الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمكلمة الحياة الجديدة: "وين ع رام الله"

كلمة الحياة الجديدة: “وين ع رام الله”

حينما غنت سلوى العاص من الإذاعة الأردنية عام 1959 أغنية “وين ع رام الله” إنما كانت تغني كما كاتب كلمات الأغنية، علي الكيلاني، وكما ملحنها جميل العاص، مدينة للحب، والطمأنينة، والفرح، ومصيفا يلم الأهل، والأحبة من كل مكان. وعلى الأقل منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم تعرف رام الله مدينة تتخلق فيها علاقات المستقبل، بتحضرها المعرفي، وتطلعاتها الإنسانية، وجماليات هندستها الحداثوية، وتنورها بثقافة التفتح، والتناغم والتكامل الوطني، وباختصار “رام الله ” حاضرة فلسطينية تعد بالأجمل دائما، حيث الحرية والاستقلال.

وكما كل مدينة عصرية تحتفي برموزها التي أسست وبنت، فعلت رام الله وهي تضع، بُنَاتُها الأوائل، الشيخ راشد الحدادين، وأبناءه، أسودا خمسة احتفاء بهم وتقديرا لهم، وتخليدا لذكراهم، ولم تفعل رام الله ذلك، إلا لأنها ابنة ثقافتها المتنورة، وحفيدة جدتها الكنعانية، وأصيلة تطلعها الوطني الجامع.

وإذا كانت أسود “رام الله” التي شخصها إزميل نحات بارع، قد تجرحت في حجرها يوم أمس الأول، بفعل متهور، وأحمق، قام به شاب قالت الشرطة أثر اعتقاله وبعد استعانتها برئيس وحدة الطب النفسي في وزارة الصحة سماح جبر، بانه يعاني من اضطرابات نفسية، وقام بفعلته تحت تأثر هذه الاضطرابات، ومع ذلك فأن هذا الفعل القبيح، أنما هو في الواقع نتاج الفكر الظلامي المعادي للجمال، والابداع، والمناهض للتعددية، والتسامح، والتنور، والذي تحاول الاحزاب ألاسلاموية تعميمه، في بيئتنا الثقافية…!!

نقول رغم تجرح هذه الاسود الحجرية بمثل هذه الفعلة القبيحة، فإنها تظل في التاريخ عصية على كل جرح ومتعافية، بكامل حضورها البهي، وتلك الضربات الملعونة التي حاولت النيل من حضورها هذا، ستروى في حكايات الاستهجان، والتنديد، والتي ستطال حتما الفكر الظلامي واصحابه،وحربهم الكريهة ضد التنور، والتفتح، والتعددية التي شاءها الله العلي القدير في كتابه العزيز، قانونا وعقدا للتعايش المحب، والمثمر، والمعمر، بين الناس على اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والفكرية.

دم حجر الأسود الخمسة، برقبة هذا الفكر الظلامي، عميقا وأساسا، لا برقبة هذا الشاب المضطرب نفسيا، لكن على القانون أن يأخذ مجراه في محاكمة عادلة، فلا ينبغي لأي اعتداء على الرموز الوطنية، والاجتماعية، والجمالية، والحضارية في بلادنا، أن يمر مرور الكرام، فلابد من المساءلة القانونية، والأخلاقية، والثقافية، والعقائدية، تحفظ للرموز مكانتها، وللتاريخ قيمته كضرورة معرفية، وثقافية، وتربوية، كما وتحفظ للمدينة اعتزازها ببناتها الأوائل، وبجمالياتها التي تريدها كمثل ورود في بساتين تطلعاتها الحضارية.

يحدث دائما أن يتطاول القبح، على الجمال، والنتيجة دائما اندحار القبح، ويبقى الجمال لأنه مشيئة الله عز وجل، وانظروا إلى الطبيعة لتتأكدوا من ذلك تماما، وتكفي شجرة الزيتون، وشقيقتها شجرة التين، وقد أقسم العلي القدير بهما، ومعهماعقد الياسمين، وزهر الليمون أوان تفتحه، والعشب الذي على حجر، تكفي كل هذه المخلوقات الجميلة، لكي نؤمن أن القبح مهزوم لا محالة، وأن الجمال منتصر، ولو كره الظلاميون.

كتب رئيس تحرير صحيفة “الحياة الجديدة”

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا