الرئيسيةمختاراتمقالات"أنا متعاون قسرا مع دولة إجرامية"!!

“أنا متعاون قسرا مع دولة إجرامية”!!

كتب: موفق مطر

الباحث والمؤلف ياكوف شاريت ابن موشيه شاريت أول وزير خارجية وثاني رئيس وزراء لحكومة منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية (إسرائيل) في الفترة ما بين 1954 و1955 اعتبر المنظومة “دولة اجرامية” وقال في مقابلة أجرتها الصحفية سارة حلم لموقع ميدل ايست البريطاني قبل حوالي 3 سنوات: “أنا نادم على المشروع الصهيوني بأكمله”.
مقابلة موسعة أجرتها الصحفية سارة حلم لموقع ميدل إيست آي البريطاني، قال المؤلف والباحث الإسرائيلي ياكوف شاريت إنه لا يأسف فقط على “تسوية النقب” في أربعينيات القرن الماضي، وإنما يندم على المشروع الصهيوني بأكمله.
وفي مقابلة نشرت في صحيفة هآرتس بتاريخ 19 ايلول 2021 معه قال الذي يعتبر من سلالة عائلة صهيونية بارزة وعضو سابق في الشاباك: “لقد ولدت دولة إسرائيل والمشروع الصهيوني في الخطيئة”.
وقال أيضا “أصف نفسي بأنني متعاون رغماً عني. أنا متعاون قسري مع دولة إجرامية.. ويرافقني اعتراف كل يوم ولن يتركني، الاعتراف بأن إسرائيل في النهاية دولة تحتل وتسيء إلى شعب آخر”.
ما نطرحه هنا على سبيل المثال وليس الحصر، يبين للباحثين عن الحقيقة أن الشعب الفلسطيني الذي لم يبخل بالتضحيات افتداء لأرض وطنه سينتصر حتما، ويجعل من المشروع الاستعماري الدولي – الصهيوني عبرة ودليلا على حتمية انكسار وسقوط وانهيار المشاريع الاستعمارية وتحديدا القائمة على نظرية التفوق العنصرية، فياكوف شاريت الذي بات من دعاة هجرة اليهود من إسرائيل لم يكن شخصا عاديا بسيطا، وإنما خبير بدهاليز المنظمة الصهيونية وأهدافها وطرائق عملها، البلماح (البالماخ)، وتطوع في اللواء اليهودي في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، وشارك في تأسيس كيبوتس في النقب، وخدم في جهاز الأمن العام (الشين بيت). وناتيف (مكتب الاتصال الحكومي للهجرة من أوروبا الشرقية). وللعلم فإن البالماخ هي سرايا الصاعقة القوة الضاربة لتنظيم الهاجاناه الإرهابي الصهيوني المسلح الذي تأسس في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين سنة 1941 ومن أشهر الأسماء فيه موشيه دايان واسحاق رابين ويجال الون، ويدين التاريخ البالماخ بسبب سجل منتسبيه الدموي الإرهابي، بسبب مسؤوليته عن هجمات إرهابية دموية وعمليات تفجير ضحاياها آلاف المواطنين الفلسطينيين إضافة، لسجلات التعذيب وتشريد وتهجير المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين، وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم ، حتى بات البالماخ العمود الفقري لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ياكوف شاريت الذي أيقظت الحقيقة عقله، حتى فقد الإيمان (بالصهيونية)، إثر العدوان الإسرائيلي في الخامس من حزيران سنة 1967 أثناء عمله لصحيفة معاريف، هو حفيد المواطن الأوكراني اليهودي من مدينة خيرسون يعقوب شرتوك (الاسم العائلي الأصلي) المصنف في قائمة أوائل الصهاينة ومؤسس (حركة بيلو) الصهاينة الذين عملوا على انتزاع اليهود من أوطانهم ووجهوا للاستيطان في وطننا فلسطين، ورغم ذلك لم يستطع البقاء في فلسطين إلا بضع سنوات وغادرها عائدا إلى بلاده.

يرى شاريت أن “جده كان حالما ولو كان وأقرانه واقعيين لما وصلوا فلسطين بالأساس، إذ لم يكن ممكنا للأقلية أن تحل محل الأغلبية التي عاشت على هذه الأرض مئات السنين” ويمكننا التصحيح آلاف السنين.. بل منذ الأزل، وبمناسبة السنة 47 على يوم الأرض، وفيما نحن على مشارف انتهاء السنة الـ76 على إنشاء منظومة الاحتلال لا بد من قراءة أقواله ببصيرة وطنية حادة ودقيقة وواسعة الأفق ليدرك المتشككون بأساليب النضال الوطني الفلسطيني ابتداء من التشبث بالأرض والحفاظ على الهوية والثقافة، ومرورا بالكفاح المشروع، وبالمقاومة الشعبية السلمية الميدانية المتوازية مع النضال القانوني والسياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية بأن مبدأ تحرير الأرض وحرية إنسانها الفلسطيني مرتبط أولا وأخيرا بإيمان الشعب الفلسطيني بحقه التاريخي والطبيعي الكامل غير المنقوص بأرض وطنه، وبأن الحب المتبادل ما بين الأرض وإنسانها الأصلي الأصيل هو السر الذي يجعلها تمنح الحياة وشرف الاسم لمن يعشقها ويفتديها بأسمى وأغلى ما يملك، على عكس الغزاة والمستوطنين الصهاينة الذين يدركون جيدا أن هذه الأرض فلسطين لن تمنحهم الحياة الأبدية عليها، لأنهم ليسوا من طينتها.
لم تفلح التنظيمات الصهيونية المسلحة مثل “الهاغانا، الإيتسل، الليحي، الأرغون” ولا جيش الاحتلال والحرب والجريمة في كسر إيمان الشعب الفلسطيني بأرض وطنه فلسطين، ولن تفلح ميليشيا بن غفير تحت مسمى (الحرس الوطني) ، فالشعب الفلسطيني كسر قناعة قادة المشروع الصهيوني بإمكانية تجسيده حسب المخطط في ثوراته المتتالية منذ العام 1920 مرورا بثورة 1936 وصولا إلى ثورة 1965 وفي سياقها انتفاضة يوم الأرض 1976 وثم الانتفاضتين: الكبرى 1987 والأقصى 2000، ولنا في قول ياكوف المتعقل دليل قاطع، فهو القائل: “كان ثمة ترقب ليوم سيئ سوف يأتي ويضطرون للمغادرة مع حقائبهم، لذلك كانت الأولوية دائما خلق أغلبية والتخلص من “سيكولوجية الأقلية إلى الأبد” لذلك رأى سياسات حكومات الاحتلال انعكاسا لكراهية عنصرية ناظمة لقوانين إسرائيل كدولة إجرامية” ومن المهم جدا قراءة رؤيته لآفاق المنظومة الضيقة والمحدودة عندما قال: “نحن نعيش على السيف.. لكنني لا أعتقد أنه من الممكن أن نعيش بالسيف إلى الأبد”. وبالمناسبة فإن مقولة العيش على حد السيف لزميله في البالماخ الجنرال موشيه دايان الوزير الأسبق لجيش الاحتلال.

المصدر: الحياة الجديدة

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا