المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الأسير عاصف الرفاعي.. مطلوب ميتا

“لم نكن نريدك حياً، كنا نريدك ميتا”، هكذا أفصح محقق الاحتلال الإسرائيلي، للأسير عاصف الرفاعي (20 عاماً) من قرية كفر عين شمال غرب رام الله،عن النية المُبيَتة له.

ظروف اعتقاله حالت دون أن يتم اغتياله، وفق المحقق، حيث تم اعتقاله من منزل ذويه في تمام السادسة من صباح الرابع والعشرين من أيلول/ ديسمبر العام الماضي، وهو اليوم الذي يصادف يوم ميلاده العشرين.

اعتقل عاصف، بعد نحو شهر من المطاردة من قبل جيش الاحتلال، وبعد نحو شهرين من آخر جلسة للكيماوي خضع لها في مستشفى المطلع بمدينة القدس.

خضع الرفاعي لجلسته الثامنة في شهر تموز/ يونيو، وهي ضمن اثنتي عشرة جلسة أقرها له الأطباء بالحد الأدنى، غير أن الملاحقة التي تعرض لها من قبل الاحتلال حرمته من استكمال علاجه.

جرب عاصف الاعتقال أربع مرات سابقة، ففي المرة الأولى اعتقل بينما كان لم يبلغ بعد أربعة عشر عاماً، وكانت هذه الاعتقالات قصيرة، إلا أنه في اعتقاله الأخير أمضى عشرة أشهر، فيما أصيب بالرصاص ثلاث مرات.

وبعد الافراج عنه بأربعة أشهر عام 2021، نقل إلى مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله بعد شعوره بآلام حادة في جسده، وبعد إجراء صور طبقية له، أدخل على الفور لغرفة العمليات، حيث تبين أن عاصف، ابن الثامنة عشرة من عمره، يعاني من سرطان القولون، ويجب أن يبدأ على الفور العلاج الكيماوي في مستشفى المطلع بالقدس.

رفض الاحتلال منح عاصف تصريحاً للعلاج بالقدس، حيث اضطر للدخول إليها عن طريق “التهريب”. يقول والده عبد المعطي الرفاعي:” كنّا نسلك الجبال هبوطاً وصعوداً حتى نفلت من أعين الاحتلال، ورغم وضع عاصف الصحي الخطير، إلا أنه كان يكابر على نفسه، ويسير متكئاً على كتفي، فكان لا يقوى على المشي لأكثر من عشرين مترا متواصلة”.

ويضيف:” كان يصل المستشفى منهكاً متبعاً، ويخضع لجلسة العلاج الكيميائي التي تستمر لـ56 ساعة متواصلة، فيما أن الجلسة كانت كل خمسة عشر يوماً، ويضطر في كل جلسة أن يسلك هذه الطرق الصعبة، وخلال تلك الفترة خضع لعدة عمليات لاستئصال الأورام، إضافة لجلسات الكيميائي”.

ومنذ الجلسة الخامسة، أعطى الاحتلال عاصف تصريحاً للعلاج بشروط مقيدة، وهي أن يذهب للعلاج بالقدس لوحده دون مرافقة أحد، رغم أن وضعه الصحي كان بحاجة إلى من يرافقه ويبقى معه.

يوم اعتقاله الأخير، والمهدد فيه بالحكم لسنوات طويلة قد تصل إلى 25 عاماً! وفق والده، أجبره جنود الاحتلال للسير لأكثر من اثنتي عشرة كيلو متر في الجبال والأودية، رغم أنه كان في وضع صحي صعب، ويعلق كيساً طبياً في جانب جسده الأيسر، ولديه فتحة في بطنه، وأخرى في الجانب الأيمن، الأمر الذي تسبب بتراجع وضعه الصحي وفقدانه للوعي ونقله إلى أحد مشافي الاحتلال لتلقي العلاج، حيث مكث بالمستشفى لمدة يوم وبعدها نُقل للتحقيق معه لمدة 5 أيام ومن ثم إلى معتقل “عوفر”.

“وقف عاصف أمام قاضي محكمة الاحتلال في جلسة تمديد اعتقاله كاشفاً عن بطنه، مظهراً ما يعانيه، وقائلاً إنه يخضع لساعات تحقيق طويلة رغم وضعه الصحي، وحينها رضخ القاضي له، وحوله لتحقيق الشرطة الذي قد يكون أخف من تحقيق الشاباك، لكنه يبقى تحقيقاً”، يقول والده.

بدأت العائلة بتشكيل حالة من الضغط على إدارة سجون الاحتلال بالتعاون مع مؤسسات حقوقية حتى يكمل عاصف علاجه الكيماوي، فنقل في شهر تشرين أول/ أكتوبر الماضي إلى مستشفى “شعاري اتصيدق” ولم يقدم له أي علاج، سوى أن الطبيب تعرف على وضعه الصحي واطلع على التقارير الطبية الخاصة بحالته والصادرة من مستشفى المطلع، ولم يعد للمستشفى إلا في شهر كانون أول الماضي، ووقتها أجريت له صورة طبقية، ولم يفصح له عن نتيجتها لا من المستشفى ولا من قبل إدارة سجون الاحتلال.

خضع عاصف، مطلع الشهر الجاري لعملية ناظور، وتبين أن الخلايا السرطانية انتشرت في انحاء جسده، ووصلت بالإضافة إلى القولون، إلى أجزاء جديدة من الأمعاء، والغدد، والكبد، وأنّ حالته الصحيّة، تتفاقم بشكلٍ متسارع، فيما أبلغه أطباء الاحتلال بأنه سيخضع لجلسات علاج كيميائي أو بيولوجي، وهو بانتظار تحديد موعد العلاج وطريقته.

“وضعه أصعب وأسوأ مما تتخيل، ففي كل زيارة، أو جلسة محاكمة له يكون أسوأ من المرة التي سبقتها، لكنه صاحب بنية جبارة، ولا يستسلم بسهولة، ورغم أنه يعاني من أوجاع شديدة في جسده، فيما تكتفي إدارة المعتقل بتزويده بالمسكنات، لا يحب أن يطلب المساعدة من رفاقه الأسرى، حيث أنه يقوم بتغير ملابسه لوحده، ويغير الكيس الطبي المرافق له”، يضيف والده الذي قضى في سجون الاحتلال 10 سنوات، وحين اعتقاله كان عاصف طفلاً رضيعاً في عمر الستة أشهر.

لا يهم أبو عاصف، وهو أب لسبعة أبناء، الحكم الذي قد يناله نجله المعتقل في قسم (19) بسجن عوفر، بقدر ما يهمه استكمال علاجه، ويقول:” مهما كان الحكم الذي سيصدر بحقه، فإن باب السجن لا يغلق على أحد، لكن ما لم يتلقَ العلاج فإن الأمور ستصل لمنحى مرعب لنا كعائلة”.

وتعتبر حالة عاصف الرفاعي الأصعب والأشد في سجون الاحتلال، حسب نادي الأسير، في وقت أن هناك أكثر من 600 أسير مريض من بينهن نحو 200 أسير يعانون من أمراض مزمنة، منهم 24 أسيرا ومعتقلا يعانون من السرطان والأورام بدرجات متفاوتة.

وفا- إيهاب الريماوي

Exit mobile version