المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الكساسبة الشهيد والشاهد

لم يكن الطيار العربي الاردني المسلم معاذ الكساسبة وهو في قبضة ” داعش ” غير ذاك الاسير الذي يحرم الاسلام الحنيف المساس به، حتى في لفظ مسيء، لكن هذا التنظيم الاسلاموي الارهابي، بجهالة الظلاميين وبتحجره السلفي، لا يعرف ذلك، ولعله لا يريد ان يظهر ذلك، حين لا يظهر حقيقة الاسلام الرحيم، اسلام المحبة والكلمة الطيبة والدعوة الى سبيل الله بالحسنى، وهو يواصل صناعة هذا المشهد البشع عن الاسلام والمسلمين….!! اي مشهد ابشع من هذا الذي صنعه وصدره قبل ايام، بقتل اسيره المسلم معاذ الكساسبة حرقا وهو لا يزال حيا في قفص حديدي!! اي مشهد ابشع من هذا الذي يذكر بأفران النازية، لحظة انتكاس التاريخ بالفكرة العنصرية، ولطالما يواصل “داعش” صناعة وتصدير هذا المشهد فمن حق المسلم الحق ان يقول على الاقل مع حسن النوايا: ان وراء الاكمة ما وراءها. .!!! والحق انها اكمة لم تعد شائكة وما يكمن خلفها لم يعد غامضا، انه مشروع العقلية الماضوية بتحجرها السلفي، مشروع الاسلاموية السياسي، بتحزبه الاخواني منذ ان قرر”حسن البنا” تشكيل التنظيم السري الخاص للجماعة بقيادة “عبد الرحمن السندي” المتهم باغتيال القاضي الخزندار والنقراشي باشا في مصر الاربعينيات، مسترشدا بتجربة “الحشاشين” لحسن الصباح، ومغرما بالتنظيرات العنصرية للنازية، وقارئا دونما شك ” معالم على الطريق ” لسيد قطب.
نوضح ذلك كي نرى ابعد مما يقال عن صناعة المخابرات الدولية لهذا التنظيم، ان يكون مخترقا من هذه المخابرات فهذا امر وارد تماما، لكن المؤسسين قد خرجوا من عباءة البنا والقراءات المتطرفة المنزوعة التاريخ حتى لنصوص السلف.
ولهذا السبب وعلى هذا الاساس فان القيادي في حركة حماس الاخوانية, سالم سلامة, لم يستنكر فعلة داعش فحسب, بل انه ذهب الى تبريرها وهو يحمل أداء الواجب للطيار الشهيد الكساسبة مسؤولية حرقه حيا, وكذلك فعل بهذه الكلمات او تلك القيادي الحمساوي يحيى موسى.
ونقول ان كل هذه الجماعة المتطرفة قد خرجت من تحت تلك العباءة وتلك القراءات الخاطئة والمتطرفة, فلأننا لا نريد أن نكفر احدا فلسنا من اصحاب الفتاوى لكي نفعل ذلك.
لكن بوسعنا ان نقول، وقد قال “الازهر” الشريف ذلك, ان هذه الجماعة هم خوارج هذا العصر، وتعرفون ماذا فعل الخوارج في زمانهم ذاك، فهم من اصحاب الفتنة الكبرى في تاريخ الاسلام والمسلمين، الفتنة التي ما زلنا حتى اللحظة نعاني منها، وقد اخرجت لنا اكثر من سبعين فرقة. .!!
إن مشهد معاذ الكساسبة وهو يجابه النيران بيديه وقد شبت في جسده المنهك من التعذيب، لهو مشهد يضعنا جميعا امام سؤال المصير، فبقدر ما هو مشهد مؤلم وخارج الوصف والتعبير، بقدر ما يقترح علينا من خراب عظيم، لمستقبلنا وحضورنا الانساني المتحضر بين الامم. ..!! انه مشهد الحريق الذي يسعى ليطال هذا الوطن العربي بأهله وحضارته، وما انجز عبر التاريخ من علوم ومعارف وقيم, لا يرعبنا هذا المشهد برغم بشاعته الاجرامية، لكنه يقلقنا ان يتواصل اذا لم ندرك كيف ينبغي ان نواجه مثل هؤلاء الخوارج ونسقط مثل هذا المشهد، اللحظة الراهنة والكساسبة قد اضاءها بجسده المشتعل هي لحظة تاريخية تستوجب وحدة كل القوى الوطنية العربية، والهيئات الرسمية وغير الرسمية، الاهلية والشعبية، كي تتخذ موقفا واحدا موحدا ضد هذا الارهاب المدمر، لمحاربته على نحو شامل، لا بالوسائل والطرق الامنية فحسب، بل وبالتعبئة المعرفية الوطنية والقومية والانسانية، بالثقافة والتنوير، وقبل كل شيء بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بالكرامة حين تصان وبالحرية حين تنير دروب التعبير والابداع.
نعم انها لحظة تاريخية قد اضاء حضورها الشهيد الكساسبة، فلا بد من مجابهة تحدياتها والتصدي لمهماتها، قبل ان تأتي نيران ” داعش ” على الاخضر واليابس في هذه المنطقة.
ومع الاردن الشقيق قدما مع ثأر الحق حتى اندحار الباطل، ولا تراجع عن هذه الطريق.

رئيس تحرير الحياة الجديدة

Exit mobile version