الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقاتشيء عن لوعة الأمهات.. "أم تيسير" الشويكي ولينا زلوم نموذجا

شيء عن لوعة الأمهات.. “أم تيسير” الشويكي ولينا زلوم نموذجا

قبل أن تعصف بهما الحياة، وتتشظى أحلامهما، كانت أم الشهيد ياسر الشويكي (أم تيسير)، وزوجته لينا، يعلقان آمالهما بأن يحملهما على الأكف، ويشاركهما ضنك الحياة، ويرتفع بأطفاله الستة، الذين باتوا ايتاما، الى أعلى المراتب كما كل الآباء.

في مثل هذا اليوم، في يوم الأم الذي يحتفي به العالم، لم تنتظر والدة الشويكي، كما زوجته، عند الباب بانتظار باقة الورد والهدايا المغلفة التي كان يحرص على احضارها بهذه المناسبة.

هناك في 12 مارس/آذار 2019 كانت نهاية ياسر الشويكي، وفق ما أعلنه الاحتلال الذي يحتكر المعلومة وتفاصيل الحدث، زاعما أن الشهيد حاول تنفيذ عملية طعن من دون أي دليل، وفق عائلته.

“لقد مرت أربع سنوات من اللوعة والفقدان.. إنه جرحٌ مفتوحٌ على الدوام.. ولا بهجة لأية أعياد بعده”، قالت والدته، بينما كانت زوجته لينا تحتضن صورته الى أقرب مكان من القلب.

“عصفت بنا الحياة، وتطايرت احلامنا كما تطايرت الأوراق التي كان يحملها زوجي الشهيد ياسر الشويكي حينما فتح جنود الاحتلال النار بدم بارد عليه أمام المحكمة في مدينة الخليل، بينما كان يوصل رزمة من البريد”، قالت زوجته لينا زلوم (37 عاما).

وأضافت “عشنا صدمة كبيرة باستشهاده وباحتجاز جثمانه، ونعيش في كابوس دائم.. لم نودعه، ولم ندفنه، ولا قبر له لنزوره ونحتضن ترابه وحجارته ونشكو له همومنا ومتاعبنا، ونخبره بأفراحنا وبأن ابنه البكر اسلام قد تفوق في الثانوية العامة بمعدل 90 علمي.. ذلك أنه كان على الدوام متلهفا لهذا النجاح.

وتابعت لينا زلوم، التي بات يصعب عليها الإجابة عن أسئلة أطفالها الفضولية والبريئة في ظل غياب أبيهم: “لقد مرت أربع سنوات على استشهاده.. لقد غيرتني الأقدار، وغيرتني الحياة ووضعتني أمام مسؤولية كبيرة، أم وأب لستة من الأطفال، أصغرهم توأمان كانا بعمر السنة ونصف لحظة استشهاد ابيهما، وأكبرهم (13 عاما) بات الآن طالبا جامعيا.”

وتقول زلوم، إنها تبذل كل جهد ممكن لتبقي زوجها الشهيد في حياة أبنائه: “كل من يريد مصروف المدرسة يأخذه من جيب معطف أبيه المعلق في خزانته.. كل صباح لهم مطالب واحتياجات، ماما اريد ان اشتري أقلاما أو دفاتر، وملابس العيد، وهدية لصديقي، فأقول لهم اذهبوا وخذوا من جيب أبيكم في خزانته.

أم الشهيد ياسر، قلبها ما زال مكسورا وتشعر بأن ابنها قتل مرتين، الأولى غدرا قرب المحكمة، والثانية باحتجاز جثمانه في زمهرير الثلاجات.

ما يخفف عن أم ياسر حزنها الذي لا يتوقف، وجوده الدائم بامتداده بأولاده: “لقد عشنا فرحة نجاح ابنه وتفوقه في الثانوية العامة ممزوجا بمشاعر متضاربة، إنها إرادة الله” قالت، مضيفة أنها تعيش شعور أن ابنها لم يمت وتشعر بروحه الجميلة في البيت.

وطالبت “أم ياسر” مختلف المؤسسات التي تعنى بحقوق الانسان، والصليب الأحمر، باسترداد جثمان ابنها وجثامين باقي الشهداء، وقالت: “ما دام جثمانه محتجزا في الثلاجة سيظل جرحنا نازفا، ولا يمكن ان تبرد النار في قلوبنا حتى يدفن في قبره بمدينة الخليل.

وأضاف والده الصحفي فوزي الشويكي “لم نُستدع للتعرف عليه، ولا نعرف إلى اللحظة مصيره سوى أننا أبلغنا عبر وسائل الإعلام والارتباط المدني (جهة التواصل الرسمية مع إسرائيل) بأنه استشهد، ولم يخبرونا إلى أي مكان اختطف”.

ووفقا للحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، تحتجز إسرائيل في ثلاجاتها جثامين 117 فلسطينيا، منذ عام 2015، إضافة إلى 256 جثمانا في مقابر الأرقام.

منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والمفقودين أمين البايض، أوضح أن دولة الاحتلال تحايلت على القانون في موضوع الجثامين، وكان هنالك قرار عدم أحقية احتجاز الجثامين، ولكن محكمة الاحتلال من خلال 7 قضاة منحتهم احتجاز الجثامين للمساومة عليهم، مشيرا الى انه لا يجوز المساومة على الجثامين، وكدولة احتلال عليها تسليم الجثامين حسب القانون الدولي، معتبرا ان هذا الملف ملف جزائي وليس تفاوضي.. بمعنى الطلب بتسليم الجثامين والكشف عن ملابسات استشهادهم من خلال لجان دولية للتحقيق في ظروف استشهادهم.

وقال، على العالم ومؤسساته الدولية ومؤسسات حقوق الانسان مواجهة الانتهاك الجسيم للقانون الدولي، والانحطاط الأخلاقي والقيمي المشين إزاء جثامين الشهداء وذويهم من قبل دولة الاحتلال.

على هذ النحو، ستظل حكاية ام الشهيد ياسر الشويكي، وحكاية زوجته الأم لينا زلوم، واحدة من بين مئات الحكايات عن الأمهات اللواتي يستحققن التكريم والاهتمام والاحتفال بهن في يوم الأم.. وفي كل يوم وعلى الدوام أيضا، لأن الاحتلال لم يستطع قتل أمومتهن وفيض حنانهن.

وفا- أمل حرب

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا