الرئيسيةأخبارالرئيسيةالشيخ جراح.. أصل الحكاية

الشيخ جراح.. أصل الحكاية

يَجمع حي الشيخ جراح بين شرقه وغربه، حكاية معاناة الفلسطينيين الممتدة على مدار 73 عاما، فهو حي يضم أطراف المعاناة الفلسطينية المتمثلة في: التهجير واللجوء والاستيطان والقدس.

في هذا الحي (1 كيلو متر شمال القدس القديمة) يقطن فلسطينيون هجروا من أراضيهم إبان نكبة العام 1948 وتحديدا من القدس الغربية وشمال فلسطين، وفيه أيضا أصبحت 28 عائلة مقيمة وتنازلت عن بطاقة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين مقابل الحصول على منزل وقطعة أرض صغيرة.

وفي ذات الحي يصارع الأهالي منذ عشر سنوات ونيف مستوطنين قطنوا بينهم، مستوطنين يسعون لإفراغ الحي من سكانه الأصليين، بعد أن استولوا وسكنوا في ثلاثة منازل هجر أصحابها الأصليون، لتكون المنازل الثلاثة نواة لمستوطنة تسعى لتهويد الشيخ جراح، يطلق عليه المستوطنون “حي شمعون صديق”.

تعيش في حي الشيخ جراح عائلات يقدر عدد أفرادها بـ600 فرد، أضحت قصتهم تثير الرأي العام العالمي ووصلت إلى الجنايات الدولية بطلب من دولة فلسطين، فهي قضية تعبر عن أصل اللجوء الفلسطيني وما تعانيه العاصمة المحتلة من تهويد واستيطان واحتلال.

ولعل أصل الحكاية بدأ عندما هجرت عائلات الكرد واسكافي والقاسم من أحياء مثل البقعة ودير ياسين ولفتا ومن حيفا ويافا، كما يقول الحاج نبيل الكرد (76 عاما) لـ”وفا”، فالأهالي حينها سكنوا في كرم الجاعوني وكبانية أم هارون في المنطقة الممتدة من الخط الفاصل بين القدس وحتى وادي الجوز شرقا.

وسكان الشيخ جراح جميعهم لاجئون فلسطينيون هجروا من أرضهم ومزارعهم عام 1948، فعائلة الكرد جاءت لاجئة من حيفا كما يقوم الحاج نبيل، وعائلة صباغ حضرت من يافا، وعائلة الدجاني حضرت لاجئة من بيت دجن ومن يافا، وعائلات الداهودي وأبو عرفة وغيرها من العائلات حضرت لاجئة من أحياء القدس الغربية.

وبدأت عائلات الحي جميعا بحسب الكرد، نضالا قانونيا منذ قرابة 40 عاما في محاكم الاحتلال العسكرية، ولا يزال مستمرا رغم رفض الاعتراف بحقوق أهالي الشيخ جراح الذين قطنوا البيوت ودفعوا ثمنها.

ويلفت الحاج الكرد إلى أنهم حضروا إلى بيوتهم بموجب اتفاق دولي بين الحكومة الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عام 1956 حيث مولت “الأونروا” بناء 28 وحدة سكنية، فيما منحت الحكومة الأردنية لكل عائلة قطعة أرض مقابل تخليهم عن بطاقة اللاجئين وعدم حصولهم على الخدمات التي تقدمها “الأونروا” التي دفعت ثمن بناء المنازل.

ويقول الحاج الكرد: “في 2009 تفاجأنا بقيام الاحتلال بإخلاء ثلاثة منازل تعود لعائلات الغاوي وحنون، وهنا بدأ مسلسل الإخلاء والتهجير لسكان الحي”.

إلى جانب الحاج الكرد يقطن محمد الصباغ الذي أكد لـ”وفا” أن الأهالي لن يتنازلوا عن شبر واحد من منازلهم وسيواصلون نضالهم الشعبي والقانوني حتى الحصول على كل حقوقهم.

وأضاف الصباح أنه وعائلته المكونة من 5 أسر يبلغ عدد أفرادها 32 نفرا، بينهم 6 أطفال، يعيشون حاليا هاجس اللجوء الثاني بعد قرار نهائي بإخلاء منازلهم لصالح جمعيات استيطانية.

وقال: حضرت عائلتي من يافا ونحن لاجئون وجميع سكان الحي كذلك، فنحن حضرنا للقدس لدى أقارب لنا استضافونا قبل أن تبني وكالة الغوث منازل هنا بموجب اتفاق دولي، ومنزلي اليوم مكون من طابقين ومهدد بأن يصبح منزلا لليهود.

استمرت حياة العائلات الفلسطينية في المنطقة حتى عام 1972 كالمعتاد، حتى ادعاء اليهود ملكية الأرض، حيث كلفت العائلات محاميا يهوديا بالقضية لإضراب المحامين الفلسطينيين في حينه عن العمل مع الاحتلال، وبعد عشر سنوات تقريبا توصل المحامي والمستوطنون لاتفاق بأنهم يملكون الأرض مقابل أن تستأجر العائلات الفلسطينية منازلها لـ99 عاما، وقد وقع المحامي اليهودي الاتفاقية نيابة عن العائلات دون علمها.

وبعد 15 عاما، أي في نهاية تسعينيات القرن الماضي، توفي المحامي اليهودي وكلف الأهالي محاميا عربيا بالقضية، وعام 2002 نجح محامي المستوطنين باستصدار قرار بإخلاء عائلة الغاوي من منزلها في الحي، لكن في 2006 نجحت العائلة بالعودة إلى منزلها بعد تقديم التماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وبعد عامين بدأت الجمعيات الاستيطانية بخطوة لإخلاء المنازل ونجحت في إخلاء ثلاثة منازل تعود لعائلات الكرد وغاوي وحنون، وسكن مكانها مستوطنون.

وأوضح أنه في عام 2012 قررت محكمة الاحتلال أن اتفاق المحامي اليهودي مع المستوطنين (بأن ملكية الأرض للمستوطنين، والفلسطينيون مستأجرون فيها) يسري على جميع العائلات الـ28 وطلبت من عائلة الصباغ إخلاء منزلها، وفي عام 2019 صدر قرار نهائي بإخلاء منازل تعود لعائلات الكرد وقاسم والجاعوني وإسكافي، فيما تنظر المحاكم في مصير 3 منازل أخرى سيصدر قرار بحقها مطلع آب المقبل.

وقال محامي الدفاع عن أهالي حي الشيخ جراح سامي إرشيد، إن سلطات الاحتلال وفي العام التالي لاحتلال القدس أي عام 1968، سنّت قانونا مخصصا للاستيلاء على أراضي القدس الشرقية وبينها الشيخ جراح، لحرمان المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم ومن حقوقهم الشرعية بالقدس.

ويتيح القانون التهويدي، لكل يهودي يزعم أن له أملاكا في القدس الشرقية رد العقار له من الفلسطينيين، في حين حُرم مواطنو القدس الشرقية الذين يحملون هوية القدس من العودة لمنازلهم التي هجروا منها في القدس الغربية عام 1948 وليس لهم حق المطالبة بحقوقهم التي فقدوها قبل عام 1948.

وأوضح إرشيد، أن قضية الشيخ جراح بدأت عندما زعمت جمعيتان استيطانيتان أنهما أصحاب الأرض المقام عليها حي الشيخ جراح منذ عام 1875 إبان حكم الدولة العثمانية، وطالبتا بتسجيل الأرض باسمهما، وتم تسجيل رقبة الأرض لهما دون علم أي أحد من سكان حي الشيخ جراح أو إخطارهم بعملية التسجيل.

ويشير إرشيد إلى أن المحكمة سمحت للمحامين بالاطلاع على ملف تسجيل الأرض باسم المستوطنين فقط عام 2011، وقال: “بعد الاطلاع على هذا الملف نعتقد أن التسجيل خاطئ، وادعاؤهم بامتلاك الأرض كذب”.

وأضاف “رفعنا دعوة وطالبنا فيها رد تسجيل الأرض وعدم تسجيلها لصالح المستوطنين، لكن المحكمة رفضتها بحجة التقادم ومرور أكثر من 15 عاما على تسجيل الأرض، ففي محاكم الاحتلال أصبح التسجيل نهائيا ولهم حق الطلب بإخلاء المنازل من قاطنيها الفلسطينيين”.

وتابع إرشيد إن محكمة الاحتلال العسكرية بهيئة مكونة من ثلاثة قضاة ستنظر يوم الاثنين المقبل في طلب استئناف مقدم من أربع عائلات من الشيخ جراح، من أصل 13 عائلة لديها قضايا في أروقة المحاكم الإسرائيلية.

وأضح أنه في عام 2009 أخلوا ثلاث عائلات وسكنها مستوطنون وهناك نية لدى الشركة الأميركية التي تملك العقارات حاليا والتي تخطط لبناء حي استيطاني بعد شراء الأرض من الجمعيات الاستيطانية، ليضم الحي 600 وحدة استيطانية بدل الـ28 وحدة سكنية العربية في الحي.

وقال إن محكمة الاحتلال لن تقوم يوم الاثنين بإصدار قرار يتعلق بملكية الأرض الذي رفضت فتحه عام 2015 وانتهى بملكية المستوطنين لها للأسف، ويجب اعتراف محكمة الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين بالسكن في هذه البيوت بناء على اتفاقية الحكومة الأردنية ووكالة الغوث.

وفا- بلال غيث كسواني

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا