بقلم الباحث / ـة : الدكتور محمد جبريني
الملخص ..
لم تكن الفائدة المرجوة من هذه الدراسة تقديم رواية سردية عن الموضوع، وإنما بحثه كظاهرة سياسية لها قواعدها الداخلية، التي تضبط توازنها وحركتها ومختلف عوامل ومتغيرات بيئتها الداخلية والخارجية، من خلال فهم وتحليل العقل السياسي الإسرائيلي، بما يحتكم إليه من قواعد وقيود جوهرية متراكمة تعكس منظومته العواملية المرجعية؛ التاريخية، والدينية، والأيدولوجية، وما يصاحبها من متغيرات تؤثر في سياسة إسرائيل. الأمر الذي يساهم في تفسير أسباب فشل جهود التسوية السياسية السلمية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي خلال الثلاثة عقود الماضية، على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية، غير المسبوقة، التي بُذِلت لتحقيق تلك التسوية دونما طائل.
نظر قادة الحركة الصهيونية وفيما بعد قادة إسرائيل إلى الشعب الفلسطيني بصورة استعلائية وعدائية، وأنكروا منذ وقت مبكر وجوده كشعب له جذور عميقة، وأصول تاريخية، وتجليات حضارية انبثق عنها هوية جماعية وتطلعات وطنية. ومع تبلور الصراع على الأرض، رفض الفلسطينيون فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين تحقيقاً لوعد “بلفور”. ووصل الصراع ذروته عند صدور قرار التقسيم عام 1947، الذي وافقت عليه الحركة الصهيونية لتثبيت وجودها على الأرض واكتساب الشرعية الدولية، في حين رفضه الفلسطينيون الذين تعاملوا معه كصدمة سياسية، أملتها معطيات السياق التاريخي في ذلك الوقت.
