الرئيسيةمختاراتمقالاتأسباب التعبئة الروسية

أسباب التعبئة الروسية

نبض الحياة

بقلم: عمر حلمي الغول

عشية دخول الحرب الأوكرانية الشهر السابع اعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين امس الأربعاء في كلمة موجهة للشعب الروسي وللقيادة الأوكرانية وللغرب عموما، عنوانها الأساس اعلان التعبئة العسكرية الجزئية، وهو ما يعني تجنيد 300 الف جندي احتياط، وعلى ان يتم إعادة تأهيلهم. وهذه التعبئة، هي الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، ومن أسبابها وفق ما اعلن زعيم الكرملين: أولا- رفض القيادة الأوكرانية خيار المفاوضات، ومواصلتها الحرب. ثانيا- إصرار الغرب بقيادة واشنطن على ديمومة حربها بالوكالة، وتكثيف دعمها للقيادة والجيش الأوكراني بالسلاح المتطور وبعيد المدى، والمضي في خيار تقسيم وتفكيك روسيا. ثالثا- اجراء الاستفتاء في إقاليم دونباس ولوغانسك وخيرسون وزابورجيا شرق اوكرانيا ما بين 23 و27 أيلول/ سبتمبر الحالي. رابعا- استكمال تحقيق الأهداف الروسية في شرق أوكرانيا، مع إمكانية توسيع نطاق الحرب بفعل التداعيات الناجمة عن صيرورتها. خامسا- لي ذراع اميركا وفرض معادلة النظام الدولي متعدد الأقطاب. سادسا- ارغام اميركا وأوروبا الغربية ومن يدور في فلكهم على رفع يدهم عن أوكرانيا كليا، وتعويض روسيا عن خسائرها في الحرب، او الذهاب الى الحرب النووية، والانتقال للحرب المباشرة مع الغرب الرأسمالي ودول الناتو عموما.

واثر اعلان الرئيس بوتين التعبئة قامت الدنيا ولم تقعد في القارة العجوز تحديدا، واعتبروا ذلك تصعيدا جديدا للحرب وهو ما اشارت له وزيرة الخارجية البريطانية، جيليان كيغان، ان التبعئة الجزئية ستؤدي الى تصعيد الوضع في أوكرانيا. مؤكدة ان بريطانيا ستواصل الى جانب الناتو دعم كييف.

وفي السياق، قال نائب المستشار الألماني، هانيك، ان التعبئة الروسية تهدف لتصعيد الحرب، وان المانيا ستدعم أوكرانيا. واكد رئيس المتحدثين باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية، بيتر ستانو، ان الاتحاد الأوروبي ليس طرفا في النزاع الجاري في أوكرانيا، لكنه يدعمها، ويدعم الدفاع عن استقلالها ووحدتها. وأضاف ستانو، الى ان الاتحاد الأوروبي سيحشد جهوده لمواصلة دعم أوكرانيا إنسانيا وعسكريا واقتصاديا. وهو ما يعني ان الاتحاد الأوروبي يناقض نفسه، فهو شريك في الحرب، ويعمل على تأجيجها بإعلان كبير الناطقين باسمه. وقالت سفيرة اميركا في أوكرانيا، بريدجت برينك، ذات الامر بصيغة أخرى، ان التعبئة “مؤشر ضعف”، وهي تقصد ذات المغزى لاقرانها الألماني والبريطانية بشكل اخر. واعتبرت الاستفتاءات في إقليم دونباس ولوغانسك وخيرسون وزابورجيا مزيفة، ولا مصداقية لها. وأكدت على مواصلة دعم أوكرانيا، وللعلم قدمت اميركا حتى الان لاوكرانيا ما يزيد على 15 مليار دولار أميركي.

ولم يفت القيادة الأوكرانية التعليق، حيث اكدت، انها لم تفاجأ بالقرار الروسي، وكانت تتوقعه، وهذا ما اعلنه مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولاك “ان التعبئة الروسية كانت خطوة متوقعة، وستثبت انها لا تحظى بشعبية كبيرة”. وأضاف ان الرئيس الروسي يحاول تحميل الغرب مسؤولية “حرب غير مبررة”.

الوحيد من دول أوروبا الغربية، الذي حذر من تداعيات تأجيج الحرب، رئيس الوزراء البلجيكي، االكسندر دي كرو، حيث دعا دول الاتحاد الى التزام الهدوء، وعدم صب الزيت على النار. وأضاف: “لا داعي لاشعال النار. لا يجب ان نستفز روسيا”. لكنه بذات الوقت دعا لمواصلة دعم أوكرانيا، وهو يعلم ان ذلك شكل من اشكال صب الزيت على نار الحرب.

بالإضافة لردود الفعل السياسية الغربية على التعبئة الروسية، حصلت هزة عميقة في أسواق المال، واصابت الدولار والجنيه الاسترليني وغيرها من العملات بنكسات كبيرة، لم تشهدها منذ عشرين عاما خلت. ومن المؤكد سيكون لها تداعيات سياسية ودبلوماسية واقتصادية واسعة على العالم ككل، ولن تقف عند حدود ما احدثته من تطورات انية.

من المؤكد، ان استمرار الحرب لا يخدم أي دولة من الدول بما في ذلك روسيا، وأوكرانيا، والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، والصين والهند… الخ، لان تداعياتها جهنمية، وسينجم عنها وفق تقديرات خبراء عالميين من الغرب والشرق على حد سواء خسائر بشرية مهولة، إضافة للتدمير الهائل، الذي سيصيب البشرية برمتها اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا وثقافيا وانسانيا، ويعيد كوكب الأرض لعصور سالفة. وبالتالي هناك حاجة ماسة من قادة دول العالم لمراجعة سياساتهم، واليات تعاملهم مع تداعيات واخطار الحرب في أوكرانيا. وبالتالي المصلحة العامة للبشرية تحتم إعمال العقل والحكمة السياسية لاطفاء شرارة الحرب، ونزع فتيل قنابلها، وإيجاد حلول اقليمية ودولية تؤسس لبناء منظومة عالمية اكثر تسامحا وتكافلا وتكاملا، ولنقل عولمة اكثر إنسانية.

لكن اباطرة رأس المال المالي والصناعي والسيبراني والعسكري ليسوا بوارد إعادة النظر بسياساتهم، وهذا ما سينجم عنه خطر واسع ومفجع يهدد البشرية برمتها. ولا املك الا ان ادعو وادعو مع كل انصار السلام لوقف الحرب المدمرة.

oalghoul@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا