المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

عميان البصيرة!

كتب: موفّق مطر

ماذا يقصد الذين يتخذون أخبار وسائل إعلام منظومة الاحتلال الفاشية إسرائيل مرتكزًا لمواقفهم من القيادة الفلسطينية ومن منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة السلطة الوطنية، والأشد إيلاما في أنهم يعتبرون الأخبار والتقارير التي تتحدث عنهم عبر وسائل إعلام المنظومة الرسمية والخاصة، أنها أخبار كاذبة؛ لأن مصدرها “العدو”، لكنهم يأخذونها كحقائق مسلمة بها ما دامت متعلقة بكل وطني لا يتفق مع أهوائهم ورغباتهم السلطوية وعدائيتهم المتأصلة.

لا تفسير لما نسمع ونرى ونقرأ سوى أنه إسناد لدعاية العدو، ومشاركة حاسمة في إضعاف ثقة الجماهير بقياداتها الوطنية، وكل ذلك يصب في مصلحة المنظومة بشكل مباشر، وبمعيار الفتات في مصلحة (عميان البصيرة) الذين يتمنون الاستيقاظ يومًا ولا يجدون كيانًا قائمًا للسلطة الوطنية، ولمنظمة التحرير الفلسطينية.

لاحظنا كثافة في حملات التشكيك بمصادقية القيادة الفلسطينية بعد قرارها اعتبار التنسيق الأمني بأنه غير قائم ابتداء من لحظة إعلان القرار الذي أعلن للشعب الفلسطيني بلغة واضحة وحاسمة لا لبس فيها، لكن المتلبسين لدور شيطان الإنس ما انفكوا من لحظة الإعلان عن لعب دور المترجم للسان رؤوس منظومة الاحتلال ووسائلهم الإعلامية المسيرة، وبلغت ذروة التشكيك بعزيمة ومصداقية وإرادة القيادة الفلسطينية أثناء وإثر زيارة وزير الخارجية الأميركي بلينكن، وما رافقها من ضغوط دولية وأخرى رسمية من جهات دول عربية على سيادة الرئيس أبو مازن، وضخ إعلامي إسرائيلي حول ترتيبات أمنية جديدة!!! وكل ذلك بقصد إظهار القيادة الفلسطينية بموقف المرتبك والمتردد، لكن سيادة الرئيس أبو مازن أسمع بلينكن اليقين الفلسطيني الذي يجب أن تأخذه الإدارة الأميركية على محمل الجد.. بأن الموقف والقرار الفلسطيني ليس من باب المناورة، وإنما قوة منعكسة من ثقة القيادة بإرادة الشعب الفلسطيني وقدرته على المواجهة وتسجيل آيات الصمود، في ظل تعرض المصالح العليا للشعب الفلسطيني للخطر، وصمت المجتمع الدولي وتحديدًا واشنطن على جرائم منظومة الاحتلال الاستيطانية العنصرية بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية.

ليس معقولاً من الناحية المهنية الصحفية أن وسيلة إعلام تسمي نفسها فلسطينية، وتجعجع في خطاب (المقاومة) ليلاً نهارًا اعتماد تصريحات ووسائل إعلام المنظومة كمصادر ثقة وحقائق وبينات، ثم تتوجه بالأسئلة إلى شخصيات وطنية في مواقع قيادية بأسئلة من مضمون الدعاية المعادية، وكأن الوطني الفلسطيني في قفص الاتهام وليس عليه إلا الدفاع عن نفسه، وليس تقديم روايته المقنعة، حتى إذا فعل ذلك يعود المصاب بفايروس (فقدان الثقة) حتى النخاع إلى تذكيرنا بما ذكره هذا أو ذاك من رؤوس المنظومة أو ما ذكرته الصحيفة العبرية (الفلانية)، فهذا الأسلوب ليس منطقيًا ولا مقبولاً بوجهيه المهني والوطني كذلك.

ليس من حق أحد تنصيب نفسه وكيل نيابة لمنظومة الاحتلال والتعامل مع القيادة الوطنية كمتهم، فالمهنية الإعلامية الوطنية تتطلب متابعة قرارات القيادة ومواقفها بموضوعية ودقة متناهية، ومناقشتها ومعالجتها بروح المعارضة الوطنية، فالقضايا الوطنية ليست مساجلات ومناكفات دعائية حزبية، وتناولها لغرض التشكيك والإحباط ونشر اليأس ولتسجيل نقاط وهمية ستنعكس سلباً على الروح المعنوية للشعب الفلسطيني -هذا إذا كان هؤلاء معنيين ببقائها في أحسن درجاتها- ونعتقد أن الارتكاز على مبدأ احترام وعي المواطن الفلسطيني واحترام حقه في الحصول على المعلومة الصحيحة سيدعم الموقف والقرار الفلسطيني، فنحن لا وقت لدينا لنمارس ترف المعارضة الغوغائية كما يحدث في مجتمعات أخرى أصيبت بهذا الداء، فالمعارضة والمواقف المختلفة حق لكل مواطن ولكل وسيلة إعلام، لكن الأمور لا تؤخذ وفق رغبات شخصية أو فئوية أو تعميمات نازلة من فوق، وإنما تعالج ويسلط الضوء على نقاط خافية عن الجمهور، أما الادعاء بمصادر خاصة، وعما رشح من الغرف المغلقة التي يحلو للبعض (التمنطق) بها، فهذا احتيال على المواطن صاحب المصلحة الحقيقية في معرفة ما جرى، وحتى لا تبقى الحقيقة أسيرة وسائل إعلام مضادة، حرص سيادة الرئيس أبو مازن على إذاعة لقائه مع بلينكن على فضائية تلفزيون فلسطين ونقلته عنها فضائيات عربية واسعة الانتشار، فشاهد وسمع الشعب الفلسطيني ومعه الأمة العربية وكل معني بالحق الفلسطيني، الموقف الفلسطيني بحذافيره دون رتوش ولا مصادر خاصة، فالسيادة الرئيس أبو مازن لسان واحد ووجه واحد وقرار وموقف لا تأويل له إلا المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.

Exit mobile version