المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

د. غريب: خطاب أبو مازن التاريخي أمام الجمعية العامة كان مليئاً بقوة الحق و العدل والوجع، ووجه أصابع الإتهام مباشرة للقوى المتسببة في معاناة الشعب الفلسطيني

في تعقيبه على خطاب الرئيس محمود عباس الذي ألقاه منذ قليل من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث د. محمد غريب أمين سر حركة فتح في مصر:

جاء خطاب الرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة ، والذي استغرق 47 دقيقة ، مليئاً بقوة الحق و العدل والمصداقية الوطنية ومنطق الأخلاق ، وكان به أيضاً الكثير من الوجع والغضب الفلسطيني الذي يملأ قلوب وعقول أربعة عشر مليوناً من الفلسطينيين الذين يتحدث باسمهم ، مخاطباً العالم كله . و حمّل بالإسم ، دون مواربة و بتعرية ووضوح، القوى الأربعة التي هي سبب ما يعانيه الشعب الفلسطيني اليوم من آخر احتلال على وجه الأرض . إسرائيل التي هي قوة احتلال وعدوان وظلم والتي لم تعد تصلح لأن تكون شريكا في عملية سلام وهي تضرب بعرض الحائط بكل الاتفاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية والمواثيق والشرائع الدولية ، و تترك المستوطنين يعيثون قتلا وتخريباً وتسمح لمنظمات إرهابية ذكرها بالإسم بممارسة التخريب وقتل الأطفال ، ودعا إلى وضعها على قوائم الإرهاب.مذكّراً بما خلّفته نكبة فلسطين من تدمير 529 قرية وتشريد 950 ألف فلسطيني من ديارهم التاريخية و ارتكاب 51 مجزرة كان آخرها تلك التي راح ضحيتها 67 طفلا في غزة.
وحمّل الرئيس أبو مازن الولايات المتحدة المسئولية الأولى عن الدعم غير المحدود لإسرائيل وحمايتها و الوقوف ضد إدانتها و حمايتها من المحاسبة وأيضا تعيق كل قرارات الشرعية الدولية التي تصب في خانة الحق الفلسطيني . أما بريطانيا فهي من خلال وعد بلفور و صك الانتداب على فلسطين والتهيئة لاحتلال فلسطين ونكبة فلسطين مدانة أيضاً ،وعلى هذه القوى الاعتذار و تقديم التعويض و العمل على إحلال الحق والعدل و انهاء الاحتلال.
كما حمّل ابو مازن الامم المتحدة المسئولية أيضا بعدم قبولها الى اليوم بالعضوية الكاملة لفلسطين و الكيل بمكيالين وعدم العمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي شملت 754 قرارا من الجمعية العامة و 97 من مجلس الأمن و96 من مجلس حقوق الانسان، مستنكرا هذا العجز عن تطبيق ولو حتى قرار واحد.
وفي خطوة جريئة و تاريخية دعا الرئيس ابو مازن الأمم المتحدة للتطبيق الفوري لقراري الجمعية العامة 181 ( قرار التقسيم) رغم ما فيه من ظلم وإجحاف و194 ( قرار حق العودة والتعويض) وهما قرارا شرط قبول إسرائيل في الأمم المتحدة والتي وافق وزير خارجيتها آنذاك على قبولهما و تنفيذهما ، وقبلت عضوية اسرائيل رغم عدم تنفيذ القرارين إلى اليوم و لم تقبل عضوية فلسطين الكاملة التي تعترف بها اليوم 140 دولة، والتي أثبتت جدارتها كعضو مراقب على مدار عشر سنوات.وبالتالي الحديث عن قرار 181 هو حديث عن إمكانية رفع سقف المطالب الفلسطينية في المستقبل وعن معطيات جديدة لحل الدولتين.
كما أشار الرئيس إلى قرار 2334 الذي قدمته الولايات المتحدة عام 2016 والذي ينص على وقف الاستيطان في الضفة والقدس وعدم شرعية المستوطنات التي أقيمت منذ احتلال عام 1967.
وجاء وفاء الرئيس لشهداء فلسطين وأسرى فلسطين وقادتها الذين رحلوا مثالا ونموذجا فلسطينياً مضيئاً لقيادة فلسطينية وطنية ثابتة و متمسكة بحقوق شعبها ، ترسّخ كل معاني الوفاء والوطنية الحقّة، و الإصرار على استقلالية القرار الفلسطيني وعدم القبول بأي إملاءات.
وحذّر أبو مازن من استمرار الواقع الحالي المتحيز لاسرائيل و الكيل بمكيالين ، وأن من حق الفلسطينيين أن يبحثوا عن وسائل أخرى ، ليست فقط الإنضمام لمزيد من المنظمات الدولية ، واللجوء للمحكمة الجنائية الدولية وأيضا تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المجلس الوطني الفلسطيني السابق ، مطالبا المجتمع الدولي بحماية الشعب الفلسطيني وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
الخطاب جاء بمثابة وثيقة تاريخية يضعها أبو مازن أمام العالم و مسئولياته ، وثيقة مليئة بالأرقام والصور و الحقائق التي تفضح ممارسات الاحتلال و إخفاقات المجتمع الدولي بكيله بمكيالين و حمايته للظلم والعدوان.
وهكذا تحدث الرئيس باسم أربعة عشر مليونا من الفلسطينيين نصفهم داخل الوطن و النصف الآخر في الشتات تحملوا أعباء نكبة هي الأكثر مأساوية في القرن العشرين ، ولا يزال يمد يده للسلام ولكن ليس في الأفق بعد ما يوحي باقترابه.وعلى العالم أن يقوم بمسئوليته في إنهاء الاحتلال و إحلال سلام عادل.
وكان الرد الفوري بعد أن انتهى أبو مازن من حديثه ما رددته قاعة الجمعية العامة . الحرية لفلسطين .

Exit mobile version