الرئيسيةأخبارالرئيسية"إلغاء فك الارتباط" .. إطلاق ليد الاستيطان في كل الأرض الفلسطينية

“إلغاء فك الارتباط” .. إطلاق ليد الاستيطان في كل الأرض الفلسطينية

في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، صادقت الكنيست الإسرائيلية، بالقراءتين الثانية والثالثة على إلغاء بنود في قانون “فك الارتباط” الذي أقر وطبق عام 2005.

وعند الثالثة فجراً، نشر رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلية، يولي إدلشتاين، المنحدر من حزب الليكود، على صفحته في تويتر مقطعاً مصوراً وقد أحاط نفسه بمجموعة من المستوطنين ليدلي بتصريح احتفاء بالقرار.

وقال: “لقد صادقنا على إلغاء قانون الانفصال، هؤلاء الناس الرائعون سيعودون إلى أرضهم وأرض عائلاتهم، ولن يعدوا بعد الآن مخالفين للقانون”.

وأضاف: أن “حكومته تتطلع لإعادة بناء المستوطنات، وهذا سيساعد ليس في الاستيطان فحسب، إنما في محاربة ما أسماه بالإرهاب وفي تطوير أرض إسرائيل”.

القانون الذي تم حذف بعض بنوده، دخل حيز التنفيذ منذ 18 عاماً، ونص في حينه على انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة وإعادة تموضعها على تخومه، وإخلاء 4 مستوطنات تقام على أراضي محافظة جنين، في شمال الضفة الغربية.

والبنود التي ألغيت بعد مرورها بالقراءات الثلاث في الكنيست، كان يحظر بموجبها دخول نطاق المستوطنات الأربع التي أخليت وجميعها في محافظة جنين، وهي “جانيم” و”كديم” و”حومش” و”سانور”.

ويسمح القانون الجديد بعودة المستوطنين إلى هذه المستوطنات التي تم تفكيكها، بإلغاء العقاب الجنائي الذي فرض بموجب قانون “فك الارتباط”، على من يدخل أو يقيم في تلك المستوطنات الأربع، الواقعة على أراض فلسطينية خاصة.

وبين عليان الهندي، الباحث في الشأن الإسرائيلي، أن محاولات المستوطنين تكثفت خلال العشر السنوات الماضية للعودة بشكل “غير قانوني” لتلك المستوطنات أو بعض منها، وإعادة إحيائها والآن وبعد سن القانون الجديد، سيكون متاحاً اتخاذ قرارات جديدة من “الإدارة المدنية” بإعادة بناء المستوطنات التي تم إخلاؤها في المنطقة الممتدة بين جنين ونابلس.

وأوضح أن القانون ما هو إلا بداية عملية الاستيطان من جديد، وفي المرحلة التالية سيكون هناك حاجة لإعداد المخططات الهيكلية لإعادة المستوطنين إلى أماكن تواجدهم قبل الانفصال، ويسهل ذلك أن الأراضي التي أقيمت عليها المستوطنات بعد أن تم تفكيكها، لم يسمح للفلسطينيين بإعادة استخدامها حتى لأغراض الزراعة، وبالتالي بقيت تحت سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي.

ونوّه الهندي إلى أن حجم البناء في المستوطنات المخلاة صغيرة الحجم، سيعتمد على عدد الراغبين بالعودة والإيواء إليها، ولكن أمام الشهية الإسرائيلية لقضم المزيد من أراضي الفلسطينيين، سينجح المستوطنون في إحضار المزيد من الأعداد إلى هذه المستوطنات وخاصة من المتدينين وأتباع الصهيونية الدينية ممن صوتوا لسموترتش وبن غفير في الانتخابات الأخيرة للكنيست.

وشدد على أن الاستيطان منذ بداية الصراع مع الحركة الصهيونية وحتى اليوم، لم يكن يخضع لمعايير إرضاء الناخبين، وإنما يقوم على “عقيدة” هدفها الأساسي إحلال المستوطنين اليهود مكان الفلسطينيين، وهذا يعني أنه لا يمكن حصر ذلك القانون في إطار الاتفاقيات الائتلافية فقط أو في تحقيق رغبات حزب معين وإنما ضمن تحقيق استراتيجية أشمل.

وبيّن منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة، أن الهدف الأساسي من هذا القانون هو سياسي بالأساس ويدلل على أن فكرة إخلاء المستوطنات مرفوضة بشكل قاطع، وحتى ما تم اخلاؤه ضمن مشروع تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات ومعازل تم التراجع عنه.

وأوضح أن العودة إلى المستوطنات الأربع المخلاة في جنين، يعكس رغبة الاستباحة الكاملة للأراضي الفلسطينية، لا سيما أن جنين كانت صاحبة النصيب الأقل من حيث الاستيطان، إلا أن ذلك الواقع قد يتغير.

وقال: “عودة الاستيطان إلى جنين بهذا الشكل هو استباحة لكل المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، فبالتالي لا يوجد حدود لتمدد المشروع الاستيطاني. اعتقد أن هذا يقع في إطار المشروع الصهيوني الذي يقوم على اساس اعتبار أن الأرض كل الأرض إسرائيلية، ويغذي ذلك خصوصاً بعد سن قانون القومية في 2018.

وأشار إلى أن كل التطورات القائمة حالياً، وبعد تحويل صلاحيات ما تسمي بـ”الإدارة المدنية” في الضفة الغربية إلى ولاية الوزير المتطرف بتسلئيل سموترتش، هو تجسيد لسريان “القانون المدني الإسرائيلي” على الضفة الغربية.

وأوضح في هذا السياق: “لم يعد جيش الاحتلال مسؤولاً عن قيادة الضفة الغربية، وهذا يحمل في طياته اعترافاً بإلغاء الاحتلال الإسرائيلي، وعندما يتم نقل صلاحيات الإدارة المدنية من جسم يقوده الجيش الى الوزارات المدنية هذا من الناحية العملية يعد ضماً للضفة الغربية، وهذا جزء من عملية إطلاق اليد للاستيطان في كل الأراضي الفلسطينية.

وحذر جمعة، من أن المستوطنات الأربع التي سيعود لها المستوطنون، لن تعود الى الحجم الذي أخليت عليه، إذ ستنطلق مشاريع وضع مخططات إعادة البناء، وسيرافق ذلك إعلان عما تسمى بالمناطق “الأمنية” لضمان توسع المستوطنات باستمرار.

ويضاف إلى ذلك، البنى التحتية والطرق والأبراج العسكرية والثكنات، التي سيتم العمل عليها من اجل تأمين وتسهيل دخول المستوطنين إلى تلك المناطق، بما يعني الاستيلاء على المزيد من الأراضي الزراعية.

ونوّه إلى أن جنين ستدخل وبقوة إلى مخطط “الكنتنة”، ومحاولة فرض الحصار والتفتيت في الضفة الغربية والفصل بين مناطق الشمال والوسط والجنوب، والفصل ما بين القرى والمدن، وعندما يتم ربط القانون الجديد بمسألة تشريع البؤر الاستيطانية سيعني أن عدداً هائلًا من البؤر الاستيطانية ستتحول الى مستوطنات لها مخططات توسعية كبيرة، ومن شأن ذلك أن يزيد من تفتيت الواقع الفلسطيني وحصار الشعب.

محمد دحلة المحلل السياسي والخبير القانوني، ذكر أن الحكومة الإسرائيلية تشجع الاستيطان على أكثر من صعيد، حيث تبني في المستوطنات القديمة والكبيرة وتصادق على مخططات لزيادة الوحدات الاستيطانية، ومنحت مؤخراً صبغة قانونية لمجموعة من المستوطنات العشوائية كما تسمى، والآن يأتي هذا القانون ايضا لكي يشرعن العودة إلى مستوطنات تم الانسحاب منها، والتي تقام في مناطق تعتبر نائية، ولا يختلف اثنان أنها كانت لتشكل جزءا من أي دولة فلسطينية مستقبلية.

ولكن، لماذا فككت سلطات الاحتلال وأخلت مستوطنات ستعود إليها بموجب الخطة الصهيونية؟ يجيب المحلل السياسي والخبير القانوني محمد دحلة، بأن قرار “فك الارتباط” اتخذ في مرحلة تلت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في إطار مساع اقليمية ودولية مورست على حكومة تل أبيب من أجل التوصل الى حل للقضية الفلسطينية، ومنح الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير، فاتخذ ارئيل شارون قراراً وسط معارضة كبيرة لدى أوساط اليمين المتطرف.

ويقول: “آنذاك، كان هناك رأي يقول إنه لا بد من حل مع الفلسطينيين حتى لو كان بشكل أحادي الجانب وبدون اتفاقيات توقع مع منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية، وتضمن الانسحاب من قطاع غزة وبعض المستوطنات في شمال الضفة الغربية، بداعي أن ذلك من شأنه أن يعطي إشارة بأن إسرائيل ماضية نحو تنفيذ حل الدولتين ولو بشكل تدريجي، لتستعيد ثقة البيت الأبيض وتفتح آفاقاً لتطبيع علاقات جديدة مع دول في العالم العربي”.

والذي تغير الآن حسب دحلة، العقلية، إذ تشكلت الحكومات التي تعكس مجتمعا أكثر تطرفاً، ترى في الانسحاب من المستوطنات تنازلا للفلسطينيين لم يكن ليحصل كونه يتعارض مع الرؤية الصهيونية، التي تعتبر أن دولة إسرائيل المزعومة يجب أن تقام على كامل أراضي فلسطين التاريخية.

وفا- رامي سمارة

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا