرائيل قد سقطت إلى الأبد، وأن إدراك العالم حقيقة إسرائيل، كيانا هزيلا يفتقد ليس فقط إلى أدنى المقومات الأخلاقية والحضارية، ولكنه كيان قابل للهزيمة أيضا، وهو ما يدعونا إلى الاعتقاد أن زمن الغرور الإسرائيلي قد ولّى، وأن إحساس إسرائيل بالتفوق والامتلاء لم يعد له ما يبرّره .. :

1. الأول: جسّده صاروخ انطلق من الأراضي السورية يوم 22 الشهر الماضي (نيسان)، وراح يواصل طريقه من دون اعتراض لمسافة 300 كم تقريبا داخل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، قبل أن يسقط بالقرب من مفاعل ديمونة النووي، أكثر مواقع الأمن الإسرائيلي حساسية…

2. والثاني: جسّده التقرير السنوي الصادر أخيرا عن “هيومن رايتس ووتش”، وهو يكشف بالوثائق عن قيام الكيان الصهيوني بممارسات عنصرية عديدة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي عن مظاهر الأبارتهايد في السياسة الإسرائيلية، ويوضح أن بعض الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة تصل إلى مرتبة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

إسرائيل بدأت تسلك طريق الانحدار الذي سيُفضي بها إلى نهايتها المحتومة. وبالتالي أصبح انهيار المشروع الصهيوني مسألة وقت.
يسهم الحدث الأول في هدم الجانب المادي من الصورة التي رسمتها إسرائيل عن نفسها، دولة قوية غير قابلة للكسر أو القهر. ويتكفل الثاني بهدم الجانب المعنوي لتلك الصورة، والمتعلق بتفوق إسرائيل الأخلاقي والقيمي. ونظرا إلى ما ينطوي عليه الحدثان من دلالات كثيرة، يستحقان أن نتوقف عندهما بقدر أكبر من التفصيل.
نعم ..ان كيان الاحتلال الاستعماري المسمى إسرائيل هو نتاج مشروع استعماري استيطاني، وصمّم أساسا لبناء قاعدة استعماريه غربيه راس حسبتها إسرائيل لتفتيت العالم العربي، تبنّته القوى المهيمنة على النظام العالمي .
و نضيف حول تقرير “هيومن رايتس ووتش” عن جرائم إسرائيل العنصرية، حيث أهميته تأتي في صدوره بعد أسابيع قليلة من قرار أصدرته المحكمة الجنائية الدولية، أن الأراضي الفلسطينية الواقعة في حدود 1967 تشكل وحدة واحدة تنطبق عليها قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فتقع ضمن الولاية القضائية للمحكمة، ومن ثم بات لزاما عليها بالفعل أن تفتح تحقيقا في الجرائم الإسرائيلية، وهو ما تقرر بالفعل. معنى ذلك أن هذا التقرير سيكون ضمن الوثائق محل نظر المحكمة الجنائية الدولية. صحيح أن هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها لإسرائيل اتهامات بارتكاب جرائم عنصرية وجرائم إنسانية، فقد سبق للمنظمة نفسها ولمنظمات غير حكومية أخرى، وأيضا للجان تحقيق منبثقة عن الأمم المتحدة، مثل اللجنة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في جنيف برئاسة القاضي غولدستون، العام 2009، أن وجهت، في تقارير متتالية، اتهامات مماثلة، غير أن تقرير منظمة العفو الدولية هذا حظي بتغطية إعلامية دولية واسعة النطاق، ومن ثم شكل إضافة نوعية إلى الوثائق والجهود التي تؤدي إلى تعرية الكيان الصهيوني، والكشف عن طبيعته العنصرية العفنه .
و نعيد لنؤكد .. ان تقرير منظمة العفو الدولية عن جرائم الأبارتهايد الإسرائيلية، لهو مؤشّر قوي على أن إسرائيل بدأت تدخل مأزقا لا فكاك منه، فقد بات واضحا، من ناحية، أنها تبدو الآن عاجزة تماما عن مواجهة مقاومة الشعب الفلسطيني في جميع اماكن تواجده و الذي تحوّل إلى شوكة في عنقها، لم تعد قابلة للاقتلاع. كما بات واضحا أنها أصبحت، في نظر قطاعات متزايدة من الرأي العام العالمي، دولة عنصرية تقوم على نسق الأبارتهايد الذي سبق أن أوصل نظام جنوب أفريقيا القديم إلى حتفه. لذا يمكن القول إن إسرائيل بدأت تسلك طريق الانحدار الذي سيُفضي بها إلى نهايتها المحتومة. وبالتالي أصبح انهيار المشروع الصهيوني من أساسه مسألة وقت. المشكلة أن هذا التحوّل الدرامي يتم في وقتٍ يبدو فيه العالم العربي في أسوأ حالاته، ومن ثم سوف يصبّ، في النهاية ما لم يستيقظ العلام العربي ، لصالح قوى إقليمية غير عربية .

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا