الرئيسيةمختاراتمقالات"سعد صايل" .. مارشال معركة بيروت والثورة الفلسطينية

“سعد صايل” .. مارشال معركة بيروت والثورة الفلسطينية

آفاق الفلسطينية / قسم الدراسات الاستراتيجة –
إعداد وتقرير الباحث والكاتب في الشأن الفلسطيني عبد الحميد الهمشري والمحامي علي أبوحبلة – رئيس التحرير

حين كان يردد الشهيد القائد ياسر عرفات كلماته دوماً : ” إن لدينا نصاباً في الجنة من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح ” .. كان من بين هؤلاء الكوكبة التي غادرتنا وهم بأوج نضالهم وعنفوان عطائهم الشهيد القائد سعد صايل “أبو الوليد” طيب الله ثراه وأحسن مثواه، كان أحد الأبطال الذين شاركوه العضوية والشرف بتحمل المسؤولية التاريخية ، إلى جانب عدد كبير من الأشاوس الذين نعتز بهم ونفتخر ، إنهم حقاً كوكبة وهبوا أنفسهم لله والوطن فتحملوا مسؤولية مسيرة قضية وشعب عاكسته الظروف وتكالبت عليه المحن من كل جانب. وفاءً له أطلقت أسماء مدارس ، صالات رياضية ، مراكز شبابية ، أسماء أبناء الآلاف من مقاتلي حركة فتح باسمه تيمناً به .. ناهيك عن إقامة دورات عسكرية وأطلاق عمليات ومجموعات عسكرية مقاتلة كذلك باسمه ، رغبة بمنح أعضائها الفخار والقوة والعزم الذي يتمتع به هذا الرجل ، رجل العطاء والوفاء والحب لفلسطين ، الأرض والقضية . أبو الوليد القائد المقدام أعطى مثالاً حياً في الالتزام والقدرة على القيادة ، وكان محبوباً من كل من عرفه ، لم يكن إنساناً منفراً ، ولا رجل مصالح ، بل كان كل وقته وجهده وعرقه لفلسطين، أحبها وتعايش معها بكل ثناياه وجوارحه إلى أن اغتالته قوى الغدر والخيانة المناوئة لفلسطين وتكن كل شر لشعب فلسطين . من يمكن أن يتولى مكان هذا الرجل الخبير الأكاديمي والمناضل في أن معاً ، رجل كان يجمع بين العلوم العسكرية وخبرة الفدائي المقاتل ، وحسه الوطني الثائر ، وحرص وانتماء ونزاهة الفارس الرجل، إنه سعد صايل ” أبوالوليد الفدائي المارشال الذي أعطى فلسطين كل شيء حتى آخر نفس التقطه وهو يعاني من غدر العملاء الخونة . * شاهد على النكبة : شاءت الأقدار ان يعيش “سعد” ابن الثامنة عشرة ابن قرية “كفر قليل” نكبة شعبه عام ١٩٤٨، ورأى بعينية إذلال وتشريد أهل يافا وحيفا والمثلث والجليل، فقرر الشروع في العمل من أجل تحرير ما اغتصب من فلسطين. التحق في مطلع الخمسينات بالجيش العربي الأردني لمقاومة مطامع الصهيونية وإعادة من شرد من أهله إلى أرضهم وديارهم، جد في العمل، واجتهد في تحصيل علم الهندسة العسكرية في باكستان وبريطانيا، ودرس علوم الأركان الحربية في أمريكا، وصعد سلم المناصب والرتب العسكرية في الجيش العربي الأردني بكفاءة، وصمد على رأس وحدته العسكرية في كل المواجهات القتالية التي فرضت عليها. * انطلاقة الثورة الفلسطينية : بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية عام ١٩٦٥ وجد روحه فيها، ونسج علاقة مبكرة مع روادها، وبعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ لم يجد الفتحاويون الأوائل صعوبة في ضمه لصفوفهم فأصبح العميد أبوالوليد ابن قرية “كفر قليل”، المجاورة لمخيم بلاطة، أحد أبنائها، وقبل أحداث أيلول ١٩٧٠في الأردن كان ضباط وجنود “لواء الحسين مشاة” المتمركز في كفرنجة والأغوار محط اهتمام قيادة حركة فتح والقيادة الفلسطينية، فقائده العميد سعد صايل جعل من اللواء بكامل إفراده ومعداته الحربية قوة مساندة للثورة في عملياتها ضد الاحتلال وفي وجه كل سوء يمكن ان تتعرض له. يحل يوم الخميس 27أيلول ، الذكرى السادسة والثلاثين، لاستشهاد القيادي الفلسطيني مارشال معركة بيروت والثورة الفلسطينية ” سعد صايل “أبو الوليد”، ففي السابع والعشرين من ههذا الشهر عام 1982، استشهد أبو الوليد في مستشفى المواساة بدمشق بعد أن توقف قلبه إثر النزيف الشديد الذي تعرض له بعد إصابته بنيران غادرة من مجموعة مسلحين بالفخذ الأيمن وتعرضه لقطع في الشريان الفخذي بين بلدتي طاليا وسفري في بعلبك بالجنوب اللبناني. ففي الوقت الذي كان فيه وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي آرييل شارون يراقب خروج منظمة التحرير من برج “رزق” أعلى أبراج بيروت، قرر سعد صايل تنفيذ عملية أخيرة ضد الإسرائيليين، الأمر الذي زاد من إصرار إسرائيل على جعله ضمن الدائرة الأولى للاغتيال، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية. عندما همّ المقاتلون بمغادرة بيروت تعطلت الباخرة المتجهة إلى تونس، وأمر حينها أبو الوليد بأسر جندي إسرائيلي، وبالفعل تمكن المقاتلون من أسر جندي إسرائيلي، وتم مبادلته مقابل إطلاق سراح الباخرة المتوقفة والتي كانت تحمل معدات عسكرية، وحصلت التسوية بأن يتم تنزيل جزء من المعدات في قبرص والبعض الآخر في تونس وفق نبيل عمرو عضو المجلس التشريعي السابق. ترأس الشهيد سعد صايل المفاوضات التي كانت تجري بعد حصار الجيش الاسرائيلي لبيروت، حيث كانت تجري المفاوضات مع وفد أميركي برئاسة الدبلوماسي فيليب حبيب ذو الأصول اللبنانية في بناية سكنية في بيروت، وفي بيت رئيس الوزراء اللبناني آنذاك شفيق الوازن. بعد انسحاب مقاتلي منظمة التحرير من بيروت عام 1982 بعد التوصل لاتفاق، توجه خليل الوزير (أبو جهاد)، وصلاح خلف (أبو إياد)، وهايل عبد الحميد (أبو الهول)، وسعد صايل إلى سوريا من أجل التخطيط لتجميع القوات الفلسطينية المنسحبة من بيروت. كان أبو الوليد يركز بأن تعود القوات الفلسطينية إلى منطقة البقاع اللبنانية حتى يعاد تشكيلها بالشكل الصحيح، وأن تباشر عملها العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان فكره بتوجيه العمليات المباغتة ضد القوات الاسرائيلية المتواجدة في البقاع الغربي، أو عمليات قصف بالأسلحة الصاروخية. من أبرز العمليات التي أشرف عليها أبو الوليد كان أسر ثمانية جنود إسرائيليين، والتي مكنت الثورة الفلسطينية من تحرير أسرى معسكر أنصار. كان صايل يعتبر من أبرز العسكريين والمناضلين الفلسطينيين في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقد لقب “بمارشال الثوره الفلسطينيه ” يقول عضو لجنة الوساطة اللبنانية عام 1982 مروان حمادة:”من لم يعش حصار بيروت سنة 1982 ومن لم يزامل أبو الوليد في إدارته شبه الخفية وخفيفة الظل لهذا الوضع المقاوم الصلب، كأنه لم يعش محطة من محطات النضال العربي الجميل”. يقول سلطان أبو العينين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح : وصلت برقية إلى اللواء إسماعيل علبة من الشعبة اللبنانية، مفادها بأن الموساد الاسرائيلي سيقدم على تنفيذ عمليات اغتيال بحق القيادات الفلسطينية الموجود في البقاع اللبناني، والذي من المفترض عدم وجودهم بناءً على اتفاقية فيليب حبيب. على إثر ذلك نبه أبو الوليد القيادات الفلسطينية بأنهم في دائرة الاستهداف والاغتيال، وكان على دراية بأنه في صلب هذه الدائرة. تفاصيل الاغتيال: في يوم الاثنين 27 أيلول عام 1982 أول أيام عيد الأضحى، وفي ظل تواجد الشهيدين الراحلين أبو عمار وخليل الوزير في الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، قرر أبو الوليد المعايدة على القوات الفلسطينية المتواجدة في البقاع رغم زيارته لهم قبل يوم واحد. رئيس مكتبه محمد بركات يقول إنه في الجولة ذهب إلى قوات اليرموك، وقوات القسطل التي يقودها الحج إسماعيل، وإلى الجبهة الشعبية برئاسة أحمد فؤاد، والقوات اللبنانية المشتركة، ثم قيادة بار الياس بالمستشفى، وذهب إلى قيادات قوات الكرامة ثم اتجه إلى بعلبك. ويضيف: “منذ اللحظة الأولى لدخوله بلدة رياق في بعلبك كانت قوات أمل تراقب تحركات أبو الوليد وعند وصوله مدخل المدينة كان الوقت بعد العصر، وكان هناك سيارة زرقاء تحمل لوحة لبنانية وفيها أربعة أشخاص، كانت تراقب أبو الوليد في الدخول والخروج”. وعلى بعد 500 متر من حاجز للجيش السوري بين بلدتي طاليا وسفري في بعلبك، فتح مسلحون النار على موكب أبو الوليد والذي كان يحتوي على ثلاثة سيارات، واستشهد فيه السائق في المركبة الأولى، وأصيب أبو الوليد الذي كان في السيارة الثانية بالفخذ الأيمن وتعرض لقطع في الشريان الفخذي. نقل اللواء سعد صايل إلى موقع سوري يبعد نحو 400 متر عن موقع الكمين، وأخبرهم طبيب سوري برتبة ملازم أنه بحاجة إلى عملية سريعة، فاتصل مع قائد اللواء 91 العميد محمد غانم، والذي أمر بإرسال طائرة لنقله إلى المستشفى، لكنه بعد دقائق اتصل ليعتذر لعدم وجود مروحية. اضطر الوفد المرافق لنقله إلى مستشفى الراهبات، لكنهم رفضوا استقباله كونهم لا يستقبلون حالات تعرضت لإطلاق نار، وبعدها تم نقله إلى مستشفى المواساة بدمشق بواسطة سيارة إسعاف، استشهد أبو الوليد في تمام الساعة الحادية عشرة مساء يوم الاثنين في السابع والعشرين من أيلول سبتمبر عام 1982 ، في مستشفى المواساة بدمشق بعد أن توقف قلبه إثر النزيف الشديد الذي تعرض له. كلمة أخيرة ليت البعض يدرك كم كانت معاناة هؤلاء القادة ويتعلم من تجاربهم وتاريخهم حتى يقارنوا بينهم وبين ما كان موجود ، ويستيقظ ما بداخله من ملكات الإبداع والعمل والابتعاد عن الذاتية والمصلحية والعمل فقط لفلسطين كما كان أبو الوليد الذي وجد في فتح دربه نحو تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر ومن الحدود اللبنانية شمالاً إلى الحدود المصرية جنوباً.

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا