مناورات نتنياهو

أعلن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية عن استعداده الفوري للعودة الى طاولة المفاوضات ودون شروط مسبقة، وقد استغل نتنياهو انشغال الفلسطينيين بقضاياهم الداخلية وأطلق هذا التصريح بغية احداث ارباك في صفوف الفلسطينيين وزيادة الضغوط عليهم بالإشارة الى استعداده للعودة الى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة وهو ما كان ينادي به الفلسطينيون برفضهم اي شرط اسرائيلي يعيدهم الى طاولة المفاوضات.
يدرك نتنياهو تماما ان الحد الادنى المطلوب فلسطينيا من خلال المفاوضات هو اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وهذا يتطلب من نتنياهو الاعلان مسبقا عن استعداده لإنهاء الاحتلال . وكانت حملة نتنياهو الانتخابية الاخيرة قد حملت بيانا واضحا برفضه ومعارضته بشكل قاطع اقامة دولة فلسطينية مستقلة ، وهذا البيان هو تمثيل دقيق للسياسة التي التزم بها نتنياهو ومنذ مجيئه على راس الحكم في اسرائيل. كما ان نتنياهو شكل حكومته على هذا الاساس ، بدعم اليمين المتطرف ومشاركته الحكم مقابل عدم الاعتراف بدولة فلسطينية.وجاء تعيين اليميني المتطرف “داني دانون”سفيرا لاسرائيل في الامم المتحدة دليل آخر على نوايا نتياهو الرافضة لعملية السلام واقامة دولة فلسطينية رغم ان تعيين دانون لاقى انتقادات حادة من قبل احزاب المعارضة الاسرائيلية واتهمت نتنياهو بجر البلاد الى مزيد من حالات الفوضى السياسية. كل تلك المعطيات تؤكد بان حكومة اسرائيل لم تعد راغبة بإقامة سلام مع الفلسطينيين.
ربما يدرك نتنياهو بان اسرائيل تقف على مفترق طرق ولم يعد امام ننياهو من خيارات استراتيجية سوى تسويق نفسه وحكومته دوليا بدولة راغبة في السلام وعلى استعداد تام للعودة الى المفاوضات من اجل تحقيقه، لكن المجتمع الدولي الذي يدرك حقيقة نتنياهو ويدرك مسئوليته التامة في افشال عملية السلام والجمود الحاصل في عملية التسوية يدرك تماما بان مجموعة من الاسباب دفعت نتنياهو للإعلان عن موقفه هذا.
نتنياهو ادرك تماما ومن خلال الحراك السياسي الذي يسود الساحة الفلسطينية بأن الفلسطينيون ذاهبون لتبني استراتيجية جديدة في ادارة الصراع، وقد بدا ذلك واضحا من خلال اهتمام اسرائيل ومحاولاتها الاستيضاح من اطراف دولية مقربة من القيادة الفلسطينية عن نوايا الفلسطينيين وتأثيرها على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حيث ابدت اسرائيل قلقها وأعربت عن مخاوفها من تغيير الاستراتيجية الفلسطينية من خلال قيادة جديدة يفرزها المجلس الوطني الفلسطيني يكون فكرها اقرب الى الافكار القديمة التي بدأتها الثورة الفلسطينية وتعلن عن تجديدها للكفاح المسلح.
صحيح ان عملية السلام فشلت وان حل الدولتين اصبح بعيد المنال لكن الفلسطينيون يشعرون بان دولتهم موجودة في الواقع وفي مخيلة العالم ولا يمكن ان تبقى اسرائيل تتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ، اذا ان هناك خيارات مطروحة يمكن ان تؤلم اليمين المتطرف جيدا من خلال العودة الى مفهوم الدولة الواحدة ومخاوف اسرائيل من العودة الى هذا الخيار الذي يؤيده العالم لكن اسرائيل ترفضه لأسباب ديمغرافية وجغرافية تصب جميعها في صالح الفلسطينيين.
نتنياهو يدرك جيدا ان هناك استحقاقات يجب دفعها لقبول الفلسطينيين العودة الى طاولة المفاوضات وهي المطالب نفسها التي كانت سببا في توقف عملية السلام .. الافراج عن الدفعة الثالثة من الاسرى الفلسطينيين ، وقف شامل للاستيطان ، تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال فإذا كان نتنياهو قد قرأ ذلك جيدا فان القيادة الفلسطينية لا تمانع العودة الى طاولة المفاوضات وهذا كله يأتي بعد تقديم ضمانات دولية بان المفاوضات المقبلة ستشهد ولادة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف في زمن يتم تحديده والاتفاق عليه وبدون تلك الشروط والضمانات فان مناورة نتنياهو ورغبته في العودة الى طاولة المفاوضات لن تلقى آذانا صاغية من قبل القيادة الفلسطينية.

مركز الإعلام

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا