الرئيسيةمتفرقاتكتابكل يوم كتاب: في الاسر اليهودي "قصة حياة صلاح التعمري"

كل يوم كتاب: في الاسر اليهودي “قصة حياة صلاح التعمري”

بقلم: مهند طلال الاخرس

في الاسر اليهودي “قصة حياة صلاح التعمري” تاليف: عماليا ارغمان واهرون برينغ، ترجمة محمد حمزة غنايم، والكتاب يقع على متن 268 صفحة من القطع المتوسط وصدر بطبعته الاولى عن دار الهدى للنشر والتوزيع في القاهرة/مصر سنة 1994.
الكتاب يتناول قصة حياة المناضل الوطني الكبير صلاح التعمري، وهذه السيرة جاءت عبر صفحات هذا الكتاب من خلال الصحفي الاسرائيلي وزوجته، حيث قام هذا الصحفي باجراء عدة لقاءات مع صلاح التعمري اثناء اسره في سجن انصار على اثر اجتياح الجيش الاسرائيلي لجنوب لبنان واحتلاله بيروت فيما بعد.
تبدا اللقاءات وتمتد الحوارات في الاسر، وتتطور العلاقة بين الطرفين لاسباب واغراض شتى، فتستكمل اللقاءات خارج المعتقل وبالتحديد داخل اراضي فلسطين المحتلة وفي اماكن مختلفة ومتعددة، ويتم تبادل وجهات النظر وتسجيل الملاحظات والحوارات، ثم ما يلبث التعمري ان يلتقي بزوجته دينا (الملكة السابقة للاردن) في منزل هذين الزوجين الصحفيين، وتبدأ علاقة فريدة ومعقدة بين الاطراف تعبر عنها جليا طبيعة الحوارات الناشئة عبر صفحات الكتاب.
الكتاب يستعرض سيرة صلاح التعمري المناضل البطل منذ تاريخ العائلة وجذورها وعمل الاب والظروف المصاحبة لفصله من العمل واسبابها ثم الولادة والنشأة والتكوين والدراسة والعمل وابرز المواقف والحوادث والمحطات في الطفولة والتي اسهمت بتشكل الوعي السياسي والوطني، ثم الدراسة الجامعية في مصر، ورابطة الطلاب الفلسطينيين ودوره فيها، ثم الانتماء لصفوف حركة فتح.
بعد ان يستعرض الكتاب سيرة التعمري عبر الفصول السابقة يمتد للحديث عن دوره في معركة الكرامة وتأسيسه لفكرة الاشبال والزهرات والغاية والهدف من ذلك مع استعراض نموذج الاشبال في الساحة اللبنانية اثناء الاجتياح.
ثم يتطرق الكتاب لتفاقم الازمة بين النظام الاردني وقوات الثورة مستعرضا التعمري -وعلى لسان الكاتب الاسرائيلي- اسباب هذه الازمة ومستعرضا بعض مسبباتها وصولا لاندلاع احداث ايلول الاسود في الاردن وخروج قوات الثورة من الاردن وبشكل نهائي باتجاه لبنان.
في لبنان تبدأ مرحلة جديدة وتحوم في الافق بوادر ازمة جديدة تطارد قوات الثورة اينما حلت وارتحلت بقصد القضاء عليها نهائيا، فهناك في لبنان تندلع الحرب الاهلية ويروي التعمري كثير من مشاهد تلك الحرب في هذا الكتاب ومن مشاهدها الفظيعة والتي كان شاهدا عليها وله عديد المواقف والتجارب مع كثير من السلوكيات والاحداث التي وقعت والتي تستحق الاحترام وان تسجل وتدون كدروس وتجارب ينهل منها الكبير قبل الصغير وعلى طول مسيرة الثورة.
في مرحلة لبنان يتولى التعمري وكان آنذاك برتبة مقدم قيادة قوات حركة فتح في الجنوب، وعند الاجتياح وانهيار الخطوط الدفاعية يلجأ التعمري الى كنيسة للاختباء فيها بحكم علاقته السابقة مع مطرانها، إلا ان ذلك المطران ولاسباب الحرب والاجتياح كان قد غادر الكنيسة واولى ادارة شؤونها لنائبه والذي يظهر انه لم يَكن يُكن للتعمري نفس شعور صديقه المطران ، وبكل بجاحة يخبر مسؤول الكنيسة التعمري بضرورة تسليم نفسه لجيش الاحتلال، وان لم يفعل لقام مسؤول الكنيسة بذلك العمل من تلقاء نفسه.
بالنتيجة؛ يتم اسر التعمري وايداعه في معتقل انصار، وهناك تبدأ قصة نضال اخرى ومحطة عمل وتجربة ثورية ونضالية لا تقل عظمة عن التجارب الاخرى السابقة. يتزعم التعمري قيادة معسكر الاعتقال بصفته اكبر رتبة عسكرية وتنظيمية بين الجميع وبسبب ماله من علاقة مع المعتقلين والذين جلهم من الجنوب حيث مركز عمله وقيادته للقوات العسكرية هناك.
في المعسكر تتصارع الارادات وتتنوع المهام النضالية وتتعدد اشكالها وادواتها، يحكم التعمري امور القيادة ويحقق الكثير من مطالب المعتقلين ويجابه السجان وفي ذهنه تختزن عظيم الامور واكبرها، واهمها فكرة حفر الانفاق للهروب من المعتقل، وتدور احداث شيقة بهذا الخصوص عبر فصل كامل غني ومليء بالالم والامل …
في هذا الفصل بالذات وفي تجربة معتقل انصار تترسخ زعامة التعمري وتبرز شخصيته القيادية والوطنية والانسانية باروع واجمل الصور، وتستمر الاحوال على هذا المنوال حتى اتمام صفقة المبادلة مع جنود الاحتلال الذين اسرتهم حركة فتح وصولا الى هبوط الطائرة التي تقل التعمري وبقية الاسرى ارض الجزائر واستقبالهم هناك من قبل الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد بصحبة صلاح خلف ابو اياد وجموع الشعب والقيادة.
في الكتاب خطين متوازيين يجب الحذر منهما:
اولا الربط غير الموفق وغير المبرر لصلاح التعمري بسيرة زوجته دينا عبد الحميد، وهي الاميرة الهاشمية وطليقة ملك الاردن، والتي تزوجها التعمري بعد قصة حب جميلة. وتمثل ذلك الربط على تضخيم دورها والاكثار من سطور تواجدها ويعطيها دورا لا تستحقه إلاّ لكونها اميرة وملكة سابقة وزوجة لقائد وفدائي يملأ الدنيا ويشغلها في ذلك الوقت.
ثانيا ان الكاتب اسرائيلي ويورد كثير من الاحداث بما ويتفق وسياسة التضليل الاسرائيلية متذرعا بالجنوح الى السلام تارة وبالتمسك بالقيم الانسانية تارة اخرى، هذا عداك عن محاولات وضيعة اخرى مارسها بين صفحات هذا الكتاب هدفها كسر هيبة وشوكة وعنفوان صاحبنا الكبير صلاح التعمري.
وبعيدا عن تصيد الكاتب ( الاسرائيلي) ومحاولاته المتعددة الاصطياد في الماء العكر، وبعيدا عن اسبابه الموجبة والداعية لنشر هذا الكتاب، فإن هذا الكتاب جيد ويقرأ، وجدير بان يعتلي رفوف مكتباتنا بجدارة.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا