الرئيسيةمختاراتمقالاتفي دولة فلسطين الديمقراطية

في دولة فلسطين الديمقراطية

بقلم: علاء ابو نادي

في العام 1968 طورت حركة فتح فكرة دولة فلسطين الديمقراطية وطرحتها كمشروع سياسي، تبنته قوى فلسطينية فيما بعد، منها الجبهتان الشعبية والديمقراطية. علما بأن الفكرة قد وردت مسبقا ضمن مقترحات قيادة ثورة 1936 المقدمة للجنة “بل”، مثلا، وهذا مما يؤكد على أن ثورتنا المعاصرة ليست إلا إمتدادا طبيعيا لثورات شعبنا المستمرة منذ بداية الغزو الصهيوني لبلادنا، وحتى النصر الكامل بعون الله تعالى.

وعند التمحيص في سبب طرح هذا المشروع، فلسطين الديمقراطية، التي يعيش فيها الجميع، مسلمين ونصارى ويهود كمواطنين، عليهم كل واجبات المواطنة ولهم جميع حقوقها، تحت علم فلسطين العربية، نجد أن السبب هو تقديم إجابة واضحة ومنطقية للعالم، أنصار الثورة خصوصا، على السؤال عن مصير المستوطنين اليهود المُستَجلَبين من أصقاع الأرض المختلفة تحت أكاذيب (أرض الميعاد) و(عدم وجود شعب فلسطيني من الأساس)…، حيث نتعامل مع هؤلاء على أنهم أدوات ومغرر بهم، لا بد من العمل على فصلهم عن الحركة الصهيونية العنصرية، وبالتالي مطلوب منهم المساعدة والمشاركة في مناهضتها فكريا وثقافيا واقتصاديا وميدانيا، كي يستأهلوا مواطنة دولة فلسطين القادمة لا محالة، “فالممارسة المشتركة تؤدي إلى الفكرة الواحدة وتُطورها وتَدعمها” كما قال المناضل محجوب عمر. وبكل الأحوال، الثائر لا يؤمن بعقلية الإنتقام ولا يرمي الناس في البحار.

ولتوضيح فكرة دولة فلسطين الديمقراطية أكثر، من الجيد تأمل ما يلي:

  • لا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا عبر حرب الشعب طويلة الأمد، وزيادة خسائر الاحتلال، العسكرية والاقتصادية خصوصا، فالحرب تفتح العقول وتحررها وتؤدي لمساهمة ثوار يهود معنا في النضال بكل أشكاله، ولا ننسى هنا المبدأ الوطني والفتحاوي: الأرض للسواعد الثورية التي تحررها.
  • دولة فلسطين الديمقراطية، دولة عربية، ولا يمكن أن تكون غير ذلك. فلا الصهيونية ستفلح في تغيير وجه فلسطين العربي، ولا الشعب العربي الفلسطيني قابل للاندثار. وهذا لا يعني طرد غير العرب من دولة فلسطين الديمقراطية، فالعرب أقدر وأنجح من قدموا أروع نماذج التراحم والتعايش على مدى التاريخ.
  • الدولة الفلسطينية العربية الديمقراطية جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، وتعتبر تتويجا لنضال الجماهير العربية من أجل الحرية والتحرر.
  • الدولة الواحدة لن تكون ثنائية القومية، ولن يحكمها إلا نحن العرب الفلسطينيين، أصحابها الأصليين. وهذا يحتاج أن نقول للعالم أننا بنضالنا نسعى للحصول على كامل حقوقنا على أرضنا الفلسطينية كمواطنين أُصلاء وأحرار، الأمر الذي لن يكون إلا بمواجهة الاحتلال الاحلالي والعنصري بكل السبل، ويشاركنا في هذا النضال كل أصحاب المصلحة في التخلص من الصهيونية بما فيهم اليهود الذين يختارون مناهضتها.

ومن المفيد أيضا، التذكير بكيفية طرح حركة فتح لهذه الفكرة في عام 1968 حيث أعلنت: “نحن نقاتل اليوم في سبيل دولة فلسطينية ديمقراطية يعيش فيها الفلسطينيون بكل طوائفهم مسلمين ومسيحيين ويهود في مجتمع ديمقراطي تقدمي ويمارسون عباداتهم وأعمالهم مثلما يتمتعون بحقوق متساوية” .

وبالطبع، لن تقبل فتح بأن يكون مفهوم الدولة الواحدة وكأنه جمع (الاسرائيليين) والعرب الفلسطينيين في إطار هذه الدولة، فالقصة ليست تسوية بين حقيقتين تاريخيتين ولا هي صفقة بين (الاسرائيليين) والعرب الفلسطينيين، بل هو تناقض تاريخي بين الوهم والحقيقة، لا حل نهائي له إلا بتلاشي أحد طرفيه؛ والرواية الحقيقة مع الحتمية التاريخية تؤكد على عدم إمكانية تلاشي الحقيقة، وهي الشعب العربي الفلسطيني، بكل تأكيد؛ وعندما يتلاشى الكيان الصهيوني سيترك وراءه المستوطنين الذين سيكونون (اسرائيليين) سابقين ليس أمامهم إلا الإندماج (التمثل كما يسميه محجوب عمر) ليصبحوا مواطنين في دولة فلسطين الغد (كما وصفها نبيل شعث).

وإن بحثنا في سبب اختيار الثورة الفلسطينية للديمقراطية حلا وهدفا تناضل لتحقيقه، سنجد أنه رد فعل ثوري وإنساني على الهجمة العنصرية التي احتلت فلسطيننا وطردتنا منها. وهذه القصة أي مصير اليهود المخدوعين، لن تنتهي حتى في حال تمكنا من التفوق العسكري على الكيان الصهيوني، فأين سيذهب هؤلاء بعد تصفية الحركة الصهيونية ؟ هل نطردهم أو نقتلهم جميعهم أم نرميهم في البحر ؟!.

وفي حالتنا الفلسطينية، إن ديمقراطية فلسطين “خطة قتال وتحرير وليست حلا وهدفا فقط”؛ ورؤيتنا التاريخية تثبت أن تحرير أرضنا وشعبنا لن يكون إلا بحرب شعبية طويلة الأمد، تتفوق فيها الجماهير على عدونا المتفوق عسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا؛ وأما الديمقراطية فهي عندنا سلطة الجماهير المقاتلة.

وبكل الأحوال، وكما قلنا سابقا، إن تجسيد أي مشاريع فلسطينية (بما فيها الدولتين) على طريق العودة والتحرير الكامل وتصفية الصهيونية، لا تتحقق إلا عبر حرب الشعب طويلة الأمد، والكفاح المسلح ذروة سنامها.

علاء أبو النادي فلسطيني في الشتات.

ملاحظة: للمزيد حول هذه الفكرة يرجى مراجعة كتابات د محجوب عمر “فلسطين الديمقراطية: هدف وخطة وحتمية تاريخية”؛ ومقال د نبيل شعث “فلسطين الغد” في العدد الثاني لمجلة شؤون فلسطينية، أيار/١٩٧١.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا