الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقاتأبو مازن يبوح بأسراره: لماذا توعده أوباما بالندم ولِما قُتل رابين وكيف...

أبو مازن يبوح بأسراره: لماذا توعده أوباما بالندم ولِما قُتل رابين وكيف فشلت “أوسلو” رغم اقتراح نقلته مصر لإنقاذها؟

روى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، كواليس وأسرار اتصالاته مع الإدارة الأمريكية والإسرائيليين خلال العقود الماضية، وكيف أقدم على خطوات لم تكن متوقعة في حينها، ما وضعه دوما في مرمى الانتقادات.
عباس، الذي كان يتحدث في لقاء مع قيادات في الجالية الفلسطينية بالولايات المتحدة الأمريكية، على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كشف عن تفاصيل اتصالاته الأولى بالإسرائيليين في سبعينات القرن الماضي، وفاتحة لقاءاته مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة (إيباك)، إبان تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما السلطة (2009 – 2017)، ورفع السرية عن كواليس توقيع اتفاق أوسلو، والاقتراح الذي تبلغ به من مستشار الرئيس المصري آنذاك أسامة الباز، وأنقذ الاتفاق، وفسر أبو مازن فشل “أوسلو” حتى اللحظة في حل القضية الفلسطينية.
وأفصح أبو مازن صراحة عن وجهة نظره بأن الولايات المتحدة لا تريد حلا للقضية الفلسطينية، وهو سرد لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، دلائله على ذلك.
وكشف أبو مازن، أنه أجرى اتصالات مع الإسرائيليين في سبعينيات القرن الماضي، وقال: “أقول لكم بصراحة في أيام بعيدة جدا في السبعينيات كنت اتصل بالإسرائيليين وكنت اتحمل الشتائم من كل الناس، كانوا ينتقدوني ويسألون: كيف تلتقي بالإسرائيليين وتتحدث مع هؤلاء الأعداء؟، وكنت أقول لهم مع من نريد أن نتحدث ونقيم سلاما؟!، فأبدى الأخوة (في إشارة للقيادة السياسية لحركة فتح) بعض المرونة، وقالوا لي: يمكن الاتصال مع أصدقائنا في إسرائيل (أي الحزب الشيوعي)، فأجبتهم يجب أن نتكلم مع حزب الليكود أولا، ثم نتكلم مع أصدقائنا”.
ودعا عباس قيادات الجالية الفلسطينية إلى ضرورة التوجه للمجتمع الأمريكي كله والتحدث مع الجميع وعدم استثناء أحد بمن فيهم الحزب الجمهوري و”اللوبي الصهيوني”، وقال: “المجتمع الأمريكي بسيط وغير مسيس ولايعرف إلا الرواية الصهيونية التي فرضتها الإدارة الأمريكية واللوبي الصهيوني”، مضيفا: “هناك من يقول إن الحزب الجمهوري ضدنا وأن اللوبي الصهيوني (الإيباك) متطرف ويكرهنا وبعيد عن السلام، وأنا أقول لكم: لا تصدقوا هذا الكلام، وحتى لو كان صحيحا اذهبوا إليهم وافتحوا معهم حوارا، علينا ألا نتجاهل أحدا، وأن نبدأ بمن هو ضدنا كي نقنعه، ثم نذهب إلى من يؤيدنا”.
ولفت الرئيس الفلسطيني إلى أن الإدارة الأمريكية كانت من أشد المعارضين لإجراء اتصالات بينه وبين اللوبي الصهيوني، وروى أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشيل (في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما)، قال له: “لا يجب أن تتحدث معهم هؤلاء يكرهونكم”، وقال أبو مازن : “راجعني ميتشيل خمس مرات قبل أن التقى قيادات الإيباك، وقال لي: (أرجوك لاتذهب)”، مضيفا: “أوباما عندما علم بقراري اللقاء معهم جُن، وقال لي: (ستندم)”.
وتابع أبو مازن: “قد يكون تعاملهم صعب لأنهم لم يسمعوا منا روايتنا، لكن عندما سمعوها، تغيرت كثير من المواقف، لذلك الرواية الفلسطينية يجب أن تكون واحدة وصادقة ومباشرة”، مطالبا الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة بأن يكون شعارهم: “فلسطين فقط”، وأن يتم استقطاب العرب والمسلمين والكنائس واليهود والجامعات والمدارس إلى تأييد تلك القضية، مشيدا بدور وجهود المجلس الفلسطيني الأمريكي في هذا الصدد.
وحض عباس على مخاطبة المجتمع الأمريكي بلغة واحدة مباشرة، لافتا إلى أن هناك من سيقتنع لأن الرواية الفلسطينية صادقة، مطالبا الحضور بطي ونبذ الخلافات والتحرر من أي إنتماءات فصائلية أو مواقف أو التزامات متعددة.
وقال: “لا تلتفتوا إلينا حتى تستطيعوا أن تنجزوا، نحن نعول على وحدة الصوت الفلسطيني في أمريكا”، مضيفا: “الولايات المتحدة هي البلد الأهم في العالم الذي يمكن أن يؤثر على قضيتنا ويخدمها. أمريكا هي الراعي والمؤسس والداعم والتي تقف إلى جانب إسرائيل وهي التي يمكنها أن تكون محايدة بين الطرفين، ولو لمرة واحدة في التاريخ وتنصف الشعب الفلسطيني، إذا قمنا بما يجب علينا أن نقوم به هنا من أجل أن نحقق الهدف ونصل إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية “.
وخاطب أبو مازن الحضور في لقاء الجالية الفلسطينية في أمريكا، قائلا: “بدون مبالغة الأمل الوحيد لنا للحصول على دولة مستقلة هو أنتم، وعملكم هنا في الساحة الأمريكية. آمل أن تقوموا بذلك ونحن من جانبنا سنستمر في صمودنا”.
وأضاف: “لن نغادر بلادنا ولن نرتكب حماقة العام 1948 والعام 1967 عندما غادرنا وخسرنا وضيعنا الوطن لرفضنا العيش تحت الحكم الإسرائيلي، بل واتهمنا أخواننا الذين ظلوا هناك وقبلوا العيش في ظل حكم إسرائيل بأنهم خونة”، وقال أبو مازن: “لقد كان عددهم عام 1948 حوالي 168 ألفا، والآن وصل عددهم إلى مليونين ولهم تأثير كبير، وأتمنى أن يصابوا بداء الوحدة لأنهم لو توحدوا يمكنهم أن يحكموا إسرائيل”.
وأشار إلى أنه دعم رئيس الحكومة الإسرائيلية الراحل اسحاق رابين في الانتخابات التي فاز فيها بفضل أصوات النواب العرب في الكنيست على خصمه اسحاق شامير، وقال أبو مازن: “لم تُحسم الانتخابات بين رابين وشامير عام 1992، إذ حصل شامير على 59 صوتا بينما حصل رابين على 56 صوتا، وكانت هناك خمسة مقاعد للعرب، ورابين كان شجاعا واتصل بي وسألني هل يمكن أن يصوتوا (النواب العرب) لي، فقلت له: “هل تريد الأصوات العربية؟.. ستأتيك”.
ولفت عباس إلى أنه لم تكن هناك حكومة إسرائيلية في السابق تعتمد على الأصوات العربية، موضحا أنه اتصل بالنواب العرب وقال لهم صوتوا لرابين، وبالفعل بفضل أصواتهم حصل رابين على 61 صوتا وتمكن من تشكيل الحكومة، مضيفا: “لأول مرة تكون أصوات الأقلية العربية في الكنيست حاسمة في الانتخابات”.
ورأى عباس أن رابين دفع حياته “ثمنا لإبرام اتفاق أوسلو من دون رغبة الأمريكيين”، وقال: “بعد تشكيل رابين للحكومة بدأ الحوار فيما بيننا في أوسلو بشكل سري، وجرت المفاوضات بين الأخ أبوالعلاء (أحمد قريع) وحسن عصفور من جهتنا، وبين اثنين من الإسرائيليين (لم يذكر اسميهما)”، مضيفا: “تحت أي ظرف لا يستطع الإسرائيليون أن يخفوا الأمر عن الأمريكيين لأنهم أصحاب القرار، وبعد أكثر من خمسة أشهر من المفاوضات السرية اتصل رابين بوزير الخارجية الأمريكي حينها وارن كريستوفر، وأبلغه بأنه يجري مفاوضات منذ شهور مع الفلسطينيين، وهذا الرجل (كريستوفر) كان مغيبا، وسأل رابين: من يقود التفاوض؟ فأجابه رابين: شمعون بيريز وأبومازن، فلم يأخذ كريستوفر الأمر بجدية، ورد عليه: (دع الأولاد تلعب)، ولم يبلغ الرئيس الأمريكي حينها بيل كلينتون”.
وتابع أبو مازن: “رابين أبلغني أنه أحاط كريستوفر علما بالأمر، وعندما انتهت المفاوضات في 23 سبتمبر وقعنا اتفاق أوسلو، واتصل رابين بكريستوفر ووجده في سان فرانسيسكو، فأبلغه بأننا وقعنا اتفاقا مع الفلسطينيين، فرد مستنكرا: “أي اتفاق؟ .. معقول!”، وقال له: “كنت أظن أنكم تلعبون”، وطلب منه أن يرسل شمعون بيريز إلى أمريكا”.
وأوضح أبومازن أن أمريكا أصبحت في ورطة شديدة لأن القائد الأكبر الذي يجب أن يعرف كل شيئ لا يعلم شيئا وهناك اتفاق تم توقيعه، وقال عباس: “دينيس روس (المنسق الخاص للشرق الأوسط في ادارة الرئيس بل كلينتون) جُن جنونه، ورابين اعتبر أنه أبلغ الرسالة، بينما وارن كريستوفر لم يبلغ الإدارة الأمريكية، فاتصل روس بالدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس المصري حينها، وكنت (عباس)
قد أبلغت (الباز) بتوقيع الاتفاق، وسأل روس الباز مالحل؟، هناك اتفاق تم توقيعه وأمريكا كالزوج المخدوع آخر من يعلم ولايجوز أن تكون أمريكا في ذلك الموقف، فسأله الباز عن ما إذا كان يقترح شيئا؟، فطلب روس حفاظا لماء الوجه، أن يُعلن أن مفاوضات أوسلو تمت بين الطرفين على ورقة أمريكية”.
وأضاف أبو مازن: “اتصل بي الباز ووجدني في موسكو، فقال لي أن روس سيُجن لأن كريستوفر لم يبلغ الرئيس الأمريكي ونقل لي اقتراح المنسق الأمريكي، فوافقت عليه، ومن هنا جاءت الدعوة لتوقيع الاتفاق في البيت الأبيض في واشنطن، لتبدو أمريكا وكأنها صاحبة الاتفاق وهي التي تقف وراءه، لكن من سوء حظنا أن أمريكا هي التي استلمت هذا الملف (العملية السلمية)، فحتى وقتنا هذا لم نحرز أي تقدم، لأن أمريكا لا تريد حلا، فالحل الذي جاء به اتفاق أوسلو بالصدفة كان بعيدا عنها وبعد سنة من الاتفاق قُتل رابين بسببه (…) أمريكا لا تريد أن تتقدم ولن تتقدم خطوة إلى الأمام”.
وقال أبو مازن إن المسار السياسي مُجمد لأن أمريكا لا تريد حلا، لافتا إلى أن قال لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في مكالمة هاتفية، إن العبرة ليست في ما تقول بل العبرة في كيف تقول؟، مضيفا: “قصصت عليه أن الرئيس الأمريكي إبان العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956 دوايت أيزنهاور، اتفق مع زعيم الاتحاد السوفيتي السابق نيكيتا خروتشوف، على وقف العدوان والانسحاب من الأراضي المصرية، وحينها لم تنسحب إسرائيل من غزة، فاتصل أيزنهاور مع ديفيد بن غوريون، وسأله: هل خرجت من غزة؟، فأجاب بن غوريون: ليس بعد، فرد أيزنهاور: “الليلة تنسحب وتتصل بي وتقول لي إنك انسحبت”، وذكر بن غوريون في مذكراته أنه انسحب في ذات الليلة وهو يبكي”.
وأضاف أبو مازن: “قلت لبلينكن: أنتم لا تريدون الحل وليست إسرائيل التي لاتريد الحل ، ونحن لانأخذ أوامر منكم، ونرفض أن تخاطبوننا بتلك اللغة، فقد شبينا عن الطوق”.
وحول خطابه المرتقب الذي سيليقيه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال: أبو مازن: “سأكون شديدا وواضحا جدا وساتحدث بصراحة ضد الكبار هنا (أمريكا)”، ولفت أبو مازن إلى أنه تحدث في حفل استقبال في نيويورك مع رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس، وقال: “قلت لها: ليتكم تعترفون بالدولة الفلسطينية، وهي ردت: “نحن معترفون برؤية الدولتين”، فقلت لها: “أنت معترفة بإسرائيل أين الدولة الثانية؟”.
وأضاف أبومازن: “أنا لا أرواغ عندما أقول إنني ضد الصواريخ، فنحن شعب مسالم ولانريد حربا ونريد أن نصل إلى حقنا عبر مفاوضات السلام، لكن هم (في إشارة الأمريكيين) لايريدون ذلك”.

صحيفة “الحياة” واشنطن – جيهان الحسيني

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا