الرئيسيةمختاراتمقالاتقراءة مغايرة لبرنامج بيغاسوس

قراءة مغايرة لبرنامج بيغاسوس

بقلم: عمر حلمي الغول

حملة غير مسبوقة على شركة “إن إس أو” الإسرائيلية صاحبة برنامج بيغاسوس التجسسي تقريبا من بداية الثلث الأخير لشهر تموز/ يوليو الحالي، حيث قامت 17 وسيلة إعلام عالمية من بينها “الواشنطن بوست” الأميركية و”الغارديان” البريطانية و”لوموند” الفرنسية يوم الأحد الماضي بالادعاء أنها حصلت من منظمة “فوربيدن ستوريز” ومنظمة العفو الدولية على لائحة تتضمن خمسين ألف رقم هاتفي يعتقد أنها لأشخاص مهمين عالميا، اختارهم زبائن الشركة السيبرانية الإسرائيلية للمطالبة بالتجسس عليهم منذ عام 2016، من بينهم الرئيس الفرنسي ماكرون، وتم توجيه اتهام للعديد من دول العالم بالتورط في عملية التجسس عبر استخدامها البرنامج الإسرائيلي المذكور، ومن بينها دولتان عربيتان هما السعودية والمغرب، ولم تذكر دولا أخرى ذات علاقات استراتيجية مع دولة الاستعمار الإسرائيلية.

وعلى إثر ذلك، طالبت منظمة مراسلون بلا حدود المدافعة عن حرية الصحافة الحكومة الإسرائيلية يوم الأربعاء ذاته بفرض حظر على تصدير برنامج التجسس بيغاسوس، الذي طورته شركة “إن إس أو”، والذي أصبح عنوان “فضيحة تجسس عالمية” افتراضية.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، لم يعلق بشيء ضد الحملة، رغم أنه كان يوم الأربعاء ذاته أشاد في مؤتمر لتقنية المعلوماتية في تل أبيب بالبراعة التكنولوجية الإسرائيلية، وقال “من كل 100 دولار تم استثمارها في الدفاع السيبراني في جميع أنحاء العالم، تم استثمار 41 دولارا منها في شركات الدفاع الإلكتروني الإسرائيلية”. وأضاف الرجل الذي جمع ثروته من التكنولوجيا قبل دخول السياسة “نحن كحكومة وكـ “أمة” علينا الدفاع عن أنفسنا”. ولفت إلى أن “الازدهار المحلي لهذا القطاع إلى وحدات الجيش النخبوية، التي تعتبر حاضنة للشركات الناشئة” ومؤكدا أن “ما لدينا في إسرائيل هو نواة شباب أذكياء جدا يدخلون الجيش في سن مبكرة جدا، في المخابرات العسكرية ويتولون مسؤوليات مهمة”. وتابع قائلا إن “الاهتمام العالمي بالتكنولوجيا الإسرائيلية لا يزال قويا”. وأضاف متباهيا بالقدرات الإسرائيلية، إن “عشرات الدول وقعت اتفاقيات للحصول على أدوات إسرائيلية للدفاع ضد الهجمات الإلكترونية”.

وكأنه أراد الادعاء بغطرسة، أن إسرائيل وجيشها النخبوي القوة الأكثر تطورا في العالم، وهذا ما أكده عندما يقول إن ما نسبته 41% من كل 100 دولار تستثمر في إسرائيل. وهذا الرقم أولا مبالغ به، ويحتاج إلى تدقيق. أضف إلى أن اسرائيل ومؤسساتها الإلكترونية تعتمد بشكل قوي على الكفاءات الفلسطينية داخل أراضي العام 48 وفي الضفة والقطاع، وليس كفاءة جيشها. كما أنه أراد القول، إن شركة “إن إس أو” هي جزء لا يتجزأ من المنظومة السيبرانية الإسرائيلية، وهي أحد أذرع الجيش الإسرائيلي في هذا الحقل. رغم أن الحكومة الإسرائيلية من زاوية أخرى لهندسة عملية الإخراج لسيناريو التضخيم للحملة، ادعت أنها شكلت لجنة تحقيق يقودها مجلس الأمن القومي لبحث الملف.

النتيجة المنطقية للحملة الدولية، لم تكن سوى تلميع لتفوق إسرائيل السيبراني؛ وإبرازها كقوة أولى في العالم، وهذا ما عمقه بينت شخصيا بما ذكره في مؤتمر التكنولوجيا المعلوماتية؛ وأرادوا جميعا من خلال الضجيج المفتعل إبراز الذكاء والفرادة الإسرائيلية في هذا المجال، وكأن الدول الأخرى بدءا من الولايات المتحدة مرورا بكل دول أوروبا والصين والهند وروسيا الاتحادية وغيرها من الدول، لا تضاهي إسرائيل في المجال السيبراني؛ وبالتالي على دول العالم أن تلجأ لإسرائيل لحماية منظومتها الأمنية، ولحماية قياداتها وأرقام هواتفها، وهو ما يعني تسليم دول إسرائيل المارقة كل معلومات الدول الاستراتيجية، والاتكاء على برنامجها التجسسي بيغاسوس، لأنه البرنامج “العبقري”. وهذا وهم وخداع وإعلان مجاني بمليارات الدولارات لصالح إسرائيل وشركاتها الإلكترونية، وترويج لبضاعتها المخابراتية، التي تتقاسمها مع الولايات المتحدة؛ أضف إلى أن الزج ببعض الدول العربية دون غيرها، واتهام بعضها بالتجسس على رؤساء دول مثل الرئيس ماكرون، إنما يأتي للتغطية على ما جرى ويجري داخل تلك الدول، ولحرف الأنظار عن صراعات أجهزتها الأمنية، وللتغطية على دول عربية متورطة فعلا باستخدام البرنامج بيغاسوس للتجسس على دول وشخصيات عربية من المعارضة لاستهدافها.

إذن الحملة الدولية، هي حملة مفبركة، وكاذبة، وتستهدف تلميع مكانة إسرائيل الاستعمارية؛ لأن الأمن السيبراني مستخدم من قبل كل الدول المتقدمة، وما التطور الهائل في منظوماتها الأمنية إلا انعكاس لذلك، وإسرائيل تأتي في درجة متدنية في هذا الحقل، ودققوا بذلك.

oalghoul@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا