الرئيسيةمختاراتمقالاتالتدليس الديني السياسي

التدليس الديني السياسي

بقلم: حافظ البرغوثي

عقدت حماس وسط تهليل إعلامي مؤتمرا في أواخر سبتمبر الماضي حول إدارة فلسطين بعد تحريرها بعنوان “الوعد الآخر”، وجاء المؤتمر بهدف الإلهاء وليس الاستشراف المستقبلي، لأن المتحدثين فيه لم يقولوا شيئا علميا بحثيا، بل مجرد خطابات انشائية تحت مظلة ما يجري من جهود للتهدئة وفتح المعابر وإدخال عمال من غزة للعمل في المصانع والمزارع الإسرائيلية.

وقبل المؤتمر بسنوات كان رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية قد صرح بأنه طلب من النجارين في غزة صنع منبر لنصبه في المسجد الأقصى بعد تحريره، وهو هنا يحاول تقليد القائد الأسطوري نور الدين محمود زنكي الذي طلب من الصناع المهرة في عاصمته حلب بناء منبر يليق بالمسجد الأقصى بعد تحريره، ثم تم استكماله في دمشق، وكان كلما أنهى الصناع العمل أمرهم بزيادة الزخرفة ريثما يستكمل فتح وتوحيد المدن في بلاد الشام لملاقاة الفرنجة وتحرير بيت المقدس.

كان نور الدين زنكي المظلوم تاريخيا هو من أسس لتحرير بلاد الشام ومصر من الفرنجة، وهو من أرسل قواته لدحر الحملة الفرنسية على مصر، ووحد مدائن الشام واتخذ من دمشق مقرا له، وكان معروفا بتقشفه وزهده وصوفيته، فما أن يدخل مدينة حتى يرفع المظالم ويبث العدل ويقوم بالبناء رغم مشاغله العسكرية، ويرفض المبيت في دار الحكم، بل يتخذ من بيت متواضع مكانا لسكناه، ولا يرتدي سوى ملابس من الصوف، لأنه متصوف ويسأل الفقهاء عما يحق له من مال للصرف على زوجته وابنيه، ولا يتجاوز دخله دخل أي فقير من رعيته. وعندما ينتصر في معركة ويهتف العامة له بأنه منتصر، كان يقول: “من هو الكلب محمود حتى ينتصر؟ إنما النصر من عند الله”.. وكان أحد فقهاء الصوفية يزوده بطعامه الذي لا يتعدى بعض فتات الخبز. بهذه الروحية المتعبدة الزاهدة انتصر نور الدين وكتب على منبره “أمر بعمله العبد الفقير إلى رحمته الذاكر لنعمته المجاهد في سبيله المرابط لأعداء دينه الملك العادل نور الدين “.

الآن.. السؤال هو: هل فكر نور الدين موجود في ممارسات حركة حماس في غزة؟ وهل أقامت العدل بين الناس؟ وهل تستفتي الفقهاء الأتقياء بما لها، أم أن شعارها مال حماس لحماس، فكل ما في غزة استحوذت عليه من أرض وأموال فلا شريك لها إلا أنصارها، وهل بهذه الروحية تحرر فلسطين مثلا؟!.

ألم تنطلق الصواريخ لنجدة هبة القدس، ولما وصلت الحقائب المالية من قطر صار الحديث عن نوعية البضائع التي يسمح الاحتلال بإدخالها ومساحة الصيد البحري وفتح معبر رفح ليس إلا. وتم تجاهل القدس وانطفأت هبتها وبدأ الاحتلال في هدم مئات المنازل واعتقال المئات ونبش عظام المقابر وممارسة شعائره في المسجد الأقصى وادخال أثاث ومنابر يهودية الى ساحاته.

كفى تدليسا سياسيا ودينا.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا