الرئيسيةمختاراتاخترنا لكملماذا يقصفون الناصرة بالإشاعة والفتنة ؟!

لماذا يقصفون الناصرة بالإشاعة والفتنة ؟!

بقلم: موفق مطر

لا براءة ولا حسن نية، ولا الانفعال والجهل والرغبة في الظهور مبررات، لأن الأمر بجريمة المساس بوحدة الشعب، ومحاولة إحراق نسيجه بنار الإشاعة، أو تقطيعه بسكين الجهوية والانتماءات الجغرافية، ونخر الشجرة الوطنية بسوس ووساوس التعصب الديني، ونعتقد في هذا السياق أن كل من أقحم الناصرة في عملية اعتقال قوات منظومة الاحتلال للأسرى قد رسم حول اسمه الشخصي ألف علامة استفهام.

السلاح الخامس الأخطر بعد البري والجوي والبحري والاستخبارات لدى جيش منظومة الاحتلال إسرائيل هو الإشاعة، دون فولاذ ولا نيران ولا متفجرات، وإنما بقليل من الإتقان يستطيعون تحقيق أهداف عجزت عنها أسلحتهم العسكرية المدمرة المعروفة، فالإشاعة كالفيروس تنتقل في الهواء وبأسرع من الضوء في كل اتجاهات الكرة الأرضية، وهذا بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا التي باتت اليوم تحمل النقيضين! فهي حسب تجربتنا العملية الواقعية قد أحدثت نقلة نوعية لدى الجماهير المتسلحة بالوعي والقدرة على التحليل والتفكير واستخلاص العبر وتحكيم البصيرة فيما ترى وتسمع وتحس، وعلى النقيض باتت سلاحا خارقا لمقومات الشخصية الوطنية، وإحراق تركيبة النسيج الاجتماعي والثقافي الفلسطيني أو خرقه في الحدود الدنيا، وهذا ما لمسناه بكل وضوح خلال ليلة واحدة برزت فيها الإشاعة المبثوثة أصلا من أجهزة استخبارات منظومة الاحتلال، والمنقولة عبر وسائل إعلام ومنشورات على حوائط السوشيال ميديا، حيث تعرضت الناصرة الفلسطينية المشبع أهلها ومواطنوها بالروح والثقافة والهوية الفلسطينية لقصف مركز غير مسبوق، والخطير في الأمر أنه انطلق من قواعد ارتكاز داخلية محلية فئوية مشحونة ومشبعة بالكراهية والأحقاد للآخر!…حيث بدأ الأوغاد في إعلاء شأن انتماءاتهم الجهوية بلغة شعبوية هابطة، وبالمقابل عملوا على إلصاق الاتهامات الباطلة بالفلسطيني الوطني الآخر، فحققوا لمنظومة الاحتلال نجاحا في الهجوم الإسرائيلي المضاد للانتقام من الجماهير الفلسطينية في فلسطين التاريخية والطبيعية التي انتفضت في 18 أيار الماضي من أجل القدس والمقدسات فيها، وسهلوا للغزاة سبل اختراق صرح الروح المعنوية العالية للشعب الفلسطيني، التي ارتفعت لتعانق عنان السماء عندما انتزع ستة أسرى حريتهم من (باستيل جلبوع)، كما خدموا منظومة الاحتلال العسكرية والسياسية على حد سواء في عملية استعادة ثقة المجتمع الإسرائيلي بالنظام الأمني الإسرائيلي بعد نكسة أصابهم بها الأسرى الستة في جلبوع.

لم تكن الناصرة العظيمة في تاريخنا وحاضرنا وكما ستبقى في مستقبلنا هي الهدف وحسب، بل كل فلسطين، فالواضح تماما أن خطة إسرائيلية قد أعدت في هذا المسار لتمزيق الوطنية الفلسطينية، ونهشها بأسلوب الكلاب البرية المسعورة.

علينا الاعتراف بفشل أسلوب ساسة ورواد في المجتمع والثقافة والإعلام، اعتمدوا منح المواطن والمتلقي جرعات إحساس زائد بالنشوة، وغيبوا الحقائق والوقائع والتسلسل المنطقي للأحداث، ولم يعملوا على صنع وسائل إعلام وتواصل تشبع رغبة الجمهور في معرفة الحقائق، وعلينا الاعتراف أيضا أن المنهج التربوي التعليمي التلقيني لا يؤسس لملكة التبصر والتفكير والبحث العقلاني في الأحداث والقضايا وتحليلها قبل الحكم عليها، وهذا للأسف استمرار لمنهج التلقين فقط الذي اعتمده مستخدمو الدين، ما ساعدهم على تأسيس قواعد جماهيرية تقودها الإشاعة في درب قد يكون حتفها في نهايته.

المطلوب الآن ألا نسمح لمنظومة الاحتلال الإسرائيلي بالاستمرار في حفر أنفاقهم الأفقية والرأسية في أساسات قلعتنا الوطنية عبر أدواتهم المنظمة أو المنفلتة من الضوابط الأخلاقية والوطنية الفلسطينية، وألا يرتد إنجاز نفق الأسرى في باستيل جلبوع إلى انكسار حاد أو تفكيك لوحدة شعبنا في فلسطين التاريخية والطبيعية.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا