إحذروا تصريحات ليبرمان نحو الرئيس كتب حمادة فراعنة

ما يقوله ليبرمان ، وما يُطالب به علناً ، وما يدعو له ، لإقصاء الرئيس الفلسطيني ، شبيه بما كان يقوله شارون عن الرئيس الراحل ياسر عرفات ، فقد أذى أبو عمار الإسرائيليين بضربات موجعة ، عبر عمليات كتائب الأقصى غير المعلنة ، وعبر تحالفه مع حركة حماس ، ودعمه لعمليات كتائب القسام وتحريضه لها لمواصلة العمل المسلح ضد جيش الإحتلال ، وشجبه للعمليات ضد المدنيين الإسرائيليين ، ولذلك وصف قادة المشروع الإستعماري الإسرائيلية سياسات الرئيس الراحل على أنها سياسات الباب الدوار ، وسياسة أبو عمار تلك جاءت رداً على فشل مفاوضات كامب ديفيد مع يهود براك برعاية الرئيس كلينتون في تموز عام 2000 ، لأن الإسرائيليين والأميركيين وضعوا سقفاً للمفاوضات لا تصل إلى مستوى الحد الأدنى المقبول فلسطينياً وخاصة في مسألتي القدس واللاجئين ، وكانت النتيجة أن شارون قالها لبوش ” علينا مساعدة الله على إزاحته ” ، وهكذا تم إغتيال قائد الشعب الفلسطيني بالسم أو بالأشعة ، ورحيله لأنه أعاق المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، وعمل جدياً على هزيمته ، وعلى صمود شعبه على أرضه ، ووضع خريطة طريق لإستعادة حقوقهم في مسألتي العودة والإستقلال .

والرئيس محمود عباس ، الذي إختلف مع رئيسه الراحل حول وسائل الكفاح وأشكاله ، وأعلن رفضه لممارسة العمل المسلح علناً ، ومقابل ذلك ، أعلن إنحيازه للعمل الشعبي المقاوم ، وفق ما حصل في الإنتفاضة الأولى ، وركز جهده نحو العمل السياسي على المستوى الدولي ، كون الصهيونية ومشروعها ، لم ينجحا ، إلا بفعل الإعتماد على الدعم الدولي ومظلته ، ولذلك إعتمد أبو مازن على النشاط الدبلوماسي ، والتحرك على المستوى الدولي مسنوداً بالموقف العربي ، فحقق إنجازين في غاية الأهمية أولهما مسح صفة الإرهاب عن النضال الفلسطيني والذي سببه العمليات ضد المدنيين الإسرائيليين ، وثانيهما إختراق المجتمع الدولي بسلسلة من الخطوات الدبلوماسية الهامة ، بدأت برسالته إلى السكرتير العام للأمم المتحدة يوم 23/9/2011 ، وتقديم طلب عضوية دولة فلسطين للأمم المتحدة ، وتحقق ذلك ، بنجاح قبول فلسطين لعضوية اليونسكو 2011 ، وقبول فلسطين دولة مراقب لعضوية الجمعية العامة 2012 ، وتوجت هذه الخطوات التصعيدية المتلاحقة والمتقطعة يوم 2/1/2015 ، بوضع الأرضية والخطوات الأجرائية الملائمة لقبول فلسطين لعضوية المحكمة الجنائية الدولية في بداية نيسان المقبل ، بعد توقيع الرئيس على ميثاق روما ، مما سيؤدي لاحقاً إلى جلب كافة المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين الإسرائيليين الذين أذوا الشعب الفلسطيني ، وإرتكبوا جرائم حرب بحقه ، أفراداً وجماعات منذ عام 2002 حتى يومنا ، حيث سيتم جلب المجرمين منهم وفق الخطوات التدريجية الثلاثة :
الإدعاء والمحاكمة والعقوبة ، لمن إقترف منهم جريمة أو جرائم ضد الإنسانية وما أكثرها ، سواء بالإستيطان أو الترحيل ، أو ضد الأسرى والمعتقلين ، أو القتل والتدمير وخراب بيوت الناس الفلسطينيين المدنيين ، والأدعاء بدأ عملياً فحص تسجيل قضايا ضد جيش الإحتلال ، بعد أن تسلم طلباً بخصوص ذلك ، فقد أعلنت المدعية العامة الرئيسية للمحكمة الدولية فاتو بن سودا يوم 17/1/2015 ، على أنها ستشرع في فحص أولي وإستباقي ستكون نتيجته ، التوصل إلى قرار إذا توفرت قرائن كافية لفتح تحقيق ، أو عدمه .

ردة الفعل الإسرائيلية الرسمية متوقعة ، لأنهم كانوا فوق القانون ويملكون وسائل ونفوذ التهرب من المسائلة ، وحان الوقت ليدركوا أن ثمة رادع قانوني وإنساني عادل سيلاحقهم ، وردة الفعل الأميركية لم تكن مستبعدة ، فأحد مصادر قوة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي يتمثل بإنحياز الولايات المتحدة لإسرائيل وتشكيل مظلة أمن وحماية لها من أية مسائلة أو عقوبة رادعة ، ولذلك كانت إسرائيل الدولة الوحيدة التي تتصرف ضد القانون وتحظى بمكانة فوق القانون الدولي .

تصريحات ليبرمان ضد الرئيس الفلسطيني ، إما تعبيراً عن تمنياته ، أو تعبيراً علنياً لما يُقال داخل أروقة حكومته وإئتلافه مع نتنياهو الذي لا يقل غضباً وتطرفاً عنه إزاء الخطوات الفلسطينية القانونية المتلاحقة ، أو أن تصريحاته تستهدف ردع القيادة الفلسطينية من مواصلة خيارها القانوني ، وفي كل الأحوال ، يحتاج الشعب العربي الفلسطيني بمكوناته الثلاثة أبناء 48 وأبناء 67 وأبناء الشتات والمنافي للتوحد حول برنامج وطني مشترك ، في إطار سياسات منظمة التحرير ، وقيادتها الإئتلافية الجامعة المبنية على الشراكة الوطنية الواسعة من كافة الفصائل – بدون إستثناء – مع الشخصيات والرموز والفعاليات الوطنية محلياً وعربياً ودولياً ، للقيام بأوسع حملة تكاتف وتضامن وتوحيد ، لحماية البرنامج الوطني الفلسطيني والحقوق الوطنية الواضحة والثابتة غير القابلة للتصرف وفق قرارات الأمم المتحدة ، 181 و194 و 242 و 1397 و 1515 ، وغيرها ذات الشأن ، من أجل دعم وإسناد الخطوات الفلسطينية ، وكشف الأذى الإسرائيلي المخطط والمبرمج ، وتعريته ، ليس فقط حماية للرئيس الفلسطيني بل ومجمل أطراف وشخصيات الفعل والقرار الفلسطيني .

h.faraneh@yahoo.com

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version