الرئيسيةأخباردنماركيةنيويورك تايمز: مراكز ترحيل السوريين بالدنمارك تعج بالنفايات والفئران ورجال بدون مستقبل

نيويورك تايمز: مراكز ترحيل السوريين بالدنمارك تعج بالنفايات والفئران ورجال بدون مستقبل

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمراسليها إليان بيلتير وجاسمينا نيلسن عن مشاهداتهما لوضع اللاجئين السوريين الذين اعتقلوا في مراكز ترحيل بعدما توصلت السلطات إلى أنها لن تقبل طلبات لجوئهم وأن بلادهم سوريا أصبحت آمنة ويمكنهم العودة.

وقالت الصحيفة إن هيثم الكردي، 60 عاما وطالب اللجوء السياسي، قابع في مركز ترحيل منذ 6 أشهر حيث يقول أقاربه إنه يعاني بشكل متزايد من الكآبة وفقدان الشهية لتناول الطعام ويعاني من تشنجات لا إرادية وبدأ بالحديث مع نفسه.
وهرب الكردي من الحرب الأهلية في بلاده عام 2015 لكي ينضم إلى ابنه الأكبر محمد الذي هرب قبل عام. ومنح في البداية صفة اللجوء المؤقت، إلا أن السلطات ألغت إقامته في العام الماضي بعدما قررت أن عودته مع آخرين أصبحت آمنة. وفي مقابلة سابقة مع الكردي في مركز ترحيل “كاشيرفودغارد” ببلدة إكاست، شمال الدنمارك، قال “أن تكون هنا هو موت بطيء” وقال إن منظور العودة إلى سوريا مخيف ولن يعود أبدا. ومع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى أوروبا عام 2015 استقبلت الدنمارك أكثر من 30.000 منهم. ومنذ ذلك الوقت لا توجد دولة أوروبية حاولت إشعار السوريين بأنهم أناس لا يرحب بهم مثل الدنمارك. وتضيف الصحيفة أن أزمة اللاجئين الجديدة في أوروبا والترحيب الدافئ بالأوكرانيين الهاربين من الهجوم الروسي، أثارت تعاطفا ومرارة بين سكان الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يشعرون أن الدول الأوروبية اتخذت موقفا متعاطفا من القادمين الجدد أكثر من ترحيبها في السنوات الأخيرة بالعرب والمسلمين والأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى بر الأمان في أوروبا.
وبدأت حكومة الدنمارك في عام 2019 بإرسال رسائل إلى أكثر من 1.200 شخص جاءوا من منطقة دمشق وتقول فيها إنها تقوم بإعادة النظر في الإقامات التي منحتها لهم. ومنذ ذلك الوقت سحبت الإقامات المؤقتة من 100 مثل الكردي والذين استنفدوا كل جهود الاستئناف مما يجعل إقامتهم في الدنمارك غير قانونية.
وتم إرسال العديدين منهم إلى مراكز الترحيل التي أقيمت في أنحاء البلاد، لكن الدنمارك لا يمكنها ترحيلهم نظرا لعدم وجود علاقات دبلوماسية مع سوريا. ولهذا انتهى العشرات منهم في وضع غير معروف ويواجهون الاعتقال الدائم ويحوم فوق رؤوسهم تهديد الترحيل. وبسحب الإقامات المؤقتة من طالبي اللجوء فإن الدنمارك هي أول بلد أوروبي يصدر قرارا بأنهم لا يستحقون اللجوء رغم المخاطر في بلدهم. ويقول خبراء حقوق الإنسان والأمن إن تقييم الدنمارك للوضع الآمن في منطقة دمشق يحرف وبشكل صارخ مخاطر عودتهم طالما ظل الديكتاتور بشار الأسد في السلطة.
وبحسب منظمات حقوق الإنسان واجه العائدون إلى سوريا ابتزازا وتعذيبا وعنفا جنسيا واختفاء قسريا. وطالبت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الحكومة بعدم إعادة اللاجئين السوريين “لأي جزء من سوريا”. وأثارت الإجراءات الدنماركية القلق لأن عودة اللاجئين لا تزال محفوفة بالمخاطر حسب بعض الحكومات الأوروبية وبريطانيا. وقال المحامي نيلز- إريك هانسن، من كوبنهاغن الذي يمثل الكردي والسوريين الآخرين “أصبح موكلي رهينة في يد السلطات الدنماركية من أجل إرسال رسالة للعالم أن الدنمارك هي أسوأ مكان لطالبي اللجوء من سوريا”. وقال رامسوس ستوكلاند المتحدث باسم الحكومة إنه يجب عدم ترحيل أي سوري لو كان يواجه مخاطر “يرحب بك هنا طالما احتجت لحماية” و”في اللحظة التي لم تعد فيها بحاجة للحماية فعليك العودة إلى بلدك”.
ويحق لكل السوريين الذين سحبت منهم إقاماتهم الاستئناف ضد القرار، وفي كل أسبوع تلتقي لجنة مكونة من 3 قضاة بكوبنهاغن للنظر في الاستئنافات، ومن يستنفد منهم كل الطرق يرسل إلى واحد من هذه المراكز مثل المركز الذي يحتجز فيه الكردي. ومركزه هو سجن سابق محاط بالأسلاك الشائكة وبحراسة مشددة، ويسمح للكردي بالنوم خارج المركز مرتين في الشهرين. وتهدف الدنمارك لردع طالبي اللجوء من القدوم والبقاء حسب توماس غاميلتوف- هانسن، أستاذ قانون اللاجئين في جامعة كوبنهاغن “أصبح الردع غير المباشر ردا منظما للدول الأوروبية وفيما يتعلق بالأزمة السياسية للجوء في أوروبا” و “تحولت الدنمارك لقائدة المرشحين والملهمة للآخرين”. وشددت دول أوروبية من سياساتها المتعلقة باللاجئين السوريين، مثل ألمانيا التي رفعت الحظر عن ترحيل اللاجئين السوريين المتهمين بجرائم خطيرة. وتوقفت السويد عن منح اللجوء لبعض السوريين. لكن لم يذهب أحد إلى المدى الذي ذهبت إليه السويد. ويمكن لمعظم السوريين البقاء في الدنمارك حتى هذا الوقت لأن الترحيل يشمل فقط الذين جاءوا من منطقة دمشق. ولكن السلطات الدانماركية تقوم بالنظر في الأوضاع الأمنية بمناطق أخرى من سوريا، مما يعني أن آخرين قد يتأثرون بسياسة السلطات.
وقالت وزارة الهجرة إن حوالي 400 سوري عادوا طوعا إلى سوريا ومنحت كل واحد منهم مبلغ 30.000 دولار مقابل المغادرة. ومن بين 250 سوريا خسروا إقاماتهم المؤقتة، ربح نصفهم الاستئناف أكثر من خسارتهم. ومن بين الذين ربحوا سامي دياب، 50 عاما العامل في مصنع بجنوب الدنمارك وفر من بلاده عام 2014، وانضمت إليه زوجته وأولاده بعد عام واشتروا بيتا عام 2019، وخسر إقامته بعد ذلك بفترة قصيرة. لكنه خرج من مجلس استئنافات اللاجئين قبل فترة وهو يرفع قبضته علامة على انتصاره. وبعدما جفف دموعه اتصل بالمصنع وأخبر صاحبه أنهم باقون في الدنمارك.
وقالت الصحيفة إن سياسات الحكومة ضد السوريين أدت لتوتر بين الدنماركيين الذين يؤيدون سياسات مضادة للهجرة وبين من يعارضونها. وهناك 80% من الدنماركيين يعارضون هذه الإجراءات اليوم حسب دراسة استطلاعية. وقال وزير الهجرة ماتيس تيسفاي بداية العام الحالي إنه يجب على الدنمارك حماية نفسها من المشاكل التي تظهر بسبب دمج المهاجرين. وأكد أن الذين عادوا إلى دمشق لم تتعرض حياتهم للخطر. ورفض عدة طلبات للمقابلة ولكنه أكد ببيان أنه لم يكن مسؤولا عن تقييم الوضع الأمني في دمشق ولا عن طلبات اللجوء. وبالنسبة للذين خسروا إقامتهم المؤقتة فالعودة إلى سوريا خارج التفكير. وقالت أسماء الناطور، 51 عاما والتي أرسلت إلى مركز للاجئين في بلدة هولستبرو في شمال البلاد مع زوجها “لن نعود طالما ظل بشار هناك” و “سنعود عندما يذهب”. والمركز مخصص للاجئين الذين وصلوا حديثا أو من ينتظرون مثل الناطور القرار النهائي. والوضع فيه أحسن من المراكز الأخرى، ولدى أسماء سيارة ويمكنها الدراسة وتحصل هي وزوجها على معونة بـ 350 دولارا لكل واحد.
وأدت سياسات الدنمارك حول اللجوء إلى فصل العائلات عن بعضها البعض. فمحمد، 28 عاما ابن الكردي حصل على الإقامة لزواجه من دنماركية وله منها ولدان ولأن عودته تعني الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش. وهذا يعني العيش في حي بالعاصمة، أما والده فهو محتجز في مركز كاشيرفودغارد مع 250 ينتظرون الترحيل لدول أخرى. ويسمح له بالمغادرة مرتين في الشهر ليكون مع عائلته أو محاميه. وفي زيارة أخيرة للمركز كان المكان مليئا بالنفايات وانتشرت في مركز آخر الفئران، حسب الصور التي التقطتها الصحيفة. وحاول الكردي طلب اللجوء في ألمانيا العام الماضي ليرفض ويرحل إلى الدنمارك. ويقول ابنه إنه نادم على القدوم إلى الدنمارك “والدي لا مستقبل له” وهو “انتظار بدون شيء”.

المصدر: “القدس العربي”

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا