الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمأكرم عطا الله يكتب عن جيش الذباب الإلكتروني لـ"حماس"..!

أكرم عطا الله يكتب عن جيش الذباب الإلكتروني لـ”حماس”..!

هذا المقال تأجل طويلاً ليس فقط بسبب تسارع الأحداث وكثافتها على المستوى الفلسطيني من أحداث كثيراً كانت تأخذ أولوية وأيضاً أحداث على المستوى الدولي والتغيرات الكونية، ولكن التواجد خارج البلاد يضع حدوداً للكاتب في النقد وليس كما التواجد وسط الأزمة التي تعطي متسعاً أكبر للمنازلة الشريفة.
ولكن بعض الظواهر تستوقفك وخصوصاً حين تبدأ بالانحراف باتجاهات لا يعرف فاعلوها مدى خطورتها أو مدى تدني مستواها في أدوات الصراع الداخلي بشكل صادم لم تعرفه الحالة الفلسطينية منذ تشكل أدواتها المؤسساتية والتي يحاول الجميع بقدر الإمكان رفع هذا المستوى، وضبط الصراعات الفلسطينية في إطار مقبول سواء أكان قانونيا أم أخلاقيا، ولكن عندما تتدنى يفترض من الجميع أن يرفع كل الإشارات الحمر في مواجهة ظاهرة لا تستوي مع التربية الفلسطينية.
ما حدث مع الكاتب عصمت منصور يستوجب أن نقف أمامه بكل خجل، فقد كان الحشد في القدس، أول من أمس، للصمود والتصدي لاقتحامات المستوطنين كتعبير عن الحالة الوطنية التي تجتاح الفلسطينيين حين يتعلق الأمر بالقدس لكن جزءا من الحشود كان يرفع رايات حركة حماس وهو ما استدعى من منصور أن يوجه ملاحظة نقدية متمنياً أن يكون الحاضر علم فلسطين وأن ترفع «حماس» علم فلسطين، وهذه ملاحظة يكررها الجميع للفصائل التي ترفع راياتها على حساب الراية الموحدة التي تحمل الإرث التاريخي والرمز الكفاحي للحالة الجمعية الفلسطينية فيما تعكس رايات الفصائل حالة حزبية، وتلك وظيفة الكاتب الوطني أولاً.
لكن الرجل تعرض لهجمة هجوم عنيفة على صفحته بتعليقات على المنشور الذي أبدى فيه رأيه وصلت حد اتهامه بالعداء للمقاومة «بالمناسبة الرجل واحد من داعميها» والتكفير والتخوين، وجاء الهجوم بشكل متزامن وموحد وبأسماء وهمية ما يعني أن العمل منظم وليس عشوائيا ولا يدخل في إطار الرد والنقش الطبيعي بقدر ما يتعلق بجيش يصوب مدافعه ويطلقها دفعة واحدة بهدف الاغتيال، وهو اغتيال معنوي بلا شك.
قبل عامين، اعتقلت «حماس» الكاتب عبد الله أبو شرخ في قطاع غزة لنشره خبراً مزيفاً. وبعد أن فشلت الجهود في إطلاق سراحه طالبت على الفيسبوك بحملة للإفراج عنه، وفوجئت بالجيش الإلكتروني يطلق نيرانه ضدي من الأسماء الوهمية التي تشكل هذا الجيش وبكلمات يخجل غير المتدينين من كتابتها. وكنت سأكتب هذا المقال حينها لكن تسارع الأحداث آنذاك كان أكبر من التوقف أمام الصراعات الداخلية.
قبل فترة، تعرضت زميلة صحافية أيضاً لهجوم من هذا الجيش المنظم الذي تشرف عليه قيادة أمنية في الحركة، لمجرد إبداء رأيها وكان مستوى الشتائم يقترب من المساس بالعرض. وكان سؤالي لنفسي وهذا السؤال الذي يجب أن يستوقف قيادة «حماس» ويتجاوز ربما الصراع السياسي ليذهب أبعد نحو التربية والأخلاق ويعطي نموذجا عن نزاهة الأدوات التي تستخدمها الحركة ضد خصومها ومعارضيها ومستوى الفروسية في التعامل مع الآخر المختلف، بل ويذهب أبعد ليقترب من التساؤل عن سلوك حركة إسلامية. وتلك أخطر المسائل التي لم تدركها الحركة وهي تخوض صراعاتها وسط الضغط الذي تتعرض له.
أزمة هذا الجيش أنه صمم للصراع الداخلي وموجه ضد النخب والهدف هو اغتيالهم معنوياً، ولا يخدم بأي شيء الحالة الوطنية في صراعها بالخلاص من الاحتلال سوى أنه يساهم في تحطيم جزء من هذه الحالة التي ينبغي الحفاظ عليها لأن أزمة التحرر الوطني تستدعي مشاركة نخبها الثقافية إلى جانب كل مكوناتها والمفارقة على الجانب الآخر. وهي مفارقة ينبغي أن تكون مؤلمة لـ«حماس» وهي أن حركة فتح ارتكبت خطأين كبيرين، العام الماضي، لم يمرا مرور الكرام من قبل الكتاب والنخب. الأول إلغاء الانتخابات والثاني مقتل نزار بنات. وقد تعرضت «فتح» والسلطة لحملة كبيرة من قبل تلك النخب، ولكن هؤلاء لم يتعرضوا لتلك الشتائم البذيئة ومحاولات الاغتيال المعنوي. وفي تلك المقارنة ما يجب أن تقف أمامه حركة حماس فالناس في عصر «السوشيال ميديا» يقرؤون ويعرفون ويتابعون ويحللون ويقيمون ويصدرون أحكامهم ويحترمون أخلاق الفرسان في الصراعات.
نواة هذه الوحدة في غزة ولها ذراع في عاصمة ما «لا أود ذكرها حتى لا تستخدم ذريعة للتضييق على الحركة»، ولكن الأمر مكشوف ويدار بسذاجة لأن الهجوم يتركز خلال خمس دقائق وبأسماء وهمية وبصرف النظر عن النتائج. لكنها أداة لا يمكن التعاطي معها ببراءة وبعض الكتاب مثل الصديق جميل عبد النبي الذي يتعرض لهجوم دائم بالأسماء المستعارة للذباب يتركه على صفحته كنموذج لأخلاق المهاجمين وطبيعة تكوينهم ومساهمتهم السلبية في المجتمع.
تراجع عصمت منصور الذي اضطر تحت الهجوم المنظم إلى سحب منشوره وإصدار توضيح. لكن مسألته أثارت نقاشاً كبيراً بالقطع لم يكن في صالح الحركة ولا أعرف مصلحتها في اغتيال كاتب فتلك تحسب عليها لا لها، على السيد يحيى السنوار الذي يقدم نموذجاً مختلفاً أن يأمر بحل هذه الوحدة والترفع في الأدوات التي تستخدمها حركته في إطار خصوماتها الفلسطينية وتجاه من ينتقدها.
ذات مرة في السجن، تعرضنا لحملة تفتيش قاسية أشرف عليها ضابط أمن درزي اسمه عودة. وكعادة السجن تقوم الفصائل بصياغة بيانات بعد الحملة جاء في بيان حركة فتح استخدام شتيمة لضابط الأمن، وقع البيان في يد ضابط الأمن جاء على غير العادة طالباً مسؤول «فتح» المرحوم فتحي أبو زناد وليس شاويش القسم، وحين حضر أعطاه البيان قائلاً له، «اسألوا أنفسكم إذا كنتم حركة ثورية حين تنزلون لهذا المستوى من اللغة» كان ذلك واحداً من الدروس المهمة، فالثوار يستخدمون لغة تليق بهم أولا ويعكسون أخلاقا تليق بثورتهم فما بالنا في خلافات بين الإخوة…..!

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا