المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

إسرائيل المتطرفة والفاشية.. دولة حمقاء

بقلم: باسم برهوم

بقدر ما يمكن أن يكون مرهقا، وربما خطيرًا، بالنسبة لشعبنا الفلسطيني، أن يسيطر اليمين المتطرف الفاشي على الحكم في إسرائيل، فإن لهذا التطور قد يكون في جانب منه إيجابيًا بالنسبة لمستقبل الصراع، فالتاريخ يقول والراهن يقول أيضًا إن الدولة التي تحكمها طغمة متطرفة فاشية غريزية هي دولة حمقاء تفتقر إلى الذكاء والرصانة والمصداقية. هذا التطور قد يكون متعبًا لنا في المرحلة القادمة، نحتاج فيها أن نتصرف بذكاء، نحافظ على رباطة جأشنا، نعزز تضامننا مع بعضنا البعض، نصمد، نتكافل، ونقاوم بطريق بعيدة عن الاستعراض غير المجدي.

لنسأل أنفسنا من هم هؤلاء بتسلئيل سموتريش وأتيمار بن غافير، المرشحان لتبوء مناصب مهمة في حكومة نتنياهو القادمة؟ سموتريش هو مدير جمعية “زغافيم” اليمينية المتطرفة والعنصرية، تلاحق الفلسطينيين داخل مناطق 1948 أو في الضفة، وتتابع المحاكم الإسرائيلية لاستصدار أوامر هدم منازل الفلسطينيين. وييعيش سموتريش في مستوطنة ” كدوميم “، المقامة على أراضي ثلاث قرى فلسطينية في الضفة، وسموتريش قاوم بشدة عملية إخلاء مستوطنات قطاع غزة وتم اعتقاله، وهي المستوطنات التي أمر شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بإخلائها، وهو الجنرال العنيد والأخطر في تاريخ الجيش الإسرائيلي.

أما “بن غافير” هو ابن عائلة يهودية جاءت لفلسطين من العراق، ويسكن في مستوطنة “كريات أربع” جنوب الخليل، بدأ نشاطه السياسي مبكرا في حركة “كاخ” اليمينية المتطرفة، والعنصرية، وهي الحركة التي أسسها الحاخام كهانا، وكانت مصنفة في كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية كحركة إرهابية، وحتى أعضاء الكينست من حزب الليكود اليميني، كانوا يغادرون القاعة عندما يقف كهانا على المنبر. وبن غافير مجرم واجه عدة تهم جنائية، ويكفي أنه يعتبر الإرهابي غودلدشتاين، الذي ارتكب مجزة الحرم الإبراهيمي في ربيع عام 1994 بطلاً ونموذجًا له، وفي حينها قام هؤلاء الإرهابيون بالمجزرة بهدف تعطيل اتفاق أوسلو قبل أن يبدأ تنفيذه على الأرض.

كلاهما “سموتريش” و”بن غافير” مجرمان إرهابيان، من أتباع الصهيونية الدينية، التي تعشعش في مستوطنات الضفة، وتأمل أن تقتنص الفرصة لتحقيق هدف ترحيل الفلسطينيين وإقامة إسرائيل الكبرى من البحر للنهر كمرحلة أولى. وهما وعصابتهما يقفون من وراء اعتداءات المستوطنين، وكل النشاطات الاستفزازية في المسجد الأقصى، والشيخ جراح، وفي البلدات والقرى الفلسطينية داخل الخط الأخضر، وفي الضفة المحتلة.

وإذا تركنا جانباً عصابات الإجرام من الصهيونية الدينية، فإن الأحزاب المتدينة الأرثوذكسية الأصولية، حزب شاس وحزب يهودات هتوراه، لا تأبه سوى للحصول على ميزانيات لمدارسها الدينية والصرف على نشاطاتها، وهم فاسدون منشغلون في تبييض الأموال، و تغطية أعمالهم اللاأخلاقية بالادعاء بأنهم يريدون فرض الشريعة اليهودية على المجتمع. فكيف يمكن أن نصف دولة ستحكمها عصابات الإجرام، والإرهاب، والفساد، التي تغلف نفسها بالتطرف الديني والقومي، ولا تأبه لا بالديموقراطية ولا برأي عام عالمي؟

إسرائيل كانت طوال الوقت، ومنذ تأسيسها، دولة عنصرية توسعية، لكن نخبها الحاكمة كانت قادرة على إخفاء تعصبها الأعمى، فهم يعرفون خطر ذلك على الديموقراطية، كما أن التطرف الفاشي يحرم إسرائيل بأن تقدم نفسها كدولة عصرية ذكية. الخطر الذي تواجهه الدولة العبرية هو أن الطغمة الفاشية تقوم بالفعل ببناء دولة داخل دولة إسرائيل العميقة وتشكيل مليشيات مسلحة موازية للجيش، فهؤلاء الذين كانوا يعشعشون في المستوطنات، وأغمضت الطبقة السياسية أعينها عنهم لسنوات يريدون اليوم تغيير قواعد اللعبة الديموقراطية عبر تشكيل قوة ابتزاز، قوة إرهاب يرضخ لها الجميع تفرض القوانين التي تشرعن الفساد والإرهاب والعنصرية.

بدون شك إن هؤلاء الفاشيين خطيرون على الشعب الفلسطيني، لكنهم لا يقلون خطورة على إسرائيل ذاتها التي عرفناها في العقود السابقة. ربما لهذا السبب نحتاج إلى رباطة جأش أكثر في المرحلة القادمة، لأن التفاعلات الإسرائيلية الداخلية قد تفضي إما لتشكل إسرائيل المجنونة، أو إسرائيل المختلفة عن ماضيها كله، بعد أن تكتشف أن مأزقها يكمن في كونها دولة احتلال وتوسع، دولة عنصرية.. وعلى أية حال الدولة التي تأسست على أساس عنصري، كانت ستصل حتما إلى هذه النتيجة المخزية.

Exit mobile version