الرئيسيةمختاراتمقالاتسفراء يقاطعون السفارة الاميركية

سفراء يقاطعون السفارة الاميركية

بقلم: عمر حلمي الغول

المواقف الأوروبية الأميركية ليست متطابقة، ولا تتسم بالتوافق دائما، لا انها احيانا تتباين في العديد من الملفات، وكانت في زمن إدارة ترامب متنافرة ومتناقضة غالبا. لكنها الان أقل حدة، واكثر انسجاما في زمن ولاية بايدن، ويمكن القول، انها عادت لعهد الإدارات الأميركية السابقة، وباتت أكثر دفئا وتناغما. بيد ان هناك تباينات في ملفات مختلفة نتاج مخلفات ترامب وفريقه الصهيوني والمتصهين.
ومن بين نقاط او ملفات الخلاف والتباين بين القطبين الأوروبي والأميركي، كان ومازال حتى اللحظة الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الإستعمار الإسرائيلية، ونقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى للعاصمة الفلسطينية بقرار من الرئيس الأفنجليكاني المتصهين، دونالد ترامب. ونتاج هذا الخلاف، والرفض لنقل السفارة من قبل دول الإتحاد الأوروبي، لم يلبِ سفراءها دعوة السفارة الأميركية للاحتفال بيوم إستقلال الولايات المتحدة، وخاصة سفراء كل من ألمانيا وفرنسا وغيرهم، واعلنوا بشكل صريح لا لبس فيه، ان السبب يعود لعدم “إعتراف اوروبا بالقدس عاصمة لإسرائيل”، مما شكل إحراجا وارباكا للسفير الأميركي، حسب ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” في ال13 من تموز / يوليو الحالي (2021)،
الموقف الاوروبي الجديد القديم له دلالات سياسية جلية وهامة، منها: اولا التمسك الأوروبي بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967؛ ثانيا الثبات على موقفها الراسخ بشأن القدس الشرقية، باعتبارها جزءا من اراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967؛ ثالثا رفض اية تغييرات ديمغرافية او لوجستية أو عمرانية أو دينية أو استيطانية أو عمليات تطهير عرقي فيها خاصة وفي اراضي دولة فلسطين المحتلة عامة؛ رابعا رفض نقل السفارة الأميركية أو غير الأميركية من تل ابيب إلى القدس العاصمة الفلسطينية، ورفض الإقرار بسياسة الأمر الواقع الأميركية الإسرائيلية فيها؛ خامسا رفض اية انتهاكات لخيار السلام وحل الدولتين حتى الآن، وبالتالي عدم القبول باية سياسات أو تجاوزات وانتهاكات تتعارض مع الناظم الأساس لعملية السلام، وقرارات الشرعية الدولية؛ سادسا محاصرة وتطويق السياسات الإستعمارية والعدوانية الإسرائيلية، واي إنتهاكات من قبل أية دولة بما في ذلك وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية … إلخ
وهذا الثبات الأوروبي يحسب له، ويعتبر مكسبا للسياسة الفلسطينية ولإنصار السلام، وهو موقف جدير بالإحترام والتقدير، ورفع القبعة له. لإنه غمز من قناة العديد من الأقطاب والدول، التي حاولت تبسيط الأمر، لدرجة ان بعضها سبقت الولايات المتحدة في هذا المضمار، كما حصل بالإعتراف بدولة إسرائيل في الأمم المتحدة بعد نشوئها عام 1948. كما ان الموقف الأوروبي وجه ضربة في الصميم لدول التطبيع المجانية العربية، التي تسابق الزمن في التساوق مع المشروع الكولونيالي الصهيوني، والتخلي عمليا عن قضية العرب المركزية، وإدارة الظهر لقرارات القمم العربية، وجامعة الدول العربية ومجلس وزراء خارجيتها. وهو بذات الوقت رسالة للدول المتهالكة على التطبيع، او المطبعة من تحت الطاولة عربية واسلامية واجنبية.
لكن الموقف الأوروبي المتميز والهام، مازال يعاني من النقص، ولم يتماثل مع قرارات ومرجعيات عملية السلام، كونها حتى الآن تراوح في ذات المكان، ولم ترتقِ لمستوى المسؤولية لجهة عدم اعترافها بدولة فلسطين، ومازالت تتعلثم، ولم تحسم امرها، وتخضع لإبتزاز اللوبيات الصهيونية والمتصهينة في بلدانها. كما انها تعيش حتى الآن إزدواجية في معاييرها السياسية والقانونية، ونموذج ذلك، إعلان العديد من دول الإتحاد ومنها المانيا الإتحادية مقولة “من حق إسرائيل الدفاع عن النفس”، وتسقط هذا الحق عن ابناء الشعب العربي الفلسطيني. مع ان كل اوروبا تعلم علم اليقين، ان اسرائيل مشروع استعماري، هي اقامتها على انقاض الأرض الفلسطينية، وعلى حساب ومصالح وطرد وتشريد ونكبة الشعب العربي الفلسطيني، وهي المنتج الأول للارهارب والجريمة المنظمة في المنطقة والإقليم والعالم.
مما لا شك فيه، ان حدود التباين بين الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي في كافة الملفات الخلافية لا تؤثر على عمق الروابط والعلاقات الإستراتيجية بينهما، وبالتالي علينا جميعا ان نقرأ التباين والتعارض في حدوده دون مغالاة او تطير.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا