المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

في ماراثون التطرف: «العلم» و«الكوفية» خطر على إسرائيل؟ كما يكتب عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” د. صبري صيدم

من الواضح ارتفاع وتيرة التطرف لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، مع اشتداد حالة التنافس السياسي داخل الدولة العبرية، وتنامي الصراع بين الماكنة العسكرية والسياسية، ووصول الأمور إلى حدود التدخل في تركيبة النسيجين الأمني والعسكري، وصدور قرارات مختلفة تقضي بإلحاق بعض مقومات المؤسسة العسكرية بمواقع حكومية وشخصيات سياسية.

ومع تنامي هذا النهج الصدامي الملتهب، فإن المبرر الوحيد الذي يسوقه أبطال المشهد السياسي اليوم في إسرائيل، يأتي لتعليل خطواتهم هذه، عبر ادعائهم بتنامي العنف الفلسطيني المزعوم، وحاجتهم لمواجهته عبر خطوات تغيرية واضحة، بينما يرفض أرباب المؤسسة العسكرية هذه الخطوات، على اعتبار أنها تمس عصب الدولة، وأنها ستؤثر في تماسك المؤسسة الأمنية وقدراتها المزعومة على مواجهة المخاطر المحدقة بإسرائيل وقدراتها على زيادة حدة تطرفها وإجراءاتها القمعية.

إذن التطرف هو المادة التي يحقن بها المشهد السياسي العسكري الإسرائيلي يومياً، وهو ما يرفع من شدة التنافس بين الأقطاب الأمنية والسياسية المتناحرة وتسابقهما لإبرازه على طريقتهم، في محاولة محمومة لتبرير سلسلة خطواتهم الداخلية، محاولين في الوقت ذاته تعزيز مبدأ لعب دور الضحية خارجياً، وإقناع العالم بأن إسرائيل تحارب العنف والإرهاب المزعومين.

وبين عالمي العسكر والساسة ترتفع درجة حرارة التطرف داخلياً، حتى صعدت إسرائيل على سلم التطرف لتصل إلى أعلى درجاته اليوم، من دون قدرتها على التراجع، لتطفو على سطح المشهد السياسي، حفنة من هواة السياسة وعشاق «أفلام الأكشن» من المجرمين والإرهابيين الذين يحاولون شرعنة وجودهم عبر قوانين تعفيهم من الملاحقة والمساءلة.

وقد مكنت الغلبة العددية داخل الكنيست هؤلاء من استغلال أغلبيتهم البرلمانية لتمرير قوانين الإعفاء والحصانة الذاتية، وهو ما سيمكنهم أيضاً من إصدار المزيد من قوانين التطرف والغطرسة وشرعنة الإرهاب الصهيوني المتصاعد. وفي المقابل يقف معسكر المعارضة اليوم، وهو الذي شارك في إذكاء نار التطرف حتى الأمس القريب، ليواجه مارثون التطرف الإسرائيلي المستفحل، ولينّبه المجتمع الإسرائيلي لخطورة ما يحدث وليعبر عن ذلك عبر سلسلة مظاهرات متواصلة تشتمل على مفارقات غريبة.

ولعل أطرف تلك المفارقات تكمن بالسماح برفع العلم الفلسطيني وسط تل أبيب، وفي العديد من تلك المظاهرات، وهو العلم الذي سبق للحكومة الإسرائيلية السابقة أن حظرته وأزالته من عديد المناطق والمناسبات والاحتفالات الفلسطينية، في إطار مارثون التطرف المشتعل المذكور، ولعل رفع هذا العلم لم يأتِ حباً بالفلسطينيين، بل لإغاظة نتنياهو وحلفائه اليوم.

أمام هذا المشهد الملتهب، يعيد أرباب التطرف تكرار النهج الذي انتهجته بعض الدول الاستعمارية والاحتلالية في محطات تاريخية سابقة، من دون أن يعيدوا قراءة التاريخ، فيلجأوا إلى السعي المحموم إلى طمس رموز الهوية الفلسطينية عبر حظر العلم والكوفية، والسعي لإصدار قوانين بائسة تخدم هذا الهدف، بل يذهبون إلى حد احتجاز الجثامين ونبش القبور وسحب الجنسية وإبعاد الناشطين ومطاردة الأكفان، كما حصل في جنازة شهيدة الكلمة شيرين أبو عاقلة وغيرها، إضافة إلى محاصرة الأسرى والإشهار بقتلهم، كل هذا في إطار القناعة بأنهم سينجحون في اجتثاث الهوية الفلسطينية واغتيالها.

لقد استفاقت إسرائيل مؤخراً على حقيقة مفادها أن الفلسطينيين ورغم عقود من الاحتلال والبطش والاعتقال والترحيل والمصادرة والمطاردة والاغتيال والإبعاد والضم والضرب والحرب والحصار والتعذيب والنهب، إنما هم أكبر عدداً من البحر إلى النهر وأن عليهم (أي حكومات إسرائيل) أن تفعل مارثون التطرف للخلاص من الفلسطينيين وتصعيد وتيرة هذا الخلاص.

وعليه أعود وأذكرهم بأننا لسنا حفنة من البشر أو أقلية من السكان، نحن شعب، وفي معركة الشعوب، فإن المنتصر ليس العدد فحسب، وإنما أصحاب عقيدة التشبث والصمود والإصرار، فمن سينتصر يا ترى؟ وهل يعود الصهاينة لقراءة التاريخ من جديد؟ أم ينتظرون حتى يلقنهم الفلسطينيون الدرس؟ ويبرهنون حقيقة النتائج؟ ننتظر ونرى!

Exit mobile version