الرئيسيةمتفرقاتثقافةمجدي أحمد علي يعيد القضية الفلسطينية إلى شاشة السينما المصرية

مجدي أحمد علي يعيد القضية الفلسطينية إلى شاشة السينما المصرية

بعد سنوات طويلة من غياب القضية الفلسطينية، عن السينما المصرية، أعادها المخرج مجدي أحمد علي في فيلم «حدث في 2 شارع طلعت حرب» الذي شهد مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، عرضه العالمي الأول، ويعرض حاليا على منصة شاهد.
الفيلم يستعرض التغيرات السياسية التي مرت على مصر في أربعة عهود مختلفة، وتأثيرها على الحياة الاجتماعية، من خلال أربع قصص منفصلة متصلة، تربط بينها شقة في عمارة تطل على ميدان التحرير، يتعاقب عليها السكان من فئات مختلفة ويشهد على هذه التغيرات حارس العمارة، وأسرته التي تتأثر أيضا بهذه التغيرات السياسية، ويستعرض من خلال مقاطع غنائية واستعراضية شكل الفن المصري في كل مرحلة.

الظروف السياسية

كما تؤثر الظروف السياسية على أربع قصص حب لا تكتمل، سواء بسبب الموت في الحكايتين الثانية والرابعة، أو بسبب السجن، كما في الحكايتين الأولى والثالثة، ويعود فشل قصص الحب في كل الحالات إلى سياسات رجال الحكم، أو المعاونين لهم بداية من الستينيات، في حكاية «قمر» التي تدور أحداثها في عصر جمال عبد الناصر، وفي هذه الحكاية يركز الفيلم على مرحلة الحكم البوليسي، التي يرى مجدي أحمد علي أن الشعب المصري عانى منها في عهد عبد الناصر، وأدت إلى وقوع الظلم على كثير من فئات الشعب منهم بطل الحكاية وهو أحد الأطباء النفسيين الذي كان يعالج أحد المسؤولين، وتم قتله وطلب رجال الحكم من الطبيب، أن يؤكد وفاته عن طريق الانتحار لكنه رفض، فتم إلقاء القبض عليه، مما دمر مستقبله، وقضى على قصة حب بينه وبين سيدة كان يستعد للزواج منها، وكان الديكور والملابس مناسبين تماما للمرحلة، ولم تمنح الفرصة للممثلين في هذه القصة لتقديم أداء قوي، باستثناء حلمي فودة، الذي قدم شخصية الصديق الخائن.
اختار المخرج مجدي أحمد علي ومدير التصوير محسن أحمد تصوير هذه الحكاية بطريقة الأسود أبيض، وقد كان اختيارا موفقا، حيث أضفى احساسا بالفترة التاريخية التي تدور فيها القصة، كما كان متماشيا مع الأجزاء التسجيلية التي تم استخدامها في الفيلم.
وفي الحكاية الثانية «قمر» استعان محسن أحمد بإضاءة وألوان مناسبة لفترة السبعينيات، حيث يستعرض الفيلم مرحلة حكم محمد أنورالسادات، مركزا على الانفتاح الاقتصادي، الذي أثر بدوره على طبيعة الشعب المصري، ونظرته لطرق كسب الرزق، وظهور طبقة من المستفيدين من هذا الانفتاح، وتراجع الاقتصاد المصري الذي كان قد بدأ في النمو أثناء الحقبة الناصرية.
ويعرض الفيلم للأفكار الدينية المتشددة التي عرفت طريقها للشعب المصري في هذه الفترة، وبدأت تتغلغل في المجتمع.
كما يستعرض أيضا، تغير السياسات المصرية تجاه القضية الفلسطينية، من خلال إبرام السادات معاهدة «كامب ديفيد» مع العدو الصهيوني، وهي المعاهدة التي كان يرفضها قطاع كبير من الشعب المصري، والشعوب والأنظمة العربية، وقدم ذلك من خلال الشاب الفلسطيني، الذي قدم الى القاهرة، وكاد يستقر بها ويتزوج من بائعة كبدة مصرية، إلا أن توقيع الاتفاقية جعله يغير رأيه، ويقرر مغادرة مصر، من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ثم يأتي استشهاده، فتضيع أيضا قصة الحب بينه وبين الفتاة التي كان على وشك الزواج بها، وفي هذه الحكاية قدم أحمد مجدي دورا مختلفا لم يقدمه من قبل، وهو الشاب الذي «يلعب بالبيضة والحجر» بالتعبير المصري، الذي استفاد من الانفتاح، ويعيش حياته غير مكترث لما يحدث حوله، إلى أن يصطدم بوفاة صديقه «وسيم الدقاق» فتتغير نظرته للحياة، أحمد مجدي أيضا شارك في إنتاج الفيلم، وهي خطوة جريئة تحسب له، خاصة أن الفيلم ليس تجاريا بالمعنى المعروف، وغير مضمون المكسب، ولكنها ليست المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك، حيث أنتج فيلم «الزرافة» منذ عدة سنوات وهو ينتمي إلى نوعية السينما التجريبية غير التجارية، فهو لا يقدم سوى نوع السينما الذي يحبه ويؤمن به.

مطرب شاب

يتطرق مجدي أحمد علي بعد ذلك، في قصة بعنوان «تراب» إلى مرحلة حكم حسني مبارك، وتنامي قوة رجال الأعمال وسيطرتهم علي الحكم منذ عام 2004، وذلك من خلال قصة حب تنشأ بين فتاة على علاقة بأحد رجال الأعمال ذوي النفوذ، وبين مطرب شاب، فيقرر رجل الأعمال إنهاء هذه العلاقة من خلال القاء القبض على المطرب الشاب، لتفشل أيضا هذه القصة. وهي برأيي أقل الحكايات قوة، حيث لم ينجح مجدي أحمد علي في أن يجعلنا نتعاطف مع قصة الحب، ولم يكن موفقا في اختيار عبير صبري، نظرا لأنها تكبر الشاب المطرب بسنوات عديدة واضحة، كما أنها لم تكن قادرة على التعبير بعضلات وجهها التي تخشبت بسبب البوتوكس والفيلر الواضح أيضا، في حين برع شريف حلمي في أداء شخصية المحامي الثعباني، الذي يساند فساد رجال الأعمال، ويخدع المشاهد في البداية ليظنه عادل وطيب القلب، قبل أن يكتشف حقيقته، بسلاسة وبدون الوقوع في فخ الكلاشيهات والأداء التقليدي لمثل هذه الأدوار .
ويظهر في هذه القصة ابن حارس العمارة ملتحيا، ليكشف لنا تنامي الجماعات المتطرفة وتأثيرها على الشباب من كافة الطبقات.
وقد نجح الممثل الشاب شهاب العشري، في تقديم شخصية حارس العمارة «آس» وابنه، موضحا الفوارق الشخصية لكل منهما، مستخدما أدواته في «لغة الجسد» وطريقة الحديث، ونظرات العينين التي كانت واثقة وصريحة لتصبح مراوغة بعد ذلك.
ويمر مجدي أحمد علي على ثورة 25 يناير مرورالكرام، لأسباب رقابية غير خافية، حيث أعلن في أكثر من لقاء، أن الفيلم الأصلي كان ينتهي بثورة 25 يناير، ولكن الرقابة رفضت ذلك بشدة، فانطلق لما حدث في 30 يونيو، والثورة على حكم الإخوان، من خلال صاحب الشقة الذي عاد بعد سنوات طويلة من الغياب لبيع الشقة، فيقرر البقاء مع الشباب الذي يضحي من أجل مبادئه، وفي هذه القصة أيضا تفشل قصة الحب التي تجمع بين صحافي شاب وطالبة جامعية، بسبب استشهاد الصحافي أثناء تصوير الأحداث.
التمثيل كان متفاوتا في هذه الحكاية، فبينما جاء أداء ميار الغيطي ضعيفا، كان أداء سمير صبري صادقا، خاصة عند بكائه بسبب وفاة خطيب الفتاة، وعندما أكد رسالة الفيلم في النهاية بقوله «أنا لا هبيع ولا هأجر» متحدثا عن شقته، في رمزية واضحة تشير إلى مصر، التي يرفض أبناؤها التفريط فيها.

«القدس العربي» – فايزة هنداوي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا