الرئيسيةتقاريرملف/دراسةحسنا فعل توفيق الطيراوي

حسنا فعل توفيق الطيراوي

حسنا فعل توفيق الطيراوي

بقلم: الكاتب والمفكر بكر ابوبكر

أكنُ كل المودة لكامل مجموع الإخوة في اللجنة المركزية لحركة فتح، فهم كما كتبت مرارًا يشكلون “شخصية اللجنة المركزية” التي باتت محور الالتفاف لأبناء الحركة، حين يتوه البرنامج السياسي أو يركن جانبًا أحيانًا، أو حين يتم الفتك بالنظام الداخلي. فيظل الغراء موجودًا. أعضاء القيادة الفتحوية بكليتهم وتحت إدارة الأخ رئيس الحركة قادرون على القيام بأدوارهم وإن تفاوتت المؤهلات أو الطاقات أو الجهود، أو اختلفت الآراء التي وجب أن تكون مظلتها ومرجعيتها فلسطين والنظام والبرنامج.

إنهم قادرون أو يجب أن يكونوا قادرين على القيام بأعباء عملهم الحركي الذي يجعلهم بتنوعهم وبالقبول والمعارضة فيهم مساحة قابلة للتعامل مع الكوادر الحركية، والجماهير، وامتصاص أي حركات احتجاجية أو شاذة أو انتهازية. وكلما زاد التنوع في القدرات، وطرق التعبير الملتزمة بالنظام والبرنامج وبالخطة والعمل في الإطار-أي إطار هنا- كلما كان التحدي كبيرًا، وبالتالي يصبح الوصول الى نقطة الالتقاء مطلبًا ومسعى نبيل، لتظل “شخصية اللجنة” إطارًا جامعًا يلجأ له الكادر الحركي كما يلجأ له الأعضاء العاملون وأولئك المهمشون أو الحردانون أو الذين تم إقصائهم لسبب أو لآخر او حتى لمن خرجوا قسرًا أوطواعية.

أعود لأوكد إن ما يجمع العضو والكادر بل وعموم الجماهير النصيرة في فتح هو فكرة التحرير لفلسطين، وفكر فتح التحرري المعتدل والديمقراطي والوحدوي، وعبر كل الوسائل. فهذه بلدنا ونصرنا بلا أدنى شك قادم. لأن إيماننا راسخ مهما تباينت وجهات النظر للوصول للهدف سواء داخل فتح (الفضفاضة) في كثير من الاحيان أو في الفصائل الاخرى التي اعتبرها جميعها فصائل وطنية مهما عبثت ببعضها الأصابع الخارجية كما الحال بحركة فتح في فترات صعبة من تاريخنا الفلسطيني.

بعد هذه المقدمة اللازمة، أقول تعليقًا على لقاء الأخ توفيق الطيراوي عضو اللجنة المركزية للحركة أنه حسنًا فعل، لقد كان لقاءًا موضوعيا ويتسم بالمسؤولية العالية والحرص، ما بدا رغم انتقاداته الواضحة . حقّق الأخ توفيق الطيراوي باللقاء الذي بثته قناة الميادين 14/11/2022م ونشر لاحقًا الكثير من النقاط الهامة، والتي قد أفهمها كالتالي:

1- أنا معارض وهذا حقي في إطاري: استطاع توفيق الطيراوي أن يؤكد أن له وجهة نظر مختلفة، وأنه معني بالتعبير عنها، ويعلم الفروق بالمكان والزمان وحجم المعلومة وما بين الإظهار والكتم. وأنه يستطيع التعبير عن رأيه عنها في إطاره بمساحة أوسع. ومما قاله في لقائه المثير:” في كل ثورة في العالم هناك تباين في وجهات النظر ما بين قياداتها وأحيانا هناك من يزعل ويترك”. مضيفًا: “وأنا واحد من الأشخاص الذي أنتقد وأختلف مع بعض زملائي” مستدركًا لكني “أنتقد من أجل الحركة وهناك فرق ما بين إنتقاد وآخر.”

2- لا للفساد لا للخطأ العام: وفيما يتعلق بالشأن العام فهو مقاتل شرس ضد الخطأ أوالفساد كما يعتقده أو يراهُ، وهذا لايضير انتمائه للحركة. ومهما كان يصيب البعض المتسلق في أطر السلطة التي في كثير من قادتها من الحركة، لا يمنع أن ينتقد بل أحيانًا الإشارة للظاهرة والموقف يكون واجبًا وطنيًا، فمابالك بمقاومتها، فالشأن العام ملك الجماهير، وتعبيرهم عنه ضرورة ولكن بأدب الحديث وأدب النقد وحدوده الملتزمة وفق القانون.
قال توفيق الطيراوي نصًا:”من حقي ووجهة نظري أن أقول للحكومة أنت خطأ أو صح… وأنا شخصيا دافعت عن الحكومة في قضايا الصح وإنتقدتها في قضايا الخطأ”.

3-أنا أخطأت واعتذر: توفيق الطيراوي لا يضيره أن يعتذر كأي قائد أو كادر حركي، ولا ينتقص منه، وهي سُنّة الراحل ياسر عرفات الذي تعلمنا منه في عديد المواقف ومنها حينما اعتذر علانية لمن هم أصغر منه سنًا أي طلبة جامعة النجاح حينما اقتحمتها قوات الأمن فهرول يعتذر لهم. وهنا توفيق الطيراوي يعتذر حين يخطيء وهو ما أشار له بوضوح تعليقًا على التسريبات اللامسؤولة والمسيئة قصدًا لفلسطين والقيادة الفلسطينية عامة.
قال توفيق الطيراوي: “زملائي في اللجنة المركزية علاقتي فيهم ممتازة وليس لدي أي توتر مع أي أخ في اللجنة المركزية، حصل توتر في الفترة الأخيرة نتيجة بعض الأشخاص الذين قاموا بفبركة تسجيل لي عن أحد الإخوة وهو الأخ حسين، وهو له كل محبة وإحترام وإذا كان هذا الشريط قد أساء له فله حق عندي”.

4-قانون المحبة مقابل النظام: تحدثت كثيرًا عن تطبيق قانون العقوبات بشكل اجتزائي أو مبالغ فيه، أوتعسفي أحيانًا في حركة فتح مقابل قانون (عُرف) المحبة للختيار أبوعمار، وقانون المحبة والعفو والتسامح هوالذي قد يتجاوز استخدامات محددة أو آنية أوعصبية أومتعسفة للنظام، لغرض التوفيق والتقريب لا الابعاد والإقصاء محبذًا الثاني ما يتفق مع اتساع مساحة الحرية المتاحة في الحركة. ومؤكدًا على أنه يجب أن نفهم أولوية النظام (القانون الداخلي) لنعود ملتزمين بالنظام الداخلي فهو الأصل، أما تكرار الخطا المقصود فشيء آخر.
قال توفيق الطيراوي بعد تكرار اعتذاره لما نُقل عنه مفبركًا بحق الاخ حسين الشيخ: “يا رجل الناس تتطاول على الذات الإلهية، استغفر الله لهم، والمسامح كريم… ونحن أكبر من كل هذه القضايا، وإخواني في اللجنة المركزية كلهم أكبر بكثير من القضايا الشخصية ومن أي شيء يحصل معهم.”

5-اختلاف أخلاق الصفاء واخلاق الغضب: التعامل الأخوي يرتبط بحالة الصفاء ليتخذ أخلاقًا ومسلكيات محددة، مختلفة عن تلك المسلكيات (الأخلاق) حين الغضب، فكلنا نغضب ونثور وقد نتفوه بما لا يليق. وهنا وجب التقدير بين الحالتين حيث كان يقول القائد المفكر خالد الحسن: إن أخلاق الازمة تختلف عن أخلاق التسوية. لذا يجب التفريق ويجب التفهم وعدم الحكم بعين الغضب، ولنا الاقتداء بأسلوب تعامل أبوعمار مع صديقه المعارض الدائم لكثير من مواقفه أبوإياد صلاح خلف الذي ما فتأ يردد حين تصالحهما قول الإمام الشافعي:وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ/وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا.

6-الفصل بين الشخصي والعام: حسنًا فعل أبوحسين الطيراوي حين فصل بين الموقف من قبل اللجنة المركزية وما رآه من الرئيس أبومازن تجاهه، وبين احتفاظه بالاحترام لزملائه وللرئيس.
قال توفيق الطيراوي: “بالنسبة لجامعة الاستقلال-التي كان رئيس مجلس أمنائها قبل قرار تنحيته- مع محبتي وإحترامي للأخ الرئيس القرار كان تنفيذه خاطئا أو طريقته خاطئة أو أخذه كان خاطئا وكان بإمكان الرئيس أن (يتبع أسلوب آخر)….” مضيفًا:”لذا أعتبر ما جرى هو إهانة للكرامة وكان البعض يعتبر الأمر إستفزاز” ومكملًا” أنا ضده وأنا ملتزم بالحركة وملتزم بقرارت الحركة ونفذت القرار بعد 10 دقائق ونزّلت بيان، ولكن المفروض أن تناديني وتقول لي أنا أريد منك كذا وكذا وفقط.”
دعنا نقول أن المؤمن ليس بشتام ولاطعان ولا لعان ولا فاحش ولابذيء كما تعلمنا من سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وإن اجيز له الاختلاف في الموقف أو وجهة النظر فلا يجوز له شتم ذات الأخر مطلقًا.
قال توفيق الطيراوي: “الأخ أبو مازن هو رئيس الشعب الفلسطيني وأنا مواطن فلسطيني وبالتالي هو الشرعية وأنا ملتزم بالشرعية وله كل الإحترام، والأخ أبو مازن رئيس حركة فتح وأنا عضو في هذه الحركة وملتزم بقوانينها وأنظمتها وأنضبط للرئيس وللقوانين والأنظمة والقيادة الفلسطينية ولقرارات اللجنة المركزية.”

7-الموضوعية والحقيقة: في الرد على التسريبات من ملف قضية اغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات رحمه الله، تحدث بأمانة ومسؤولية عالية وكان واضحًا في منطق الرد، وعرض حقيقة القرصنة الالكترونية التي تطال حتى الدول الكبرى ولدينا. وحقيقة أن هناك من له مصلحة للإساءة للرجل ولمجمل الحركة الوطنية، وكأنها مقصرة بحق الرئيس الشهيد من جهة، وفي محاولة لتوجيه أصابع الاتهام عبر التسريبات لجهة محددة غير صحيحة

لقد قال مما قاله حول الموضوع الهام ان ما ذكره “يثبت بالدليل القاطع أن “إسرائيل” هي التي وراء الإغتيال للشهيد ياسر عرفات، ولكن من ساعدهم؟ هذا الموضوع الآخر الذي نحن نريد أن نتكلف فيه. ونحن 12 عام نحقق ولا نخرج أو نسرب اي شي من لجنة التحقيق ولا من أي واحد فينا كلمة حول التحقيقات، مضيفًا أن “المستفيد من بقاء ياسر عرفات هو الشعب الفسطيني، والمستفيد من غياب ياسر عرفات “إسرائيل”، وهناك 12 عامًا من التحقيق والإفادات والشهادات والبحث في كل ظروف الإغتيال لم يثبت لدينا على الإطلاق أي علاقة لأي أحد من القيادات السياسية بوضع السم حتى الآن”.

حسنًا فعل الأخ توفيق الطيراوي فيما نظن أننا فهمناه بالنقاط أعلاه من لقائه ونفترض أن الرأي والرأي الآخر ضمن حرية التعبير –خاصة بالشأن الداخلي داخل الإطار-هو مما يجب الحفاظ عليه دومًا في أي فصيل سياسي ضمن مرجعية فلسطين والنظام والبرنامج وفي حده الأدنى توافقات “الشخصية الجامعة”، ومن خلال عقد المؤتمرات غير الاستعراضية إنما تلك التي تحاسب وتقرر، ولا تنتخب فقط. وأصاب المحامي على أبوحبله حين علق قائلًا أن: “مقابلة اللواء توفيق الطيراوي مع الميادين اتسمت بالموضوعية والترفع عن الجراح وصدقية الانتماء والالتزام والتقيد باحترام القوانين والانضباط التنظيمي” مضيفًا: “ويتطلب الأمر-في فتح- دراسة ممنهجه وواقعيه لكل الأسباب والمسببات التي أدت بالحركة لهذا الانزلاق التي هي عليه، مما يتطلب الأمر بفصل الحركة عن جسم السلطة. كما ان الأمر يتطلب دراسة وتطوير البرنامج الكفاحي والسياسي للحركة بما يتناسب والأوضاع المستجدة على الساحة الاقليميه والدولية وان يؤخذ بمعيار الكفاءة والقدرة والأهم نظافة اليد وضرورة عدم المزاوجة بين العمل السلطوي والعمل التنظيمي.”

إن القضية الفلسطينية وفي ظل انتصار اليمين الفاشي الإسرائيلي، واستتباع عديد الساسة العرب لأوامر المخابرات الإسرائيلية، والدنيا تبحث عن نظام عالمي جديد. تحتاج هذه القضية المقدسة لقيادة مختلفة، لقيادة جديدة في المنهج والرؤية وآليات التفكير والعمل، وتتعالى وتتسامى وتحمل نظرة واسعة جامعة، لا نظرة حزبية أوذاتية أو مصلحية ضيقة. على هذه القيادة الجديدة الفهم، أي أن تبدأ بترجمة فهم جديد للتغييرعلى الأرض بدءًا من الذات بإصلاح الذات (الذات الانسانية، وذات الأطر المترهلة، والنزاعات والأفهام الداخلية في كل فصيل وبين الفصائل، ومعالجة شأن التائهين والمهمشين -والمفصولين ما كتبنا عنه كثيرًا فيما سبق- بل وأولئك التطهريين المنعزلين، والخارجين).

دعونا نستذكر أن القيم والأخلاق في حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح التنظيم المؤمن بالنصر والتحرير والديمومة، وما أظنه أيضًا بكافة الفصائل بإذن الله، هي مما لا مجال للتغاضي عنه، فالمباديء بلا قيم وبلا أنظمة تظل أفكارًا مجردة قد تصل العقول ولكنها لا تصل القلوب. ومن هنا كانت القدوة أحد أهم عوامل التأثير والاستقطاب وهو ما كتبنا عنه سابقًا تحت عنوان الشخصية المشعة القادرة على التأثير في الآخرين بمساحات كبيرة، وإنها لثورة حتى النصر.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا