المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

فرحة تفضح النازية

نبض الحياة

بقلم: عمر حلمي الغول

اثار فيلم فرحة للمخرجة الأردنية دارين سلام الدرامي التاريخي ضجة وردود فعل من اقطاب الصهيونية بمختلف مشاربهم، كونه يكشف ويفضح صورة مصغرة لنكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948 عندما سلط الضوء على قصة حقيقية عاشتها فتاة فلسطينية عمرها 14 عاما، اسمها الحقيقي رضية، وكانت الشاهدة الوحيدة على قتل عائلة فلسطينية هاربة من المجازر، ولجأت لقريتها ومنزل عائلتها رجل وزوجته وبناته الصغار وطفلهم الذي لم يتجاوز عمره العام الواحد. وشطبت تلك العائلة من سجل السكان الفلسطيني اسوة بغيرها من المئات والاف من الاسر الفلسطينية، التي تعرضت لما يقارب المئة مجزرة ومذبحة عشية واثناء وبعد النكبة الكبرى، والتي نجم عنها تشريد وطرد قرابة المليون فلسطيني من ارض وطنهم الام فلسطين، ومنها مجازر دير ياسين والطنطورة وحيفا والقدس والدوايمة وكفر قاسم … الخ
وكان الفيلم عرض في 14 أيلول / سبتمبر 2021 في مهرجان تورنتو السينمائي، وعرض لاحقا في بوسان وروما في 7 نوفمبر 2022، كما عرض في مهرجان أيام فلسطين السينمائية في رام الله في نوفمبر الماضي ايضا. وسبق عرضه في الأول من كانون اول / ديسمبر الحالي على شبكة نتفليكس لهجمة وحملة تحريض إسرائيلية شارك فيها كل من ليبرمان، وزير المالية، ووزير الثقافة والرياضة، حيلي تروبر، وشاركهم عضو الكنيست الفاشي، بن غفير والمصور الإعلامي شاي غليك وغيرهم العشرات من المسؤولين، والمنبر الإعلامية، وكان هدفا لحملة تصويت مغرضة ومعدة سلفا على موقع MDb للتقليل من أهميته ورسالته الجادة والامينة في اماطة اللثام عن جزئية من تداعيات ومآسي النكبة الفلسطينية، والتي مازالت دورة الدم تستبيح أبناء الشعب الفلسطيني من خلال حروبهم وجرائمهم وارهابهم الدولاني المنظم حتى يوم الدنيا هذا، والى ان يزول الاستعمار وادواته النازية عن الارض الفلسطينية العربية.
جميع القتلة الاسرائيليون طالبوا منصة نتفليكس عدم عرضه، بذريعة انه “معاد للسامية”، ويشوه صورة ” دولة إسرائيل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، كذبوا الكذبة، هم واسيادهم وصدقوها، باعتبارهم “دولة ديمقراطية”، كما نادوا بقطع التمويل عن مسرح “السرايا” في يافا، عقابا له لعرضه الفيلم. وادعى أولئك القتلة الجدد، ان “الفيلم يشوه صورة الجيش الإسرائيلي.” وزعموا انه “يظهر جنود جيشهم، بانهم قتلة، ويشبههم بالنازيين”. وكأن جيشهم الذي شُكل من رحم النازية، وأُسس من رحم مجموعة العصابات الصهيونية الاجرامية: الهاجاة، وليحي، واتسل، والارغون، وغيرها لم يولد نازيا، ووريثا للنازية الألمانية والفاشية الإيطالية، وعلى اعتبار، ان “جيش الموت، هو الجيش الأخلاقي”؟!
واعتبر وزير الامن الداخلي في حكومة نتنياهو السادسة، النازي بن غفير، بان الفيلم “تحريضي”، وطالب “بألا تمر إسرائيل بصمت على محاولة الفيلم تسويق ما وصفها ب”مؤامرة الدم”، التي يتردد صداها ضد إسرائيل في جميع انحاء العالم. واما ذلك المصور غليك، فدعى نتفليكس بوقف بث الفيلم، بزعم انه “يروج لمؤامرة دم كاذبة وسيئة وشريرة ضد إسرائيل.” محذرا من انه مع اول بث للفيلم على الشبكة العالمية، فستتم ترجمته الى “موجة ضخمة من معاداة السامية حول العالم، وستؤذي الكثير من اليهود.” ليس هذا فحسب وفق ما ادعى الإعلامي الكاذب، والشريك في جرائم الحرب، بل تابع مدعيا “سئمنا من إراقة الدماء، ولن ندير الخد الاخر بعد الآن.” وناشد المنصة العالمية ب”العودة الى رشدها، والا تؤذي “الشعب اليهودي” والناجين من المحرقة.” وتناسى كليا المحرقة والجريمة الإرهابية المنظمة ضد الشعب الفلسطيني
ومن خلال رصد وقراءة ردود الفعل الإسرائيلية على الفيلم المبدع والمتميز بالموضوعية والمسؤولية في نقله لجانب محدود جدا من الماساة الفلسطينية، أرى ان هدفها يتمثل في، أولا تشويه رسالة الفيلم العادلة. لا سيما وانه ينقل صورة حقيقية لما عاشته وشاهدته اللاجئة الفلسطينية رضية، واسمها في الفيلم فرحة، التي قلبت النكبة كل احلامها وطموحاتها وآمالها، والقت بها في متاهات اللجوء والتشرد؛ ثانيا خشية الإسرائيليون النازيون من كشف حقيقتهم امام الرأي العالم العالمي، ولهذا جن جنونهم من مجرد عرض الفيلم على منصة نتفليكس العالمية؛ ثالثا اعتبارهم الفيلم “مؤامرة دم” وعرضه يؤذي اليهود الصهاينة، وشكل من اشكال “معاداة السامية”، وهذا قلب للحقائق، وتزوير فاضح للوقائع والشواهد الحية، التي كتب عنها العديد من الإسرائيليين، الذين دونوا بعض الحقائق عن جرائم الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، ومنهم، آلان ببيه، وفيليتسيا لانغر، وشاؤول أريئيلي، وعوفر كسيف، وسامي ميخائيل، وشلومو ساند، وجدعون ليفي؛ رابعا من سئم من الدم والكراهية والعنصرية، كما ادعى المصور شاي غليك، عليه ان يرحل، كما فعل اري شبيط ولانغر وغيرهم. لا ان يدافع عن جرائم الحرب الفاشية؛ خامسا قادة ونخب إسرائيل الفاشية يخشون التاريخ، ولا يرغبون بسماعه، ويسعون لفرض روايتهم المزورة والكاذبة، المتناقضة مع كل الشواهد في فلسطين التاريخية من النهر الى البحر، وكلما لامس انسان بغض النظر عن جنسيته التاريخ وشواهده، كلما وسمه أولئك الصهاينة ب”معاداة السامية” التهمة الجاهزة والكاذبة، والتي لا أساس لها في الواقع، لانهم في غالبيتهم من يهود الخزر، الذين لا يمتوا للسامية بصلة، والساميون هم العرب واهل الحبشة والسريان واليهود الذين عاشوا في ارض العرب، وبين ظهرانيهم.
ولا يسعني هنا، الا ان اسجل تقديري للمخرجة دارين سلام، والمنتجتان ديمة عازر وآية جردانه وشركتهم المنتجة TaleBox ومقرها الأردن، ولكل من Laika Film & TelevisionوChimney وصندوق الأردن لدعم الأفلام السينمائية ولكل من دافع عن الفيلم ورسالته القيمة والهامة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

Exit mobile version