المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

خيمة الخان .. “نفس الرجال بحيي الرجال”

أُعلنت حالة التأهب في قرية الخان الأحمر، الرابضة على إحدى تلال القدس الشرقية، تحسبا لإعلان سيصدر خلال ساعات من تل أبيب يتقرر إثره مصير أكثر من 200 إنسان.

أعيد نصب الخيمة، وشكلت المجموعات ووزعت عليها المهام، إيذانا ببدء الاعتصام المفتوح في ذلك التجمع البدوي، الذي تشكل النساء والأطفال فيه ما نسبته 70% من مواطنيه.

أُدير مولد الكهرباء، ومد حبل الإضاءة على طول الخيمة وثبت في منتصفها، ونصبت المقاعد البلاستيكية في محيطها، وبدأ المتضامنون على اختلاف مشاربهم ومناصبهم بالتقاطر.

كونت مجموعات عشوائية من أهالي القرية والمتضامنين، وفُتحت مواضيع الساعة أحاديث بينهم، زيارة بلينكن، وتهديد بن غفير بهدم منازل في القدس الشرقية، التوتر في السجون، حصار أريحا، وغيرها.

مشاهد أحيت في ذاكرة يوسف أبو داهوك، وهو أحد مواطني القرية، أيام خيمة الاعتصام الأولى التي أقيمت في الخان الأحمر في أيار/ مايو 2018، وشكلت نقطة تحول مركزية في صدور قرار من المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين بإرجاء الهدم.

يتحدث أبو داهوك عن معنوياته التي أخذت ترتفع بمجرد رفع الخيمة على أعمدتها، لتتفوق على مخاوفه من القرار المرتقب خلال الساعات التالية بشأن مستقبل القرية.

ويقول: “هذه ليست خيمة بلاستيكية فحسب، بل هي منارة صمود وتحدٍ، ورمز للتحرر والمقاومة، وبمجرد رؤيتها تعود الطمأنينة لتسكن أفئدة الأهالي، وتوافد المواطنين والمسؤولين والمتضامنين إليها يشعرنا بالعزة والكرامة”.

واستحضر أبو داهوك، من الموروث الشعبي المثل القائل: “نفس الرجال بحيي الرجال”، للإشارة إلى ما يخالجه من مشاعر إزاء عودة التضامن المفتوح مع الخان الأحمر، بما يزيد سكان القرية إصرارا وتحديا وعنادا للاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: “تواجد الناس على هذه الأرض وتحت الخيمة لا شك أنه يعطي دفعة معنوية ويزيدنا ثباتا ورباطا وإصرارا على مواجهة القادم من الساعات”.

ويتفق نائب رئيس حركة “فتح” محمود العالول، مع أن الخيمة المعاد نصبها في قرية الخان الأحمر، تبعث على الطمأنينة من جانب الدلالة على حالة الاصطفاف الشعبي والرسمي لإعلان رفض سياسات الاحتلال.

وقال العالول: “الخان الأحمر قصة عمرها سنوات، وهم يدركون أن التفاعل معهم لم ولن ينقطع، والمواطنون هنا مطمئنون إلى الموقفين الرسمي والشعبي اللذين يعتبران هذا الموقع أيقونة للمقاومة الشعبية”.

وأشار إلى أن عودة قضية الخان الأحمر لدائرة الضوء، من شأنه شحذ الطاقات والهمم وصولا لحملة وطنية واسعة لصناعة الموقف وتضافر الجهود في مواجهة مجمل سياسات الاحتلال وانتهاكاته.

وشدد على أن المخاطر لا تحدق بالخان الأحمر فحسب، بل تشكل الحكومة الإسرائيلية الفاشية خطرا على كل شيء، على الساكن والمسكن، والقدس والأقصى، والأسرى.

ومن المنتظر أن تعلن حكومة الاحتلال الإسرائيلي غدا الأربعاء، ردها على الالتماس المقدم من جمعية “ريغافيم” الاستيطانية، بشأن تنفيذ قرار محكمة الاحتلال العليا بإخلاء قرية الخان الأحمر وهدمها.

ومنذ نيسان/ أبريل 2018، قدمت الحكومات في تل أبيب 8 طلبات لـ”العليا” لتمديد إرجاء الهدم، وذلك تحت وطأة ضغوط المقاومة الشعبية والمواقف الدولية والآراء القانونية، التي أكدت أن التهجير القسري يمثل جريمة حرب.

وما أفشل تنفيذ قرارات الهدم القائمة منذ 2018، هي عوامل ثابتة لم تتبدل، إلا أن هناك متغيرات تبعث على القلق من القرار المرتقب، حسب مدير دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة.

أولى هذه المتغيرات، يتمثل بالأحزاب المتطرفة التي صعدت إلى الكنيست الإسرائيلية، وشغل ممثلوها مناصب حكومية، ويضاف إلى ذلك أن مؤسس جمعية “ريغافيم”، التي تستعجل الهدم والإخلاء في الخان الأحمر، هي أحد الأذرع الاستيطانية لحزب “الصهيونية الدينية”، ومن أسسها هو بتسلئيل سموترتش، الذي أصبح وزيرا وصاحب قرار، وهذا قد يساهم في عملية الهدم.

وتطرق أبو رحمة إلى أن الدعاية الانتخابية للأحزاب المتطرفة في إسرائيل كانت تتضمن بندا خاصا بهدم قرية الخان الأحمر، كما أن الإقدام على ذلك كان شرطا لقبول المشاركة في الائتلاف الحكومي بقيادة بنيامين نتنياهو.

ويضيف إلى ذلك، تصريحات لإيتمار بن غفير الوزير المتطرف، الذي قال إنه سيعيد وضع هدم قرية الخان الأحمر على طاولة التنفيذ، دون أن يغفل زيارة أعضاء من حزب الليكود الحاكم الأسبوع الماضي للمنطقة والوقوف على التل المقابل للخان الأحمر، إلى جوار عشرات المستوطنين.

وأضاف أبو رحمة: “الشهر الجاري كان الأكثر دموية منذ 2015 حيث ارتقى 35 شهيدا بينهم 8 أطفال وسيدة، فيما سجلت واحدة من أعلى إحصائيات عمليات الهدم في شهر واحد، والتي طالت 91 منشأة، هذا والحكومة الجديدة في تل أبيب ما زالت على العتبة فقط” في إشارة إلى أنها لم تكشف عن كل مخططاتها ولن يردعها شيء إذا ما قررت الهدم في قرية الخان الأحمر.

وأكد أن العودة إلى خيمة الاعتصام السلمية تأتي لإثبات أن قرية الخان الأحمر شهدت جريمة تهجير قسري إن وقع الهدم، ما قد يدفع المجتمع الدولي والمؤسسات القانونية والحقوقية للتحرك.

وأثنى أبو رحمة على صمود أهالي الخان الأحمر، الذين قالوا كلمتهم في عام 2018، وطوال تلك الفترة وصولا إلى هذا اليوم، واجه المواطنون هناك العديد من الضغوط العسكرية ورفضوا الكثير من المغريات التي قدمت لهم، فلا الترغيب ولا الترهيب أثناهم عن موقفهم بالبقاء حتى لو هدم الاحتلال مساكنهم.

ويستذكر أبو رحمة عبارة لأحد مواطني الخان الأحمر قال فيها: “نحن بحكم نشأتنا كبدو نقضي أكثر من 65% من حياتنا تحت الشمس والمطر، ولا بأس إن وصلت النسبة إلى 100%”.

وفا- رامي سمارة

Exit mobile version