الرئيسيةتقاريرملف/دراسةالإستراتيجة الإسرائيلية تنزع الصفة السياسية عن السلطة الوطنية الفلسطينية

الإستراتيجة الإسرائيلية تنزع الصفة السياسية عن السلطة الوطنية الفلسطينية

أصدرت أكاديمية فتح الفكرية بالتعاون مع مركز الانطلاقة للدراساتي رسالة للمجلس المركزي وتحليل سياسي بعنوان “الإستراتيجة الإسرائيلية تنزع الصفة السياسية عن السلطة الوطنية الفلسطينية”، يحاول التحليل الإشارة للاستراتيجية الصهيونية التي تبغي تذويب وانهاء القضية الفلسطينية بمنطق التكريس للوقائع على الأرض واستغلال العمل السياسي ومنه التفاوضي بتجزيء الامور وإيصالها الى متاهات دون الالتزام بحل نهائي ضمن ادارته للصراع وليس حله بتاتًا وصولًا لاعتبار القضية الفلسطينية عملية امنية خدماتية ضمن واقع إسرائيلي ما يحتاج لصحوة تتبين الخطر وتواجهه، ومن هنا يأتي ما العمل والخلاصة.

رسالة للمجلس المركزي وتحليل سياسي
الاستراتيجية الإسرائيلية تنزع الصفة السياسية عن السلطة الوطنية الفلسطينية[1]
يناير 2022م
تقوم الاستراتيجية السياسية ومنها تلك التفاوضية الإسرائيلية على أساس ما يسمى “إدارة الصراع” مع الفلسطينيين، وليس على أساس “حل الصراع” حيث لا صراع أصلًا كما ترى القيادات اليمينية اليوم!؟
الاستراتيجية الصهيونية استراتيجية ماكرة مخاتلة تسعى إلى إضعاف الخصم بكل الطرق، إلى أن يقنع بالخيار الوحيد المتاح له إسرائيليًّا-كما ترى- وهو ما يفسر إهمال العمل السياسي مع الفلسطينيين، والتركيز فقط على الشأن الأمني والخدمي!
وبالتالي إسقاط الوصول لأي حل سياسي، وإسقاط عملية التفاوض السياسي واقتصارها مدنيًا على لعبة القط والفار الخدماتية، المقرونة بالمقدرة الإسرائيلية العسكرية الإرهابية على الدخول الى غرف نوم كل الفلسطينيين بلا رادع من اتفاقيات قد مزقتها منذ زمن طويل!.
لا للمؤتمر الدولي، ونعم للتجزيء!؟
رفضت “إسرائيل” بحكومة “نتنياهو” ووريثه الجديد “نفتالي بينيت” العملية السياسية عامة، كما رفضت نهج التسوية الشاملة من رخلال رفض عقد مؤتمر دولي كما طرح الرئيس محمود عباس “أبومازن” مرارًا، ورفضت بالتالي كشف أوراقها النهائية بتعنتها وأهدافها الماكرة، وتبنت سياسة “الخطوة خطوة” وتكريس الأمر الواقع وبإدارة الصراع حتى الانكشاف، وتحويله لقضية داخلية إسرائيلية فقط!
كما وجزأت الإدارة الصهيونية العمل السياسي وعملية “التسوية” إلى مسارات منفصلة، ثم جزأت المسارات المنفصلة إلى مراحل ومحطات وصولًا مؤخرًا لتمييع القضية وإسدال الستار عليها لتتحول الى “قضية إسرائيلية داخلية”! أي كبلدية لأقلية ضمن نطاق الاحتلال الباقي (في أرضه كما يظن) وكان الممثل الأمريكي قد أبلغ الرئيس أبومازن بما يشي بالأمر بأن قضيتكم بينكم والحكومة الإسرائيلية أي أنها قضية داخلية إسرائيلية! .
تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني الحالي المغرق بالعنصرية والكراهية للعرب”نفتالي بينت” وضعت السلطة الوطنية الفلسطينية أمام حقائق دامغة مما يتطلب منها التوقف طويلًا عندها، ومراجعة وتقييم الاجتماعات الحالية المتوالية مع الاسرائليين من قبل سياسيين وغيرهم، والتوقف عن الترويج لتحقيق انتصارات تبدو للكثير من المراقبين أنها وهمية ما لا يدلّل على اختراق في مواقف الإسرائيليين (واليمين العنصري الارهابي هو الذي يحكم الدولة الصهيونية اليوم).
“بنيت” بلا خجل
التعنت الصهيوني واضح المعالم وثابت الخطى فيما يظهر في قول “بينت” المتكرر بلا خجل ولا وجل-ومن أين يأتي الوجل والأمة غارقة حتى الأذنين في وَحْل العطايا الصهيونية ثقيلة الثمن- أن: لا دولة فلسطينية ما دمتُ رئيس وزراء “إسرائيل”!
تعهد رئيس حزب “البيت اليهودي” اليميني العنصري المتطرف ورئيس الوزراء الحالي وخليفة نتنياهو اليميني بيمينية وتعصب وإرهاب وتطرف أكثر “نفتالي بينيت” بعدم تطبيق “اتفاق أوسلو” ما دام في رئاسة الوزراء ، وهو الاتفاق الذي مزقته دبابات الاحتلال الصهيوني أساسًا منذ أسدلت الستار على الاتفاق باقتحامها المدن الفلسطينية في العام 2001 إبان الانتفاضة الثانية الكبرى وارتكابها المذابح وتدمير مقدرات البلد والسلطة.
تعهد “بينيت” -الأمريكي من والدين من كاليفورنيا- بعدم التخلي عن موقفه الثابت والرافض لإقامة دولة فلسطينية، قائلا “طالما أنا رئيس الحكومة فلن يكون هناك تطبيق لاتفاق أوسلو”. لماذا؟ لأن الضفة الغربية مساحة قيام دولة الممكن فلسطينيًا هي ما يسمونه زورًا وبهتانًا “يهودا والسامرة” المزعومة التي يزرعونها يوميًا بالمستعمرات وأشد عصابات الاستيطان شراسة وإرهابًا.
ومضيفًا: “أنا من الجناح اليميني، ومواقفي لم تتغير، ما زلت أعارض إقامة دولة فلسطينية وأدافع عن دولتنا، ولن أسمح بمفاوضات سياسية على خط الدولة الفلسطينية، ولست مستعدًا للقاء أي من قادة السلطة الفلسطينية”؟!
أي بتطرف أوسع من تطرف رئيس الوزراء السابق الطاووس “بنيامين نتنياهو” الذي شغل “بنيت” مسؤولية مدير مكتبه لفترة من الزمن (2006-2008م)!
“التسهيلات” المخاتلة، والعقل
مما سبق دعونا نقول أن الاجتماعات التي عقدها “غانتس” وزير الحرب الصهيوني، و”يائير لابيد”رئيس الوزراء المناوب ل”إسرائيل” مع نفتالي بنت ووزير الخارجية منذ 13 يونيو 2021 ، رئيس ومؤسس حزب “هناك مستقبل” هذه الاجتماعات مع القيادة الفلسطينية تأتي منهم باعتقادنا في سياق العمل على نزع الصفة السياسية عن السلطة الوطنية الفلسطينية وإضفاء الصفة الادارية المدنية الخدماتية الامنية عليها فقط.
وما تلك التي سُميت مراوغة ومخاتلة ب “التسهيلات الممنوحة”، وتصاريح لم الشمل الداخلي وبطاقات الشخص المهم جدًا =ال V.IP الا ضمن مفهوم التعامل “الذي لابد منه” مع السلطة الوطنية الفلسطينية ضمن مفهوم حكومة “بينت” الماكر باضفاء هذه الصفه الإداريه البلدية عليها!
هل نحن في فلسطين نفتقد لقيادات وازنة وعاقلة وذات رؤيا؟
أم نفتقد لمؤسسات علمية ومراكز دراسات وأطُر قادرة على قيادة الحدث الفلسطيني عامة، و عملية المفاوضات أو العملية السلمية، والمقاومة الشعبية باحترافية ومهنية واقتدار عبر استثمار لمكامن القوه الكثيرة لدينافي عقولنا وفي شعبنا ووحدته وتجذره الأصيل! مجرد تساؤل وسنجيب عليه بوضوح!
لا. لسنا كذلك.
فنحن شعبٌ أكبر من كل قياداته كما كان يردد الخالد أبوعمار، شعب الجبارين الذي يمتلك الإيمان الراسخ بالله سبحانه وتعالى، وبالتضحية وبعدالة قضيته، وبأرضه فلسطين العربية منذ الازل والى الأبد.
ونحن شعب عربي فلسطيني يملك من عوامل القوة الكامنة ما إن تفجرت تستطيع أن تثير البراكين كما كان الصهاينة يسمون الخالد ياسر عرفات “بركان خامد صغير” عندما يثور هو وشعبه البطل فلن نجد ما نحتمي به!
إن العمل المحدد بالمبادرات والابداعات الوطنية الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965م بل وما قبلها ووحتى اليوم هي مسار المثابرة والديمومة حتى تحقيق النصر بإذن الله.
استفاد الإسرائيليون من وجود نظام “ديمقراطي!”-لا ديمقراطية بالحقيقة مع العنصرية والأبارتهايد والاحتلال، أو انهاك وتدمير شعب آخر بتاتًا- وهو نظام مؤسسي عنصري يخدم الإسرائيليين اليهود دون العرب في داخل الكيان، ويخدم حكومة الاحتلال الصهيوني بشكل أساسي، ويستفيد منه السياسي أوالمفاوض الإسرائيلي بشكل أفضل من المؤسسات العلمية ومراكز الدراسات ومن الخبرات الإستراتيجية والسياسية، بحيث يستطيع هذا الكيان الغاصب وصفوته العنصرية الحاكمة اليوم إدارة العملية السياسية ومنها العملية التفاوضية-سواء السياسية أوالخدماتية- باحتراف كبير، مستفيدًا من عناصر القوة المادية الضخمة التي لديه ومن الفرص المتاحة.
استفادت “حكومة الاحتلال الصهيوني” في العملية السياسية والتفاوضية (أواللاتفاوضية بالتطبيق وفرض الامر الواقع) من مزايا: غياب التكافؤ في ميزان القوى لمصلحة “إسرائيل” التي تسيطر على الأرض كل أرض فلسطين، وتتحكم في حياة السكان “من زر البندورة حتى كوب الماء” ومن “الكهرباء حتى المجاري”!.
وتستطيع حكومة الاحتلال نظريًّا بحسب رؤية قادتها إلحاق الهزيمة بالجيوش العربية مجتمعة. واستفادت “إسرائيل” ومازالت من النفوذ الصهيوني الإسرائيلي الدولي، وقدرته على التأثير وصناعة القرار في الولايات المتحدة وعدد من الدول الكبرى، والدول ذات الأوزان السياسية والاقتصادية في العالم. ومسلحة بالرواية الصهيونية-اليهودية المنشأ التي استفادت من كل حدث تاريخي حديث، او توراتي أسطوري في تكريس الخرافات حتى أصبح تقديسها محميًا بالقوانين الصهيونية وعند بعض دول العالم!؟ وموافق عليه من عدد من الدول الانعزالية العربية!
ضعف مقابل رؤيا
استفاد اللاعب الإسرائيلي في ملعب السياسة من حالة ضعف وعجز وانقسام فلسطيني وعربي وإسلامي ، ومن إدارة فلسطينية للعمل السياسي والشعبي والعالمي و للمفاوضات تعاني من ضعف التنظيم ونقص الخبرة أو عدم تراكمها، وفوقية بعض القرارات أو تفردها دون تمحيص، وربما نقول غياب الرؤيا السياسية والإستراتيجية عند الكثيرين، وتوزع الفلسطينيين بين المحاور وطموح الزعامات، هذا فضلاً عن الانقلاب والانقسام الداخلي وانعكاساته المؤسسية!.
حرص الإسرائيليون في إستراتيجيتهم السياسية العامة على :-
عدم تقديم مبادرات رسمية تحدد الشكل النهائي للتسوية-رغم وجود عديد المقترحات من قبل مراكز الدراسات عندهم- وبالتالي ترك تقديم التصورات لتصريحات أحادية للسياسيين والمفكرين والقادة العسكريين، أي دونما التزام نهائي بها. ولذلك نجد عشرات المبادرات والأفكار غير الرسمية، وهي في مجملها تحاول حلّ مشكلة “إسرائيل”، وليس حل القضية/المشكلة الفلسطينية، ومعظم هذه المبادرات تدور حول تقديم شكل من أشكال الحكم الذاتي والمحدود او المجزوء او المنقوص للفلسطينيين على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يكون “أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة” حسب بعض المقترحات.
“إيغال ألون”
لنقل أنه منذ أن ظهر مشروع “إيغال ألون” بعد النكسة أي حرب 1967 بشهر واحد، والذي اقترح شكلاً من أشكال الحكم الذاتي للفلسطينيين، فإنه أصبح حتى اليوم أساسًا لمعظم المشاريع الإسرائيلية التالية.
أما المؤسسة الرسمية الإسرائيلية ففضّلت عادةً الحديث عما ترفضه، دون أن تلتزم تمامًا بالحديث عما تقبله!
ومنذ أمدٍ بعيد وهناك مجموعة من اللاءات الإسرائيلية التي يكررها قادة الأحزاب والحكومة، وهي تشكل جامعًا مشتركًا بين معظم الإسرائيليين
تسعى جميع الحكومات الاسرائيلية إلى إبقاء العملية السياسية، وبالاخص التفاوضية حين تطرق بابها عملية مستمرة مفتوحة ولا نهائية (أنظر قول “شامير”رئيس الوزراء الأسبق في مباحثات مدريد عام 1991م)، وتجنب الوصول إلى حالة انسداد تام تؤدي إلى تخلي العرب والفلسطينيين عن خيار التسوية النظري، وانتقالهم إلى خيارات أخرى كالمقاومة.
التفاوض السياسي كجزرة
فيما يتعلق بعملية التفاوض السياسي -المتوقفة فعليًا اليوم- سعى الإسرائيليون لملء الفراغ باستمرار، وبافتراض الوجود الدائم للعبة التفاوضية في الساحة، لمنع وقوع حالة انهيار تام تؤدي لانفجار الوضع الميداني، بمعنى استمرار دفع المفاوض الفلسطيني والعربي إلى اللهاث للوصول إلى “الجزرة”، واستمرار الحديث عن السلام والأمن والتسوية والرفاهة لشعوب المنطقة، في الوقت الذي يتم فيه بناء الحقائق الصهيونية الثابتة على الأرض.
وبعكس المفاوض الإسرائيلي، فقد انشغلت المبادرات السياسية الفلسطينية والعربية بتقديم تصورات لـ”إنهاء الصراع” وحلّه، وليس بإدارة الصراع. وكان الجانبان الفلسطيني والعربي، بسبب حالة الضعف والتشرذم والتخلف واحيانًا الانجرار وراء المصالح السلطوية على حساب الامن القومي العربي، وبسبب الضغوط الخارجية، وتحت شعارات الواقعية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، يقدمان في كل مرة مبادرات سياسية جديدة تتضمن تنازلات جديدة، فيرحب الطرف الإسرائيلي بالعناصر الإيجابية في هذه المبادرة أو تلك ويطالب بالمزيد. ولا يلتزم بشيء!
نظرة على المشروع الاستعماري الصهيوني
يكتب عوض عبدالفتاح أن : “السعي الحثيث إلى ترسيخ شرعية المشروع الاستعماري وحسم الصراع نهائيًا، وإسدال الستار على قضية فلسطين، وبالتالي إنجاز حالة التطبيع الكامل غير المتشكك، سواء على المستوى العالمي أو على مستوى الأنظمة العربية، المتعاونة”. هو هدف الوحشية الصهيونية. ويضيف عن عدد من الدراسات حول الكولونيالية ما تشير به “أن عنف المستعمر ليس حدثًا، بل بنيةً. لكن المعضلة التي واجهها الفلسطينيون هي أن هذا المستعمر تكرّس كدولة من خلال اعتراف العالم به رسميا عام 1948″، ثم يضيف قائلا: “كل هذه الانتهاكات الفظيعة والجرائم المروعة، من جهة، والمقاومة الفلسطينية المتجددة لهذه الانتهاكات والجرائم، تعيد “إسرائيل”، في الذهن الشعبي العالمي، كما هي في الأصل، أي كيان استعماري تطهيري ونظام فصل عنصري، وموضعته في السياق التاريخي لأنظمة الإبادة العرقية، والفصل العنصري.” وعليه يطالب ب”استرداد الرواية الفلسطينية، وتأسيس وبناء المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، الوطني والإنساني؛ مقاومة شعبية داخل الوطن، ومقاومة مدنية معولمة على مستوى العالم، ورؤيه تحررية لفلسطين الكاملة[2].”
الحراكات الصهيونية اليوم
من يتابع الحراكات الصهيونية الداخلية وفي العالم العربي والعالم عامة هذه الأيام يلاحظ أن الإسرائيليين بتوحشهم الاستعماري يتعاملون وكأنهم أسقطوا أو انتهوا من حسم موضوع الحقوق الوطنية وحق وتقرير المصير!؟ وإضفاء الصفة الاداريه على السلطة الوطنية الفلسطينية وهذا ما عكسته تصريحات “بينت” كما أشرنا سابقًا وتعهده بعدم تطبيق “اتفاق أوسلو” ما دام في رئاسة الوزراء
من “أوسلو” الى المتاهة الصهيونية
لقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف والكاره للعرب “نفتالي بينيت” بعدم التخلي عن موقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية،
والى ذلك يمكن القول بثقة أن الراحل الخالد ياسر عرفات قد رأى ب”اتفاق أسلو” ممرًا إجباريًا ومرحلة مؤقتة تنتهى بسنوات خمس أي عام 1999 وعندما ماطل الصهاينة ورفضوا بعد (كامب ديفد 2) اشتعلت انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد المكر والخداع الصهيوني. وانتصارًا لفكر ياسر عرفات.
يرى البعض خاصة الصهيوني أن “اتفاق أوسلو” لم يكن به مرجعية حقيقية تلزم “إسرائيل” بإنهاء المفاوضات ضمن سقف زمني محدد، كما كان يردد “رابين” و”بيرز” أن لا مواعيد مقدسة!.
لقد اخرج الاتفاق الأمم المتحدة من كونها مظلة دولية تحكم النزاع بين الطرفين، وظلّت الولايات المتحدة تلعب دور الراعي لعملية التسوية، “ومن استرعى الذئب فقد ظلم”! كما يقول المثل العربي، بينما تركت الأمم المتحدة وأوروبا وروسيا وغيرها عملية المفاوضات لنتائج المباحثات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين
إن الاستراتيجية الصهيونية بتجزئة القضايا السياسية ثم قضايا التفاوض والاستغراق في التفاصيل التفاوضية أتت أُكُلها الى الدرجة التي أصبح فيها التفاوض اليوم فقط على القضايا المعيشية الخدماتية!.
عمد الكيان الإسرائيلي ضمن مساراته التفاوضية سابقًا الى تحويل عملية التسوية إلى متاهة! يصعب التحرك في دهاليزها كما يصعب الخروج منها، فتناقش أدق التفاصيل لعمل اتفاقات وبروتوكولات ومذكرات… ينشغل بها عشرات المتفاوضين، في مئات من الساعات التفاوضية، بأشكال ثنائية ومتعددة ودولية. وبحيث يبدو استرجاع الفلسطينيين لأبسط حقوقهم انتصارًا كبيرًا وتنازلاً إسرائيليًّا مؤلمًا.
وهذا ما حصل في قضايا خدمية واقتصاديه وليست سياسيه كقضية المقاصة والكهرباء واستيراد العجول والمحروقات وجميعها حققت انتصارات وهميه وزادت من الترابط الاقتصادي مع الكيان الإسرائيلي، بدلا من عملية الانفكاك الاقتصادي والترابط والتكامل الاقتصادي مع دول الجوار العربي.
الخلاصة: ما العمل؟
تصريحات “بينت” الأخيرة عام 2022م نسفت آمال المراهنين على عملية التسوية والسلام كخيار استراتيجي، مما يتطلب الشروع الفوري بإحياء دوائر منظمة التحريرالفلسطينية مظلة الكل الفلسطيني الموحد، لأننا نمر في مرحله خطرة ومفصلية هدفها تصفية القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية وهي تحمل صفه سياسيةبامتياز .
المرحلة الحالية أخطر مما تتصورون!
إن المرحلة أخطر من محاولات تمرير “صفقة القرن” التي أسقطها صمود الرئيس أبومازن والدبلوماسية الفلسطينية في مرحلة حين قالت بجرأة عز مثيلها (( لا )) أكثر من 13 مرة وحيدة ضد القوة الاولى في العالم، المرحلة أخطر مما تتصورون اليوم لأن حكومة “بينت” اليمينية الإرهابية تتبنى سياسة “نتنياهو” بالحقيقة عبر فرض الأمر الواقع ضمن سياسة التدمير والتغيير الديموغرافي والجغرافي للضفة الغربية وتهويد القدس والضفة الغربية في ظل مرحلة لم تعد فيها القضية الفلسطينية تتصدر الأولويه وفي ظل الهرولة للتطبيع من قبل الانعزالي العربي، وفي ظل موقف أمريكي داعم ل”إسرائيل” ويتغاضى عن التوسع الاستيطاني الاستعماري ومن مواكب عصابات المستعمرين الإرهابية وتهويد القدس وحصار القطاع الدائم.
المرحلة لا تحتاج
لتصريحات نارية!
أو سباحة ضد التيار
أو تخلخلات فصائلية
بقدر حاجتها
لفهم جديد
وقرارات
وإرادات
وقدرات
وكفاءات.
انها قدرات وكفاءات لمواجهة مخاطر المشروع الصهيوني المتنكر للحقوق العربية الفلسطينية
ببرنامج وحدوي
يجتمع فيه الكل الفلسطيني
تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية
وما الاجتماع القادم للمجلس المركزي في منظمة التحرير الفلسطينية الا اختبار هام نقف عنده مترقبين!….فهل ننجح!؟
وهنا تكمن أهمية التحرك للعمل النضالي والابداعي المتواصل ذو الديمومة والذي يمكننا تلخيصه مما سبق ومن خلال النقاط أو التوصيات التالية:
1- إعادة دور (م.ت.ف) المركزي بالقضية الفلسطينية والذي يعني إحداث انعطافة حادة وضرورية، فلقد كان انقلاب الديناميات بين السلطة الفلسطينية ومنظّمة التحرير الفلسطينية واندماجهما كارثياً للفلسطينيين، إذّ ولّد التباساً حول الأدوار والأوضاع ما أعطى الأولوية للمصالح الضيّقة قبل المصالح الوطنية، وأبعد المجتمع الفلسطيني الأوسع عن عملية صنع القرارات وأدّى إلى حوكمة رديئة على الأرض عبر حجب الشفافية والمساءلة. إعادة بناء أو تطوير المؤسسات الوطنية
2- تمتين بناء المنظمات الشعبية، والاتحادات والجمعيات والأطر كافة من خلال اشراك كافة مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج كإطار شعبي فاعل ومؤثر وضاغط.
3- ضرورة إعطاء زخم للمقاومة الشعبية في الوطن، والمقاطعة بالخارج والوطن، وفضح الرواية الصهيونية التي هي أحد أبرز أساليب الصراع اليوم، واستعادة الزخم العربي رغم كل شيء، لاسيما في ظل الموقف والتعنت الإسرائيلي وتهربه من استحقاقات العملية السلمية.
4- استعادة التلاحم والزخم الشعبي يجب أن يأتي ضمن عقلية الشراكة بإعادة البناء والتطوير لكل القوى والشرائح المجتمعية بمفهوم أن منظمة التحريرالفلسطينية (م.ت.ف) هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بعيدًا عن عقلية المعسكرين وبلا التفاف أومناورة أووراثة أواستبدال وإحلال.
5- على كافة الفصائل الوطنية (ومنها “حماس” والجهاد…) تغيير التفكير وطريقة الفهم بطرح الفكر الاقصائي أوالأوحدي أوالمحوري جانبًا، وجعل فلسطين فقط أولًا، فهي البوصلة وليس الحزب، وعليها بذلك تبديل لغتها وخطابها من البتر الى الوصل وتفعيل كل مؤسساتها الشعبية في السياق الديمقراطي الوحدوي وفي مسعى لتجسير الهوة بين قيادات القوى والفصائل مع قواعدها الشعبية.
6- بوضوح نقول: يجب توفر قيادة واحدة لشعب واحد على أرض فلسطين الواحدة وهدف واحد وبرنامج نضالي واحد بأساليب متنوعة ذات تشاركية متفق عليها.
7- إعادة هندسة سفاراتنا في العالم للقيام بواجباتها النضالية ويكون العمل الدبلوماسي جزء من الواجبات وليس هو كل الواجبات، ورفد الجهات ذات العلاقة بالصراع مع الاحتلال على الصعيد القانوني وفي مؤسسات الامم المتحدة بكوادر وطنية وليس بموظفين تقليديين.
انتهى
أكاديمية فتح الفكرية بالتعاون مع مركز الانطلاقة للدراسات.
٢٠٢٢م
[1] قامت لجنة من أكاديمية فتح الفكرية ومركز الانطلاقة للدراسات بمراجعة النص الذي استند لكتابات من الأخوة الأساتذة علي أبوحبلة ود.عبدالرحيم جاموس، ومحمد قاروط أبورحمه وبكر أبوبكر ونجوى عودة وآخرين، وقام بالتعديلات اللازمة لخروج هذا النص وفق رؤية اللجنة وتحليلها.
[2] ( الملخص هذا من مقال للكاتب عوض عبدالفتاح في موقع عرب48)
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏
أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا