الرئيسيةمتفرقاتثقافةبيت الغصين الأثري معلم ثقافي في غزة

بيت الغصين الأثري معلم ثقافي في غزة

الكاتب والباحث/ ناهـض زقـوت

شاركنا بالأمس مع نخبة من الكتاب والأدباء والفنانين والإعلاميين ونشطاء في الشأن الثقافي والتراثي في افتتاح بيت الغصين الأثري بمدينة غزة، وتحوليه إلى مركز ثقافي، بدعم من معهد غوته الالماني، بالتعاون بين مؤسستين وهما مؤسسة ايوان التابعة للجامعة الاسلامية بغزة، ومؤسسة رواق مركز المعمار الشعبي برام الله.
هذا المبني هو واحد من عشرات المباني الأثرية المنتشرة في قطاع غزة، وقد حصرت مؤسسة رواق سجل المباني التاريخية في جميع أنحاء فلسطين، حيث وجدت أن هناك 400 مبنى تاريخي في قطاع غزة. هناك بعض المباني تم ترميمها وتحويلها إلى مؤسسات ثقافية، وما زال الكثير لم تصل إليه الأيدي المعمارية.
حينما تتجول في المكان تشعر بعظمة التاريخ الفلسطيني وعظمة الحضارة الفلسطينية، قبل أن تكون اسرائيل كان الفلسطينيون يشيدون المباني على أرق الطرز وأجمل ابداع، تدخل بيت الغصين من باب تنزل إلى ساحته من خلال درج، إلى باب يدخل إلى ساحة موزعة، كأنها كانت في الماضي غرف مستقلة، أما بعد الترميم تم تحويلها إلى ساحة للنشاطات والفعاليات، ومن باب في هذه الساحة تدخل إلى الحديقة المزروعة ببعض الاشجار والتي تحتاج إلى عناية كبيرة، وتدور حول البيت لتشاهد عظمة المكان ورؤية أجدادنا في بناء بيوتهم، منزل في وسط حديقة، إذا تخيلته في الماضي لن تجد حوله مباني، أما اليوم فهو محاط بكتل خرسانية كبيرة. لا يبعد عن شارع الوحدة أكثر من مائة متر، في زقاق ضيق بفعل تغيرات الزمن، لتكون أمام بيت أعاد المهندسون ترميمه ليعود ليجمع بين الماضي والحاضر.
بيت الغصين واحد من هذه البيوت الأثرية، يقع في البلدة القديمة من مدينة غزة (حي الدرج)، في شارع الوحدة شمال مفترق شارع فهمي بيك، وجنوب متحف قصر الباشا ومدرسة الزهراء الثانوية، ومقابل سباط العلمي التاريخي. في الكتيب الذي وزع على الحضور حول البيت، نقرأ أنه تم بناء هذا المبنى التاريخي في نهاية الحقبة العثمانية ما بين 1870- 1917، حيث بناه السيد شهاب الدين الغصين (ت سنة 1933م) وجعله كديوان لعائلته، على مساحة تقدر ب270 متراً مربعاً. وبقي عامراً حيث كانت تقيم فيه حفيدته حتى وفاتها سنة 2018. أي أن البيت عمره نحو 120 سنة.
وعرفت المباني في هذه الحقبة بما يسمى بمبنى (الفيلا) أو المبنى المستقل الذي يحتوي على حديقة. يقول المهندس بشارة المعماري الفلسطيني المتخصص في حفظ المواقع المعمارية وعلم الانثروبولوجيا عن هذا البيت: “إنه مبنى تاريخي تقليدي بني قبل مواد البناء الحديثة مثل (الباطون والخرسانة والأساسات وغيرها)، وتم بناؤه بالجدران الحجرية السميكة، وانعقد فيما يسمى بالعقد الصليبي أو العقد العربي، واستخدم في بنائه مواد تقليدية مثل حجر الجير الرملي (حجر المنطقة) اضافة إلى استخدام الرمل والأبواب الخشبية مع استخدام حديد للحماية بشكل بسيط”. والبيت مكون من تسع حجرات، يمتلك ثلاثة أبواب تفتح على الحديقة الخارجية، وعدد كبير من النوافذ يتجاوز ال30 نافذة.
وقد شارك في مشروع اعادة ترميم البيت ما بين 10- 12 عاملاً يومياً، بالإضافة إلى الحدادين والنجارين والموردين والمهندسين، واستمر العمل طوال ستة أشهر. وحسب قول المهندسين الذين أشرفوا على إعادة الترميم أنهم حافظوا على جوهر البيت مع بعض التغيرات، وتم استخدام مواد حديثة إلى جانب المواد القديمة لإظهار جماليات البيت بشكله القديم.
يقول المهندس بشارة: إن الحفاظ على هذه المباني أمر مهم ليس فقط لدحض الرواية الاسرائيلية التي تحاول نسب الأرض لهم، ولكن مهم للحفاظ على هويتنا التراثية، فوجود بيت كبيت الغصين وغيره قبل مائة عام على الأقل لهو دليل على الحق في هذه الأرض. مبنى بهذه الحرفية من التنظيم، ووجود مدينة الزهور وفيها ميناء، هذا كله شاهد على أهمية فخرنا كفلسطينيين بهويتنا، ليس فقط على صعيد مواجهة الاحتلال ولكن على الأقل لأجل إعادة الاعتبار للشخصية الفلسطينية.
في هذا المقام لا يسعنا إلا أن نشكر كل القائمين على إعادة ترميم بيت الغصين وتحويله إلى مؤسسة ثقافية، ونخص بالشكر والتقدير معهد جوته الألماني، ومؤسسة رواق للمعمار الشعبي برام الله، ومؤسسة ايوان التابعة للجامعة الاسلامية بغزة. كما لا ننسى أن نبارك للشاعر العزيز محمود الشاعر على توليته منسق بيت الغصين الثقافي من معهد جوته الألماني.
غزة: 13/7/2021

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا