الرئيسيةمختاراتمقالاتمن مقدمة الملف الحركي، حوار مع الوتر المشدود

من مقدمة الملف الحركي، حوار مع الوتر المشدود

بقلم: محمد قاروط ابو رحمه

الحوار والجدال والمناظرة والمناقشة:
أولا: الحوار لغة واصطلاحا:
١ -الحـــوار لغـــة: ورد فـــي القـــاموس المحـــيط : الحـــوار ، او المحـــاورة هـــي مراجعـــة النطـــق، وتحاوروا تراجعوا الكلام بينهم، وفي التبيان : يحاوره يخاطبه، يقال تحـاور الـرجلان إذا رد كـل منهما على صاحبه، والمحـاورة: الخطـاب مـن اثنـين فمـا فـوق، أما فـي مختـار الصـحاح: الحوار المجاوبة، والتحاور التجاوب.
2- الحوار اصطلاحا: هو ضرب من الأدب الرفيع وأسلوب مـن أسـاليبه، فهـو المراجعـة فـي الكــلام ومنــه التحــاور.
وهــذا يعنــي أن الحــوار هــو مراجعــة فــي الكــلام ولكــن بطريقة مؤدبة، وبألفاظ حسنة فيها نوع من الود والحب.

ثانيا: المناظرة لغتا واصطلاحا:
1-المناظرة لغة: التناظر: هو التراوض في الأمر، ونظيرك الذي يراوضك وتناظره، وناظره من المناظرة، والنظيـر المثـل، وفـلان نظيـرك، أي مثلـك والمنـاظرة أن تنـاظر أخـاك فـي أمـر إذا . نظرتما فيه معا كيف تأتيانه.
٢ -المناظرة اصطلاحا:عرفها الجرجاني بقوله : هي النظر بالبصيرة من الجانبين، في النسـبة بين الشيئين إظهارا للصواب.

ويــرى الألمعــي أن المناظرة هــي تــردد الكــلام بــين شخصــين يقصــد كــل واحــد منهمــا تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه مع رغبة كل منهما في ظهور الحق.
وعرفهـا الميـداني بقولـه: هـي المحـاورة بـين فـريقين حـول موضـوع لكـل منهمـا وجهـة نظـرٕ  تخــالف وجهــة نظــر الفريــق الآخــر، فهــو يحــاول إثبــات وجهــة نظــره، وإبطال وجهة نظر خصمه، مع رغبته الصادقة بظهور الحق والاعتراف به لدى ظهوره.
فالمقصود إذا من المناظرة هو الوصـول إلـى الصـواب فـي الموضـوع الـذي اختلفـت أنظـار المتناقشين فيه.
وهكـذا يتبـين أن المنـاظرة محـاورة مـن أجـل الوصـول إلـى الصـواب، ولهـذا  كان الاشتراط فيها التقارب بين المتناظرين في العلم والفهم .
ثالثا: الجدل لغة واصطلاحا:
١ -الجــــدل لغــــة: شــــدة الخصـــومة، والجــــدل مقابلـــة الحجــــة بالحجـــة، والمجادلــــة: المنــــاظرة والمخاصمة هو اللدد في الخصومة والقدرة عليهـا، ورجـل جـدل ومجـدل ومجـدال: شـديد الجدل،  يقـال جادلـت الرجـل فجدلتـه جـدل، أي غلبتـه، ورجـل جـدل إذا كـان أقـوى فـي الخصـام وجادلــه أي خاصمه.
٢ -الجــدل اصطلاحــا: يـرى الجرجـاني أن الجـدل فـي الاصـطلاح هـو دفـع المـرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة، أو يقصد به تصحيح كلامه، وهو الخصومة في الحقيقة. وفـي تعريـف آخـر: عبـارة عـن مـراء يتعلـق بإظهـار المـذاهب وتقريرهـا، الجدل يكون الغرض منه إلزام الخصم والتغلب عليه في مقام الاستدلال.
وقد يكون الجـدل بالحسنى حيث قال تعـالى: وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن[1] وقـد يكـون بالباطـل، قـال تعـالى: وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ [2]
ولـذلك قسـم العلمـاء الجــدل إلــى ممــدوح ومــذموم، وذلــك بحســب الغايــة منــه، وبحســب أســلوبه، ومــا يــؤدي إليــه. فالجدل الممدوح هو الـذي يهـدف إلـى إحقـاق الحـق ونصـرته ، ويكـون بأسـلوب صـحيح مناسـب، ويؤدي إلى خيـر، أما الجدل المـذموم فهـو الـذي لا يهـدف إلـى ذلـك ولـم يسـلم أسـلوبه ، ولا يـؤدي إلى خير.
فالجـدل إذا فـي الاصــطلاح هـو حـوار كلامــي يعـرض فيــه كـل طـرف منهمــا أدلتـه التــي رجحـت لديـه، واستمسـاكه بوجهـة نظـره، ويـتفهم فيـه كـل طـرف مـن الفـريقين المتحـاورين وجهـة نظر الطرف الآخر، و ثم يأخذ بتبصر الحقيقة من خلال الانتقادات التي يوجهها الطـرف الآخـر على أدلته، أو من خلال الأدلة التي ينير له بها بعض النقاط التي كانت غامضة عليه.
رابعا: النقاش لغتا واصطلاحا:
1-   النقاش لغتا: الـنقش فـي اللغـة معنـاه : المحاسـبة والاستقصـاء ومنـه الحـديث: (مـن نـوقش الحسـاب هلـك[3])، ومعنــاه أيضا الــنقش والنــزع. وقــد جــاء فــي الحــديث: (إذا شــيك فــلا انتفش[4]) أي فــلا نزعــت منــه الشوكة.
2-   أما معنــى المناقشــة فــي الاصــطلاح: هــي نــوع مــن التحــاور بــين شخصــين أو طرفين ولكنهــا تقــوم علــى أســاس استقصــاء الحســاب، وتعريــة الأخطــاء، وإحصائها، ويكون هذا الاستقصاء في العادة لمصلحة احد الطرفين فقط، الذي يستقصي محصيا ومسـتوعبا كـل مـا لـه على الطرف الأخر[5].

الحوار لا يكون إلا بين اثنين او جهتين، ويكون بين الحق والباطل، او بين الخير والشر، ويكون أيضا بين الخير والأكثر خيرا وبين الشر والأكثر شرا.
أما الجدال فيكون من طرف واحد، ويكون أيضا في الخير او في الشر.
والحوار تبادل وجهات النظر عن أفكار او أشياء او أفراد ويكون مكتوب او شفهي. ويحدد في الحوار نقاط الاتفاق والاختلاف وكيفية الاستفادة من نقاط الاتفاق وكيفية حل الاختلافات.
وفي الحوار والجدال في الخير يقول الله تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[6])، أما في الباطل (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ[7])، فإذا بعض الناس يجادل في الله بغير علم فما بالك في شؤون الفكر والسياسة وغيرها[8].
والحوار والمناظرة يجتمعان في أنهما بين طرفين ولكن باستخدام أكثر للأدلة وغالبا تكون المناظرة علنية أي أمام جمهور وتهدف إلى  إقناع الجمهور عن طريق تقديم الأدلة على صحة موقف احد الطرفين[9].
ومن المناظرة أيضا ما جاء في سورة طه (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى[10]).
ولان الإبداع يبدأ مع وجود وسيلة لإيجاد الأفكار، فان الوتر المشدود وسيلتنا لذلك.

[1] النحل 125

[2] غافر 5

[3] البخاري ومسلم واحمد

[4]  جزء من حديث للبخاري

[5] مفهوم الحوار مع الآخر وأهميته في الفكر الإنساني، جامعة بابل، مصطفى الخفاجي وعقيل صالح.

[6] سورة المجادلة الاية (1)

[7] سورة الحج الاية (3)

[8] ورد لفظ الجدل في القران الكريم  29 مرة كلها ذم باستثناء ثلاثة مواضع، في سورة  النحل الاية (125)،  العنكبوت (46)، المجادلة (1)

[9] أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  البقرة: 258]

[10] الاية (59)

المادة السابقة
المقالة القادمة
أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا